في النظر إلى التركيبة الإيرانية، يصدمك التعامل السياسي الداخلي المتناقض والمزدوج الذي يكيل للمواطنين بمكيالين في ما يتعلق بالحقوق والواجبات والحريات؛ حتى نعرف أكثر وقبل أن أشرع في الدخول إلى عمق المقال، أُحب أن أضعك أيها القارئ الكريم في تصوّر مهم، أنه ليس كل عربي إيراني سني، وليس كل فارسي إيراني شيعي، ومن هنا تكمن القضية الإيرانية المزدوجة، فالنظام الإيراني يؤمن بالقومية الفارسية فقط، وما عداها فهو صفر على الهامش ولو على حساب مواطنه، لذا فالنظام لا يُحسن فهم المواطنة ولا التعاطي معها. تعيش إيران حالة من العنصرية المقيتة تجاه فارسيتها، بل إن كرهها للعرب والعروبيين جعلها تضطهد العرب الإيرانيين وإن كانوا شيعة المذهب، بل إنهم يمنعون تسمية مواليدهم بالأسماء العربية، ويُمنعون أيضاً ارتداء الزي العربي ويُعتبر جريمة، ناهيك عن الإجراءات التعسفية التي تقام ضد من يُطالب بحق وطني مشروع تكفله الهوية الإيرانية ولا شيء آخر. في العام 2014 أعدمت الحكومة الإيرانية ما يفوق 289 إيرانياً عربياً بين سني وشيعي، وذلك بحسب منظمة العفو الدولية التي صنَّفت طهران على قائمة أكثر الدول المنفذة للإعدام. يوم الأحد الماضي شاهدت حلقة من برنامج اتجاهات على قناة روتانا خليجية، تحت عنوان «الأحواز قضية العرب المنسية»، وحلَّ الشاعر السعودي عبد الرحمن الشمري المهتم بالتاريخ والمُلِم بحضارات الأمم والثقافة العامة ضيفاً عليها، حيث ذكر في ثنايا البرنامج الكثير من الحقائق التاريخية المتعلقة بقضية الأحواز الإيرانيين العرب، وتطرَّق إلى أن النظام الإيراني يعامل السُني الفارسي باحترام عكس العربي الشيعي، ووصف هذه الحالة بأنها تمييز عنصري شعوبي، كما وضَّح أن نسبة الفارسية في إيران لا تشكل سوى 25 في المئة أمام الكثير من الطوائف والأعراق والأديان، وعرَّج على أن مساحة الأحواز في إيران تُقدَّر ب 370 ألف كيلومتر مربع تقريباً، وبيَّن أن منطقة الأحواز قُدِّمت للفرس كمستعمرة على يد المستعمر البريطاني الأول عام 1925 كمكافأة لتقليص الدور السوفييتي داخل إيران، وعرَّج على أن الأحواز تضم الكثير من القبائل العربية كتميم وشمَّر وعنزة ويام وغيرهم، وأن الكثير منهم قد اضطر للنزوح إلى الخليج بسبب الاضطهاد العنصري الفارسي. واستاء الشمري من الصفويين العرب الذين قال عنهم إنهم قد تفرَّسوا أكثر من الفرس كناية عن حزب الله اللبناني وحزب الله الحجازي في السعودية والحوثيين في اليمن، لأجل تنفيذ تمدد المشروع الفارسي. من هذا القول انطلق إلى أن طهران عاشت ولا تزال تحت حكمها الفارسي المتمثل بالغرور على هامش قوتها المزعومة، إلى أن استفزت دول العالم عامة ودول المنطقة خاصة، وذلك من خلال الغطرسة والبطش، بل إن تلك الوحشية السياسية قد أفقدت قادة النظام الإيراني عقلهم ورشدهم، واتجهت بهم إلى توريط بعض الشيعة العرب بالمنطقة في أتون المشروع الفارسي السياسي لا الديني، ما جعلهم في حرب بالوكالة أمام حكوماتهم، عبر النشاط العدائي واستخدام المواجهات المسلحة في الداخل عوضاً عن التحرش من الخارج. لذا .. من المخزي أن يكون بعض العرب الشيعة أداة لمشروع فارسي سياسي، ومن المضحك أيضاً اعتقادهم بأنهم أدوات تبشيرية لمشروع المد الشيعي تحت ولاية الفقيه، فإيران تسعى فقط إلى فرض النفوذ والسيطرة، وخلق القلاقل والزوابع لصالح استتباب أمنها وبقائها كقوة إقليمية نافذة تسيطر على دول منطقة الشرق الأوسط وتتحكم بثرواته واقتصاده حتى سياساته. ليس كل مواطن عربي شيعي في الخليج أو باقي الدول العربية حتى في إيران، هو قالب لتركيبة صفوية كما يسوَّقه البعض، ولا يحق لأي أحد أن يحاول ولو لمجرد الإصرار على إشعال الفتيل العنصري المذهبي والديني مثلما يفعل النظام الإيراني بين مواطنيه، فعربنا الشيعة يذودون عن أوطانهم أمام المد الفارسي، كونهم مواطنين لا يُمَيَّزون عن غيرهم من المذاهب والأديان الأخرى، بل يقفون أمام المشروع الطائفي، ولا يعتبرون إيران إلا دولة لها حضارتها «لا مرجعيتها». ما يجب أن نعلمه ونفهمه أن الشعب الإيراني مختلف تماماً عن سياسة نظامه المفترس، بل إن غالبية الإيرانيين غير راضين عن أداء حكومتهم، فهم يرجون السلام والوئام مع شعوب العالم أجمع، ومن يعرف المواطن الإيراني عن قرب يلمس منه تلك الطباع الحميدة والأصيلة، بل يتمنى زوال هذا النظام العنصري البغيض. رابط الخبر بصحيفة الوئام: في إيران..يُقتل المرء أو يهان