لا تبدو إيران دولة تتسم بالدبلوماسية أو تتمتع باللياقة السياسية فيما يتعلق بسلوكياتها تجاه المملكة، إذ تبدو بوضوح دولة متربصة ومترصدة على نحو قبيح وسافر لكل ما يحدث في بلادنا بمبالغة حاقدة، وقد أوصلت الأمور الى نقطة يمكن أن تكون حاسمة ونهائية في كشف حقيقة نياتها تجاهنا، قيادة وشعبا، لتتضح الصورة أننا أمام حالة ميؤوس منها ومن معالجتها في أطرها السياسية والدبلوماسية، لتبدو العدائية للمملكة مستمرة تستهدف كل ما هو إسلامي وعربي ولأن المملكة الرمز، كما تعلم إيران فنياتها تتعدّانا الى كل الأمة العربية والاسلامية لو عقلت ذلك واستوعبته، ولكن لنبقى أمام الحالة الخاصة بنا لأن هذه الدولة لو وجدت سبيلا لإلحاق الأذى والضرر بنا ماتهاونت. ولنتوقف أمام استغلال حادثة التدافع في منى والتي تحوم الشبهات حول دور سيئ لها في ذلك، لنلمح أسوأ أشكال الخلط بين الديني والسياسي، مما يقودنا الى المعنى الدقيق للمتاجرة بالدين لأن الدين إذا دخل في أمور السياسة على الطريقة الإيرانية يصبح مساومات وابتزازا ومزايدات لها طابع تجاري، ربح وخسارة في إطار دنيوي، لا علاقة له بتقديم النصح المهذب وإبداء الاستعداد النزيه لتقديم ذلك، ولكن إيران تفقد الكياسة في رؤيتها وعلاقتها بالسعودية ليبدو الامر حالة مرضية عقلية أو نفسية يمكن أن نطلق عليها "متلازمة السعودية"، وهي حالة تجعلها تتعامل مع بلادنا مثل كابوس تكن له كل الحقد والكراهية التي يستحيل معها تقارب دبلوماسي أو سياسي وفقا لأدبيات ومعطيات الجوار الآمن والتعايش المشترك وخدمة قضايا الأمة بنزاهة وشفافية دون تنافس أو عبث. لا نعلم على ماذا تراهن إيران وهي تسعى لاستهداف المملكة وكأنها دولة صغيرة بلا تاريخ أو قوة رغم انها تحظى باحترام العالم أجمع، ولم تصنّف دولة إرهابية توسعية ومقلقة ومزعجة لأمن وسلام المجتمع الدولي مثل إيران التي تتصرف وكأنها تقود مليارات المسلمين الذين لا يتفقون معها في خطها الفكري والمذهبي الذي يعمل على تعزيز الطائفية البغيضة بينهم. وإذا كانت السعودية تحتضن الحرمين الشريفين وتعتني بهما وترعى ضيوف الرحمن على مدار العام فهي تخلص في ذلك ويقدّر لها مسلمو العالم ما تفعله ويؤيدونها ولا يضمرون لها كراهية أو حقدا وإنما احتراما وتقديرا، فكيف لدولة تختلف عن غالب الأمة في مذهبها أن تقودهم وتتجه بهم نحو مشروعات سياسية تهدد أمن وسلام العالم بأسره وليس أمتنا الإسلامية وحسب؟!. لقد وضعت إيران استراتيجيتها على قياس السعودية، ولن تتوقف يوما عن استهدافها والنيل منها، وطالما أنها لم تحترم قدسية المكان وحادثة وقعت قضاء وقدرا، حتى لو كانت فيها نسبة من خطأ بشري، فهي بذلك أعلنت العداء وعزّزت النعرات المقسّمة للأمة، وعلينا أن نتعامل معها بأنها أصبحت عدوا حقيقيا وتهديدا مؤكدا لأمن بلادنا وقيمتها العالمية، ولا يبدو أنها تمتلك خط رجعة لهذا المسار العدائي، وبغض النظر عن وقائع تاريخية كثيرة مارست فيها صنوف التصرفات الكريهة وتسامحنا معها، إلا أنها منذ حج هذا العام وأدوارها السياسية في اليمن ولبنان والعراق وسوريا أكدت بما لا يدع مجالا للشك أنها في محل العدو وقد فرضت علينا ذلك ويجب أن نتعامل معها وفقا لذلك، أو سنخسر الكثير.