في كل مرة نحن مع موضة أو صورة أو فيديو جديد، يصبح حديث الركبان، مثل هذه الموضة في عهد «الطيبين» لا يكتب لها الشهرة وتموت في مهدها، بينما اليوم وجد «المشاهير الجدد» بغيتهم في الانتشار، إذ يصرون على توثيق سخافاتهم في مقاطع، وبثها عبر الإعلام للحصول على شهرة سخيفة! «المشهور الجديد» قد يكون داعية أو شيخاً فجّر الساحة بفتوى غريبة، أو من جملة «المثقفين» يغرد بتغريدة «يأتي فيها بالعيد!!»، أو مراهقا يظن أن مراهقته لا تتعدى أسوار بيته لكنها تنتشر، أو ممثلا يمثل هذه «السخافات» لتبث للعالم. «المشاهير الجدد» لا يسيئون لأنفسهم وعوائلهم فقط، فإساءاتهم تمتد إلى وطنهم وربما إسلامهم، في لباسهم خروج عن «اللياقة» العامة، وفي كلامهم ما تتبرأ منه علوم العرب ومعارفهم.. «المشهور الجديد» لا مانع لديه أن يرقص بالسروال والفانيلة أمام العالم!، ولا يمتنع أن يمثل في وضع يجعل الناس يسبون مجتمعه، ليس شرطاً أن يكونوا «المشاهير الجدد» من رواد الإعلام الجديد، حتى الفضائيات عبر مسلسلاتها تنتج «السفاهات». هؤلاء يتوسلون الشهرة، ويسيرون على خطى الأعرابي الذي بحث عنها.. روى ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه؛ إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، وبال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!! نحن لا نعمم في الحكم، فبعض المقاطع فيها مواهب لم تجد مسارح تحتويها، ولم تجد طريقاً إلى إعلام يتبناها، ولربما كانت بعض المقاطع حركة لا إرادية لكنها انتشرت وقلدها آخرون، ما أقصده هنا هي المقاطع السخيفة سواء كانت عبر الإعلام التقليدي أو الجديد، خاصة تلك التي تخدش الحياء وتسيء إلى قيمنا ومجتمعنا، وهي مقاطع لا تمت للفن بصلة. للأسف حتى القنوات تشارك في جريمة «المشاهير الجدد» عبر إنتاجها أو عبر استضافة المسيئين.. ولا ننس أن عملية الدفع بالتافهين لتصدر المشهد الإعلامي، ليست جريمة فقط بحق الذوق العام، بل بحق أجيالنا الجديدة التي ستنشأ على أن «التفاهة» في هذا الزمن هي فن، أو أنها الطريق الوحيد للشهرة، فينصرفون عن طَرْق مجالات الشهرة الحقيقية في مجالات العلم والموهبة. أفضل الحلول لإيقاف تمدد وانتشار «المشاهير الجدد» وسخافاتهم هو وعينا، لو أهملنا الصور والمقاطع التي نتلقاها؛ لماتت سلبياتهم في مهدها، ولقطعنا الطريق أمام انتشار «التوافه». قارئي العزيز.. لنتوقف– أنا وأنت- عن إرسال هذه المقاطع والدعاية لها حتى لو أضحكتنا؛ كي لا نساهم في الدعوة والترويج للتافهين على حساب الذوق والمجتمع والثقافة! ولكم تحياتي