في ضوء ماتشهده مدينة القدس من توترات، بدأت بالاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على المسجد الأقصى الشريف في محاولة لتهويده وتقسيمه، وما أعقب ذلك من مواجهات حادة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال؛ حيث طعن من طعن من الإسرائيليين وقتل من قتل من الفلسطينيين، في ضوء ذلك فإن التكهنات التي تتوقع قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة قد تكون محتملة خلال الأيام القليلة المقبلة. التعسف الإسرائيلي تزامن مع استنكار الحكومة الفلسطينية للتصعيد في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، والوضع كما يبدو بحاجة سريعة لحماية دولية تضمن عدم الاعتداء المتكرر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني، وحماية المقدسات الإسلامية من عبث إسرائيل ومحاولاتها المتكررة لتقسيم القدس زمانيا ومكانيا، فالاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة بلغت ذروتها والوضع قابل للانفجار في أي لحظة. ان ما يجري على الأراضي الفلسطينيةالمحتلة من تجاوزات اسرائيلية- وآخرها ما أعلن من منع الفلسطينيين من دخول البلدة القديمة لمدة يومين، وقد ترافق هذا المنع مع استخدام السلطة الاسرائيلية للرصاص الحي ضد الفلسطينيين، وكذلك تصعيد التوتر من الجانب الاسرائيلي الذي يوحي بأن العنف سوف تزداد ضراوته بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي- تلك الأحداث تستدعي تدخلا دوليا قد يحول دون وقوع حدوث الأسوأ بين الطرفين. أحداث العنف الأخيرة التي سقط على اثرها من سقط من القتلى والجرحى من الجانبين، تمهد لقيام موجة طويلة من العنف قد تفضي لنشوب انتفاضة فلسطينية ثالثة، وهو أمر سوف يؤدي بالطبع الى تعقيد الأوضاع المتأزمة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، ويقذف بعملية السلام بين الطرفين الى مهب الريح، فالتوجه لاحياء عملية التفاوض الفلسطيني/ الإسرائيلي لايمكن أن يكتب لها النجاح في ضوء ما تمارسه إسرائيل على الأرض. استنكار الحكومة الفلسطينية للتصعيد الإسرائيلي الأخير لا يبدو كافيا، فما تنتهجه إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني في القدسالمحتلة والضفة الغربية يشكل خطرا داهما سوف يمهد لمواجهة عسكرية كبرى بين الطرفين، وهو أمر مناقض لتوجه المجتمع الدولي الذي يميل إلى حث الطرفين للتفاوض تمهيدا لقيام السلام في المنطقة، غير أن هذا التوجه يتطلب في الوقت الراهن تدخلا فاعلا لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها واعتداءاتها المتكررة في القدس. احتمال قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة في ضوء ما تمارسه إسرائيل من تعسف ضد المقدسات وضد أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة لا يبدو بعيدا، فالعنف سوف يؤدي الى قيام تلك الانتفاضة التي سوف تبعثر أوراق الحلول السلمية لأزمة المنطقة، وسوف تطيح بكل التوجهات السلمية لإشاعة الأمن والاستقرار فوق الأراضي المحتلةالفلسطينية التي مازالت تغلي كالمرجل تحت أقدام حكام تل أبيب. ليس من سبيل لوقف العنف الدائر على أرض فلسطينالمحتلة إلا بامتثال إسرائيل لوقف تعسفها واعتداءاتها المتكررة ضد المسجد الأقصى الشريف، وضد سكان القدس، وهو أمر يتطلب تدخلا دوليا مسؤولا لتجنب التصعيد ومواجهة ما تمارسه الشرطة الاسرائيلية من استخدام الرصاص الحي ضد الفلسطينيين.