لكلِّ إنسانٍ من اسمه نصيب لذا كان «الجبر» جبرًا في الشدائد، ولسنا نكتب عنه لأجل جائزة حصدها.. على أن رمزيتها كبيرة ومعناها خطير، لأن الجوائز تسعى إليه ولا يسعى لها ولأن التكريم أضواء، وهو يحب أن تمر صدقته في الخفاء فلم يفتح ذراعيه للتكريم. ولم يتصدَّ لثناء زائلٍ، رجل طيب، من أصل طيب، في أرض طيبة، يعين المسكين بالفعل الطيب، والمال الطيب، والكلمة الطيبة! وللأحساء أن تفخر بابنها البارّ عبداللطيف الجبر! ولسنا عن الجوائز نتحدث.. وإن كان اسم الجائزة أخّاذًا يلخِّص مسيرة عُمْرٍ في خدمة الإنسانية (السلام والازدهار)، مفردتان هما تاريخ نضال صامت سلاحه الصدقة، وسبيله البناء، وغايته البسمة المجرّدة على وجه مواطن أو مقيم، هي غاية التعب ومرقاة النجاح!. من دعم الأندية الأدبية إلى المياهِ ومن إسكان محدودي الدخل إلى المشاريع العملاقة.. ومن المستشفيات إلى المدارس! عرف أن الشراكة الرابحة هي دعم بلاده في أهدافها، أعطى درسًا مختلفًا، مفاده: لا يجب أن تكون مسؤولا حتى تخدم، ولا وزيرًا حتى تبني وتعمِّر، تراه وعيا مبكرًا أن (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة)، فكان ديدنه وشعاره: «كن في حاجة أخيك، فرِّج عنه، استره»؟! لم يكن لي شرف التعامل معه، لم أعرفه عن قرب، ولا أدري إن كان سيقرأ كلماتي العجاف هذه، لكنها على كل حال عِبرَة في الإخلاص، بأنه هكذا تمضي السيرة العطرة في الناس.. تحفزِّهم فينكِّبون ظهر الأرض بحثًا عن صاحبها، يكون ريحانة مجالسهم وأنيس كتاباتهم، عرفوه أم لم يعرفوا، لكنني على كل حال أفخر بأن في مملكتنا نماذج ساطعة تترجم الدين عملا، والعطاء اتجاهًا، تسعى لأن تُذكر في ملأٍ أعلى من تجمعات الأرض وأبواق المصفِّقين، وضعت نصب عينيها الشراكة الهادفة، والاضطلاع بدائرة قُطْرُها المعوز والمحتاج، يدًا بيدٍ مع حكومة نشطة، ورؤية عميقة لأولياء أمور أشاعوا جوًّا للعمل التكاملي، فاصطبغ بصبغة المحسنين. هذه هي الروح المنشودة والسعي الدؤوب هكذا يتحول الخير من واجب إلى مبادرة ويبقى الإحسان تطوُّعًا والفضل طبيعة بالجبر وأولاده، بالجبر وإخوانه، بالجبر وأمثاله من أهل العطاء يتلوَّن وجه المملكة التي نرغبها ونتمناها، نورًا خالصًا من الدفء والتلاحم، شريعة سمحة تحث على العطاء، وتدفع إلى البذل.. والجهاد بالمال والنفس والكلمة! من ذلك النور يأتي شعاع «الجبر» هكذا تسعى الجوائز إليه.. وهو في غنًى عنها. فجزاه الله خير الجزاء.