كم تزعجنا تلك الحالة حينما نرى التذمر الكبير مما تم صرفه من وقت على الدراسة والوظيفة، والأدهى استمرار السخط أثناء تمتع بعض الموظفين والطلاب في إجازتهم وغدت بينهم ثقافة متجذرة أدت للاعتياد على رؤية وجوه عابسة وسماع أفواه متشكية، فمثلهم كمثل الذي يهجم على مائدة الإفطار بشراهة في يوم صيام؛ منتقماً من يوم صامه متجاهلاً ثوابه من ربه. مشاهد مؤلمة لا تحصر حيال من جعلوا فنهم في كيفية تضييع الأوقات وإهدار الساعات، على ما يجلب الضرر سواءً على صحتهم أو على غيرهم أو على مجتمعهم قاطبة، فالأوقات الكثيفة في بيئات تحوي شباباً وشابات في سن المراهقة، ويعيشون في فراغ قاتل هو أشبه (بأسلاك وكيابل كهرباء مكشوفة) تسير بيننا خصوصاً بالشوارع التي تزخر بأصناف من المتربصين والمفسدين سواءً من مقيمين أو حتى مواطنين.! فالشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة. وهناك جموع من الطلاب والطالبات وللأسف بعض المعلمين والمعلمات يكون شعارهم عند مقدم الإجازة: «إن النوم والكسل ألذ طعماً من العسل!» من دون استشعار للمسئولية.! فحري بالمربين والمرشدين بالمدارس وولاة الأمور في البيوت وأئمة المساجد وخطباء المنابر أن يغرسوا فسائل حب العمل، ويعززوا ثقافة ملء الفراغ بكل ما هو نافع، وزرع هذا المبدأ منذ نعومة أظفار النشء، فمن شب على شيء شاب عليه. فالعمل يطرد الملل ويحفز على الفضيلة ويحجم دور الرذيلة، لكون أبرز الأسباب المؤدية لطول وعرض القوائم التي دونت فيها الجرائم تكمن في الفراغ، ودليلها كثرة وقوعها في الإجازات، والولوغ بسلوكيات منحرفة دينياً وعقدياً وفكرياً وأخلاقياً، وكل تلك الطوام ستكون مدخلاً للإرهاب! فلو أن فراغهم تم ملؤه بالإنجاز في أي مجال تطويري مثمر تحت مظلة حكومية ذات مسؤولية رقابية لما وصل بنا المآل إلى تلكم الحال حيال شبابنا، فعلى الجميع دور كبير باحتواء الشباب ومراجعة أفكارهم وتوجهاتهم وتلبية متطلباتهم حتى لو اضطررنا لتقديم عدة تنازلات في سياق المتاح والمباح لإخماد ما يعتري فكرهم من جماح, وسداً للثغرات وقطعاً لدابر المصطادين بالماء العكر من الخارجين والمجرمين, فوضعنا اليوم لا يحتاج أن نتكلم عنه لكوننا مؤخراً رأينا شباباً لنا كانوا قبل أسابيع حولنا ويسيرون بيننا وإذ بهم غدو بين لحظة وضحاها أحزمة ناسفة توجهت لقتل مواطنيهم بوسط عدة مساجد وبعقر بلادهم.!