في الكلمة التي ألقاها قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله- في جلسة العمل التي عقدها قادة دول مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها في مدينة أنطاليا التركية ما يدعو للتأمل في تضاعيفها وما جاء فيها من نقاط هامة تهم دول المجموعة وتهم دول العالم قاطبة لاسيما التركيز على السبل الكفيلة باحتواء الارهاب وتقليم أظافر الارهابيين. لقد جاءت هذه الكلمة الضافية متزامنة مع الأحداث الارهابية المؤسفة التي هزت باريس وألقت بظلالها على أعمال القمة فانصرف جل اهتمام المجتمعين الى التباحث في وضع الاستراتيجية الموحدة المناسبة لتخليص العالم من شرور المنظمات الارهابية التي لا تزال تعيث فسادا وتخريبا وتدميرا في العراق وسوريا وفي غيرهما من الأقطار والأمصار، وترسل بمنتحريها لتفجير الانجازات الحضارية لكثير من الشعوب في الشرق والغرب كما حدث في العاصمة الفرنسية مؤخرا. ان ما حدث في فرنسا قد يتكرر فيها مرة ثانية، وقد يتكرر في أي جزء من أجزاء هذه المعمورة، وقد عانت المملكة كبقية دول العالم من ويلات تلك الزمرة الحاقدة من الارهابيين، فلا بد والحالة هذه أن تتكاتف جهود العالم في محاولة جادة ودؤوبة لاقتلاع تلك الظاهرة البغيضة من جذورها، وهذا ما أشار اليه المليك المفدى في كلمته الضافية أمام قمة العشرين. ان الضرورة تقتضي كما جاء في تضاعيف الكلمة مضاعفة الجهود المبذولة لاجتثاث آفة الارهاب الخطيرة وتخليص العالم من شرورها فهي بالفعل آخذة في تهديد السلم والأمن الدوليين من جانب وآخذة في عرقلة واعاقة كل الجهود المبذولة لتعزيز التنمية الاقتصادية واستدامتها في كل دول العالم من جانب آخر، فالحرب على الارهاب هي مسؤولية جماعية لا فردية ولا بد من مشاركة دول العالم كلها في هذه الحرب. محاربة الارهاب تحولت اليوم الى مسؤولية تقع على عاتق كل المجتمعات البشرية دون استثناء، فهي داء عالمي لا جنسية له ولا دين ولا بد من محاربته ومحاصرة تمويله وتشجيع التعاون الدولي لايجاد أفضل الحلول المناسبة والسريعة للقضاء عليه، فهو داء مستشر لا يستبعد وقوعه في أي مجتمع وفي كل لحظة، وهذا ما يحدث بالفعل على كل الساحات البشرية. ومصلحة العالم بأسره تستدعي التضافر لمحاربة الارهاب بكل حزم وعزم وصرامة للحيلولة دون تفشي هذه الظاهرة واستفحالها، وتعاليم العقيدة الاسلامية السمحة التي تتخذ منها المملكة أسلوبا تحكمه في كل شؤونها وأمورها تحارب هذه الظاهرة وتدعو لمحاربة أصحابها وتضييق الخناق عليهم، فهي مدعاة لتخريب المجتمعات والنيل من حريتها وكرامة أبنائها وتهديد استقلالها وسلامة أراضيها. الاسلام هو دين الوسطية والسماحة وهو منهج يحث على التعاون والتآزر والتلاحم لمواجهة الأشرار في أي مكان، فلا بد والحالة هذه من مواجهة جماعية دولية تتصدى لظاهرة الارهاب وتحاربها بكل السبل والطرق المؤدية لتخليص العالم منها، وللمملكة جهود مثمرة في انشاء المركز الدولي لمكافحة الارهاب تحت مظلة الأممالمتحدة، وقد حان الوقت لدعم هذا المركز وتعزيز أدواره المرسومة لاحتواء ظاهرة الارهاب وتخليص العالم من ويلاتها وشرورها.