هي الحياة ترسم لك طريق الألم في عز أملك، وتخرجك من بحر الفرح لرمال الجرح، والعكس صحيح. هي الحياة التي تحول الحلم في طرفة عين لواقع مؤلم، فتعبس بوجهها بعد أن أذاقتك أملا جديدا، والعكس أيضا صحيح. هي الحياة التي تسعدك اليوم، وترسم لك التعاسة بنفس الأداة التي أدخلت لقلبك السرور يوما ما. ترى ما العلاقة بين سيناريو الحياة، ودراما المستطيل الأخضر بلعبة جامدة لا علاقة لها بالأحاسيس والمشاعر تركلها الأقدام وتضربها الرؤوس. هي الأخرى ترسم لك فرحا، وتنقش جرحا دون أن تعي ما تفعل بقلوب تنبض سعادة وأخرى تعاسة. كرة لا تتحدث ولا تسمع وتهان كل يوم، ومع ذلك تنثر دموعا للاخرين بعضها يبعث أملا وبعضها ألما. ليس لها أمان، تسرق فرحك في عز استعدادك للاحتفال، وتغوص بك من المعلوم للمجهول، كأنها بحر تعوم لاستخراج اللؤلؤ والمرجان وعندما تمسك به ترسل الحيتان لابتلاعه. تسرق النوم من أعين البشر، إما لسرور قادم أو وجع بعيد تقربه بغدرها في أوج لحظات الفرح. يا لها من جامد أصم تنفطر لها قلوب، تتقلب كموج البحر، وتغريك للوصول لشاطئ الأمان، لكنها في بعض الأحيان تقلب المركب على من فيه، ويتراءى الشاطئ بعد ذلك سرابا. كرة القدم لغز في الحياة، وسر أعيا الفلاسفة من كشفه، وهو الجماد الذي تغنى به الشعراء لكن قافيتهم ووزن قصيدتهم هام في صحراء ليس لها مدى وبحر ليس له عمق. أتعبت الجميع ولم تتعب من الركل، فبقت كما هي لم تتغير مع السنين، لكنها غيرت الكثير في ملامح البشر، وأدمت قلوبا وأفرحت أخرى. هي الحياة التي علمتنا أن لا نبالغ في الفرح لأنها ستجرعنا الحزن، وعندما نفهم الحياة علينا أن نفهم كرة القدم.