تطالب المرأة منذ الأزل بحياة العدل والمساواة والحرية، ولم يشهد التاريخ المعاصر للمجتمع الإنساني صراعا اجتماعيا مثلما شهد في عمل المرأة خارج إطارها المعهود، ولقد استلزم الأمر وقتا طويلا إلى أن آمنت الشعوب وأجمع مفكروها على أن عمل المرأة ومشاركتها في عملية البناء أمر ضروري في مسيرة التنمية والبناء واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية حقوقها بناء على ثوابت راسخة. حيث كانت المرأة في العصر الغابر تستغل من جميع النواحي واستمر في جاهلية هذا العصر حيث تمارس على المرأة تلك الممارسات بصور وأشكال وآليات مختلفة، على الرغم من التطور العلمي والتقني، وهو أوضح دليل على جاهلية هذا العصر، فوضع المرأة في المجتمع هو المؤشر على رقي ووعي المجتمع وتحضره، فالمرأة نصف المجتمع بل من يصنع المجتمع الإنساني بأكمله، وكانت متمكنة من أداء دورها الاجتماعي والسياسي بصورة صحيحة وبما يحقق الهدف الصحيح ولنا بالسيدة خديجة رضي الله عنها أسوة حسنة كانت تاجرة ذات شرف ومال وكانت أم المؤمنين ذات الطهر والعفاف سند الرسول الله صلى الله عليه وسلم طوال حياتها، وساهمت المرأة في إيجاد أسرة مترابطة مستقرة ذات أبناء لهم بناء فكري وروحي ونفسي وبدني سليم ومجتمع آمن، تعمل بإنجاز وإتقان وبكل حرفية وفقاً لتعاليم الدين رغم بقاء شتات تلك النظرة لها، ودولتنا الرشيدة شاركت المرأة في كثير من مناصب الدولة وفي صناعة القرار حين أشركت في مقاعد مجلس الشورى ليكون صوتها مستقلاً غير تابع ولا خاضع لأحد، فالمرأة إذا ما مكنت من أداء دورها الطبيعي ستساهم بقدر كبير في صناعة وصياغة الإنسان صياغة تجعله أهلاً لأداء الأمانة التي حملها ودور الاستخلاف في الأرض، بل في صناعة وصياغة الحياة،، ولذا لا يجب أن تنهك المرأة وتشتت جهودها وتهمش وتستغفل وتستغل، ليعاد ترتيب وضعها ترتيباً صحيحاً مراعياً ناحية الخصوصية اجتماعياً وسياسياً بما يناسب مكانتها من خلال تمكين المرأة من أداء دورها الطبيعي تجاه المجتمع دون حيل فكرية وسياسية ودون استغفال واستغلال، فوضع المرأة في مكانها المناسب والصحيح والاعتراف بدورها المهم والأساسي في صناعة المجتمع وصناعة الحياة هو أحد أهم مفاتيح الإصلاح في المجتمعات النامية، مما يستدعي كل ذلك إلى عمل مفارقة بين سيكولوجية تمكن المرأة وتمكينها، حيث يكون التمكن بواسطة نفسها والتمكين يكون بواسطة أحد من الناس. وكانت المرأة متمكنة بالتحفيز النفسي مما زادها إصراراً أملته على نفسها للوصول إلى الهدف المنشود الذي سعت وما زالت تسعى للوصول لقمة التميز به. والتمكين يحدث بحافز من شخص ما حيث يقوم هذا الشخص بمساعدتك على التمكن من إحراز هدف تسمو إليه سواء أكان تمكينه له بحافر مادي أو بحافر معنوي. وفي حالة التمكين يعمل الحافز هنا إلى بذل الكثير من الجهد لأنه قد مكن من انجاز أمر ما مما يدعوه إلى البذل منفرداً لهذه المجهودات. يقول داني م. ليبزيغر، نائب رئيس البنك الدولي «إن تمكين المرأة من أسباب القوة الاقتصادية ليس قضية تخص المرأة وحدها دون سائر البشر، بل إن هذا التمكين هو قضية تنمية، فقصور الاستثمار في الفرصة الاقتصادية للنساء يؤدي لا محالة إلى نمو اقتصادي يرسف في أغلال التقييد والمحدودية فضلاً عن إبطاء وتيرة التقدم الواجب تحقيقه في مجال تخفيض أعداد الفقراء». وهناك مستويات لتمكين المرأة: 1- المستوى الفردي: يعبر عن قدرة النساء على السيطرة على حياتهن، إدراكهن وإحساسهن بقيمتهن وقدراتهن، وقدرة المرأة على تحديد هدفها والعمل على تحقيقه. 2- المستوى الجماعي: يعكس قدرة النساء على تنظيم أنفسهن والعمل الجماعي وإحساسهن بقوتهنَّ في تجمعهن. مستوى المناخ السياسي والاجتماعي، والقواعد الاجتماعية والحوار العام، حول ما يمكن أو لا يمكن للمرأة القيام به.