يعتقد بعض المتخصصين في الاقتصاد والسياسة أن القوة السياسية للمملكة تكمن في تربعها على احتياط بترولي ضخم يؤثر في اقتصاد وسياسة العالم، لكن هذا أحد الأسباب، وليس كلها أو أكثرها، فقد توحدت المملكة على يد المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بحكمة وعزيمة قبل اكتشاف البترول، حيث استطاع تأسيس دولة موحدة بعيداً عن الصراعات الدولية. ولم تكن الثروة النفطية للمملكة آنذاك كما هي عليه اليوم، فقد كانت متواضعة، لكن هذه القوة العربية الناهضة استطاعت أن تؤثر في العالم في وقت قصير، بفضل من الله، ثم بحكمة القائد الموحد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، الذي استغل ذكاءه وحكمته ونظرته الثاقبة لبناء كيان عربي إسلامي قوي في فترة زمنية وجيزة، بل فترة صعبة في تاريخ العالم كله، حيث ما لبثت الحرب العالمية الأولى أن وضعت أوزارها حتى بدأت شرارة الحرب العالمية الثانية. وقد عرفت دول العالم المملكة العربية السعودية باعتدالها السياسي وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى، لكنها لم تكن خارج إطار التأثير فيما ينفع العرب والإسلام والمسلمين، حيث انشغلت ولا تزال بقضية المسلمين الكبرى "قضية فلسطين" المغتصبة من الصهاينة منذ ستة عقود. وقد كان للمملكة التأثير السياسي الإيجابي الحكيم في تحجيم الفوضى التي اجتاحت دولا عربية عديدة "فوضى الربيع العربي". وأيضا كما نراه اليوم من دور كبير في نجدة لليمن لإنقاذه من التوسع الفارسي الذي يستغل جهل الحوثيين وفساد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي يدمر اليمن ليرضي نفسه وحفنة من المخذولين، الذين باعوا ضمائرهم وولاءهم لليمن لينضموا للعصابات الحوثية والفارسية والحزبية التي تهدد أمن العرب كلهم بعيدهم وقريبهم، لأن تمدد الفرس يهدف للسيطرة على جميع العرب من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي. تعد المملكة العربية السعودية قلب العالمين الإسلامي والعربي، ومصدر قوة المسلمين والعرب. هذه المملكة العادلة والآمنة تدافع عن أمن وسلامة المسلمين في البوسنة والهرسك وبورما وغيرها من الدول سواء كان المسلمون فيها الأغلبية أو الأقلية. وتستمد المملكة العربية السعودية قوتها ونفوذها من كونها قبلة المسلمين الذين يعرفون حرصها على خدمتهم سواء في الحج أو العمرة، وكذلك في الدفاع عنهم في المحافل الدولية السياسية والاقتصادية. ولقد استخدمت المملكة العربية السعودية السياسة الناعمة بذكاء لعقود طويلة، لكنها لم تغفل سياسة الشدة عندما يكون ذلك مناسباً حتى مع الدول العظمى؛ لأنها تعرف أن هناك خطا أحمر لا يمكن لأي قوة دولية أو غيرها تجاوزه، بحيث يصبح الأمن العربي في خطر، كما يحدث الآن في موقفها المشرف والثابت والقوي من النظام السوري الظالم الذي شرد السوريين في كل مكان، بل فتح سوريا أمام الفرس والروس والأمريكيين وعصابات الإرهاب والتطرف مثل حزب الله والحرس الثوري الإيراني وداعش. مصادر قوة المملكة السياسية كثيرة، منها: الحزم والثبات والحكمة والبصيرة والرؤية المستنيرة والقوة الاقتصادية والعسكرية، ناهيك عن قوتها الدينية كونها مهبط الوحي والرسالة وقبلة المسلمين كل يوم خمس مرات. وقد استثمرت المملكة عائدات بترولها في مشاريع كبيرة تخدم الإسلام والمسلمين، بل ساهمت في تنمية اقتصاد الكثير من الدول العربية والإسلامية بسخاء. ويعترف المستفيدون من دعم المملكة بمساهمتها في نهضة دولهم، وسيلبون النداء إذا حانت اللحظة لأن المملكة في قلوب حوالي ملياري مسلم يشكلون قوة أعظم من قوة المشروع النووي الفارسي الذي اتوقعه فقاعة لا غير.