يبدو أن قضية «شهادات الدكتوراة الوهمية» تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام الناس في مجتمعنا.. فقد تلقيت وسمعت العديد من التعليقات المتفاعلة مع مقال يوم الأربعاء الماضي الذي كان موضوعه ما يسمى بظاهرة «شهادات الدكتوراة الوهمية. باختصار، هناك غضب من استشراء هذه الممارسة التي لا أدري إن كانت ترتقي فعلاً إلى مسمى «ظاهرة» وفق تعريفات المتخصصين في علم الاجتماع، أم أنها أقل من ذلك.. فلا إحصائيات بين أيدينا إلا ما نسمعه من بعض المهتمين في هذا الموضوع.. وهم مشكورون لأنهم يحمون المجتمع من ممارسة غير حميدة بل مدمرة إذا كانت ستستمر على النحو الذي يصفه المتابعون لهذا الموضوع. هذا الغضب يأتي كرد فعل طبيعي إزاء سلوك بعض المتسلقين الذين يسيؤون إلى واقعنا العلمي من خلال شراء شهادات الدكتوراة الوهمية التي لا قيمة حقيقية لها، مثلما يشترون السيارات الفاخرة والسلع الاستهلاكية حتى لو كان ذلك عن طريق الاقتراض والاستدانة..! ويبدو أن هذا السلوك يعكس تعلق مجتمعنا، وبعض المجتمعات الشرقية، بالألقاب.. ربما بسبب دوافع نفسية لدى البعض، يأتي في مقدمتها الشعور بالنقص والرغبة في تعويض هذا النقص. فمن الملاحظ أن بعض الذين لا أمل لهم في الحصول حتى على لقب «دكتور وهمي» يمنحون أنفسهم لقب «شيخ» لأن لا أحد يحق له الاعتراض على ذلك.. فلقب «شيخ» - بالمعنى الاجتماعي لا الديني - هو الآخر أصبح مشاعاً وصار البعض يبتذلون هذا اللقب الذي يبدو أنه هذه الأيام صار بلا شروط ولا متطلبات ولا مؤهلات..!! رغم هذا الغضب المبرر أود التذكير بموضة اجتماعية راجت قبل حوالي عشر سنوات، وهي موضة مثيرة للسخرية تشبه موضة شراء الشهادات الوهمية في زمننا الحالي، ثم تلاشت بعد أن تصدى لها بعض كُتَّاب الصحف وغيرهم. وتتمثل تلك الظاهرة أو الموضة في نشر أخبار صحفية عن إدراج اسم «شخص ما» في قائمة للمشاهير تُدعى who is who . وللوهلة الأولى يبدو الأمركما لو أنه اعتراف بأهمية هذا الشخص، بينما الواقع هو انه يشتري بماله هذه الشهرة الوهمية التي لا تعني شيئاً من منظمة ربحية تبيع الأوهام وتستغل مركبات النقص لدى بعض المأزومين نفسياً..! أتفاءل وأراهن على الوعي القادم، متسائلاً: ترى هل سيكون مصير موضة شهادات الدكتوراة الوهمية مثل مصير موضة قائمة المشاهير التي اندثرت!؟ دعونا جميعاً نتفاءل.. ولكن إلى أن يتم ذلك، لابد من صدور أنظمة تتعامل مع الشهادات الوهمية، لأن «قائمة المشاهير» هي في النهاية مجرد نكتة سخيفة يرضى البعض أن يكون موضوعاً لها بينما تجمع الشهادات الوهمية بين السخافة من المنظور الشخصي والخطورة من حيث تأثيرها على البيئة العلمية والثقافية للبلد. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض