سيظل الصراع محتدما بين الفلسطينيين والاسرائيليين طالما تجاهل حكام تل أبيب مبادرات السلام ومستلزماته، وأهمها تلك المبادرة التي أجمع العالم على أنها السبيل الأمثل لتسوية الأزمة العالقة في المنطقة، وهي إقامة الدولتين المستقلتين، غير أن اسرائيل ما زالت تتجاهل تلك المبادرات وتضرب بها عرض الحائط، ونتيجة التجاهل تظهر بين حين وحين على شكل تلك الانتفاضات المتكررة كانتفاضة السكاكين الحالية. لقد دعت المملكة مرارا وتكرارا عبر مختلف المحافل الدولية إلى ضرورة انصياع اسرائيل لمبادرات السلام، القائمة على العدل والانصاف ومنح الشعب الفلسطيني حقه في الحرية وحقه في استعادة حقوقه من براثن الاسرائيليين، وقد أيدت دول العالم قاطبة هذه الدعوة الصادقة، غير أن اسرائيل ما زالت تتجاهل هذه الدعوة كغيرها من الدعوات التي تصب في روافد إنهاء الأزمة بالتوجه نحو السلام الحقيقي العادل والمنصف. من حق الشعب الفلسطيني أن يقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، لتصبح عضوا كاملا بمجلس الأمن، وهو حق مشروع ما زالت دول العالم ترى أنه يمثل الحل الوحيد لأزمة عالقة تعتبر من أطول الأزمات السياسية في العصر الراهن، وسيطول أمدها طالما تجاهلت اسرائيل مقتضيات السلام ومستلزماته، وهو تجاهل سيبقي فتائل التوتر مشتعلة في المنطقة، وسوف يؤدي إلى تعقيد الأوضاع وتصاعد العنف. الانتفاضة الأخيرة ليست الوحيدة من نوعها، فطالما انتفض الشعب الفلسطيني مطالبا باسترجاع حقوقه المشروعة وفقا لقرارات الشرعية الدولية وقوانينها المرعية، وإذا توقفت انتفاضة ما فإن انتفاضة جديدة سوف تولد حتما كما هو الحال مع الانتفاضة الأخيرة، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإن احتمال قيام الانتفاضة الثالثة المرتقبة ليس مستبعدا في ظل تعنت اسرائيل وإصرارها على تجاهل الحقوق الفلسطينية المشروعة. سوف يبقى الصراع قائما، وسوف يسقط المزيد من القتلى والجرحى بين الطرفين؛ طالما تجاهلت اسرائيل حقوق الفلسطينيين وعمدت إلى بناء المزيد من المستوطنات، وساعدت المستوطنين على اقتحامات القدس الشريف والاستهانة بمشاعر المسلمين. وتوقف موجات العنف المتجددة لن يتحقق بمطالبة الطرفين بضبط النفس والركون إلى التهدئة، وإنما التوقف يكمن في احترام اسرائيل لمستلزمات السلام ومبادراته العادلة. تحريض اسرائيل على مواصلة العنف في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لن يزيد الوضع إلا تعقيدا، ولن يزيده إلا اشتعالا، فالانتفاضة مستمرة لانتزاع الحقوق الفلسطينية والإسلامية من براثن اسرائيل التي ما زالت تراهن على تمرير عدوانها باستمرارية احتلالها لأراضي الفلسطينيين والتوسع في بناء المستوطنات، وتجاهل المبادرات السلمية لانهاء النزاع القائم بالطرق العقلانية والمنطقية. ولا بد في هذه الحالة التي يتعرض معها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة للتصفية أن يتدخل المجتمع الدولي؛ لحماية الشعب الفلسطيني من العدوان، ومطالبة الفلسطينيين بالحماية هي مطالبة مشروعة، ولا بد من وضعها موضع التنفيذ من قبل الأمانة العامة للأمم المتحدة؛ لكبح اسرائيل ومنعها من استمرارية العدوان ضد الفلسطينيين. فالحماية الدولية أضحت مطلبا مشروعا وفقا لأنظمة الحماية الدولية وأسسها القانونية. شعب فلسطين يتعرض اليوم لأبشع عدوان في تاريخه، فلا بد من تواجد قوة حماية دولية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وفي المواقع المقدسة؛ لوقف الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على مقدسات المسلمين وعلى الحقوق الفلسطينية المشروعة.