حقق نادي النصر الموسم الماضي ثلاثية غير مسبوقة بفوز فرقه السنية لكرة القدم ببطولة الدوري للعام المنصرم (أول وشباب وناشئين )، وقدمت فرقه مستويات مميزة مبشرةً بولادة نجوم جدد للكرة السعودية. وكل عام يُمنّي جمهور النصر النفس بمشاهدة نجم أو اثنين من هؤلاء الشباب، ولكن للأسف تتبخر هذه الأماني وتتكسر على صخور عقلية المدربين، أو خوف الإداري من المجازفة، فهم يبحثون عن اللاعب الجاهز حتى وإن كلف خزينة النادي الملايين، رغم أن هؤلاء الشباب مشاريع نجوم بحاجة لفرص لتقديم أنفسهم وإثبات قدراتهم. ولعل الأسماء الخمسة التي تم تصعيدها إلى الفريق الأول، ويملكون الموهبة والقدرة على تقديم أنفسهم وحجز مكان لهم في خارطة الفريق، لكن ديسيلفا يضيع عليهم الفرصة تلو الأخرى، وحتى في المباريات الودية لا يمنحهم هذه الفرص، فهل تنقصه الجرأة؟ أم أنه الخوف من غضب الجماهير الحانقة أساساً على قراراته الخاطئة التي كلفت الفريق ثلاث بطولات خسرها، بالرغم من أن فريقه كان الأقرب لتحقيقها، ناهيك عن البداية الضعيفة للفريق لهذا الموسم والمستوى غير المطمئن للفريق رغم تكدس النجوم. هذا الأمر لا يقتصر على نادي النصر فقط، بل قد يكون في أغلب الأندية السعودية، ونحن نستبشر ببزوغ نجم جديد، ولكنه للأسف يأفل بأسرع من بزوغه، فقد خسرت الكرة السعودية الكثير من النجوم الذين كانوا بمثابة بذور أمل لمستقبل كروي باهر، وفي خانات تحتاجها المنتخبات السعودية، وذلك إما بسبب إهمال اللاعب وعدم جديته في التمارين والحرص على اغتنام الفرص، أو بسبب إهمال المدربين وعدم اهتمامهم بصناعة نجوم تخدم فرقها، أو بسبب تركيز الإداري ورئيس النادي على تحقيق نتائج وقتية، ولهثه خلف النجاحات السريعة دون مراعاة مستقبل الفريق وتجهيز عناصر تخدمه لسنوات قادمة. وقد يكون لهم العذر في ذلك لعدم توفر اللاعب المحترف الفعلي، ولكي نوفر مواهب في الفئات السنية يتمتعون بالعقلية الاحترافية إضافةً إلى المهارة الفنية، يجب أن يتولى الإدارة فريق عمل متكامل من إداري وتربوي وتثقيفي، بقيادة مدرب تأسيس وطاقمه التدريبي، ويوضع لها استراتيجية تبدأ من البراعم إلى الفريق الأول، على أن يرصد لها ميزانية توفر احتياجاتها لسنوات المشروع - التي أجزم أن لا تتعدى قيمة عقد لاعب واحد من الفريق الأول -، وأن تعامل الإدارة كمشروع استثماري مستقل يوفر للفريق احتياجاته من المواهب الشابة، كما يمكن أن يوفر المشروع موردا ماليا للنادي عبر بيع عقود مواهب لا يحتاجها الفريق الأول، مما سيجنب إدارة النادي عناء استجداء أعضاء الشرف لتأمين هذه المبالغ، لنشكل أندية محترفة قولاً وفعلاً. إن مشاركة هؤلاء الشباب تحتاج لدعم من رئيس النادي، ولعلي استذكر حادثة الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله) مع مدرب النصر في حينه، عندما أصر الأمير على إتاحة الفرصة لماجد عبدالله ويوسف خميس وراهن على نجاحهم، وتحمل المسؤولية في حال فشلهم، ليكتب الله لهم النجاح ويكسب "رمز النصر" الرهان، وتكسب الكرة السعودية نجوماً وأساطير كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب على صفحات التاريخ، فهل سيراهن كحيلان على العواد والقرني؟؟