بعد أن أصبحت السدود تحت مسئولية وزارة المياه.. تغيرت أهداف تأسيسها.. تغيرت الآمال.. وكانت شاخصة نحوها.. ببساطة.. ركزت وزارة المياه في جهودها على تأمين الشرب.. تجاهلت الزراعة.. لها وزارة مسئولة.. كنتيجة تحول سد بيشة إلى مشروع لتأمين الشرب.. هكذا جاءت مشاكل جديدة.. لتزيد الطين بلّة.. وزارة الزراعة تخلّت عن السد كمشروع زراعي.. أيضا لم تستطع أن تطرح البديل. هكذا أصبح أهالي بيشة وزراعتها بين وزارتين.. هل هناك تنسيق وتعاون بينهما؟! هل زادت تعقيدات الوضع أمام أهالي بيشة؟! أصبحت تتعامل مع وزارتين.. تختلفان في الأهداف والأدوات.. وتتفقان في غياب السياسات الواضحة للجميع.. كيف تُحل معضلة المسئوليات هذه؟! هل فكرت الوزارتان في الحل الأمثل؟! لا تعاون ولا تنسيق في ظل المؤشرات القائمة في بيشة. وتحت ضغط المطالب لمواجهة مشكلة الجفاف والنضوب.. هل تم طرح الحلول؟! هل كان استغلال مياه الصرف الصحي المعالج أحدها؟! هل كان نقلها من أبها إلى بيشة وفق مشروع.. أم جاء نتيجة اجتهادات؟! هل كان الهدف إنقاذ نخل بيشة من العطش؟! هل كان الهدف تغذية سد بيشة؟! هذا المشروع أو الاجتهاد أو سمّه ما شئت.. نافعا أم ضارا؟! هل أنهى المشاكل؟! هل ورّط الجميع في مشاكل جديدة؟! هل زاد من تعقيدات المشاكل السابقة؟! معروف أن مياه الصرف الصحي تشكل أحد مصادر المياه في العالم.. تتدرج تنقيتها عبر مراحل حتى تصبح صالحة للشرب.. وهنا لا بد من التأكيد على أن تستفيد واحة بيشة من هذا المصدر.. وفق قواعد آمنة.. لري أشجار النخل.. لكن أن تهدر مياه الصرف الصحي في مجاري السيول.. فهذا خطأ تاريخي بحق الإنسان والبيئة.. في غياب الرؤية الصحيحة.. تأتي الحلول سقيمة وبائسة وبمشاكل جديدة. نعرف وهذا ثابت علميا أن بعض الحلول حتى وإن كانت صحيحة وسليمة.. لا يمكن قبولها من قبل المجتمع.. هل كان الأولى أخذ رأي المجتمع قبل تنفيذ نقل مياه الصرف الصحي عبر مجرى السيول إلى بيشة؟! لا يبدو أن هناك مشروعا خاضعا لمواصفات ومعايير.. المشاريع تخضع لدراسة جدوى.. ويتم تنفيذها على مراحل.. وفق تصور واضح الأهداف والنتائج.. الأمر الذي يجب التأكيد عليه.. حتى وإن كانت هذه المياه معالجة.. يجب عدم تركها تصب في الأودية ومجاري السيول.. هذا التصرف يثير الكثير من المحاذير والخطورة البيئية.. لدينا الكثير من نماذج النتائج الوخيمة على مستوى المملكة. من ناحية أخرى.. نعرف أن مجتمع المنطقة الجنوبية مجتمع تحكمه عادات وأعراف وقيم لها جذور.. لا يمكن تجاوزها بسهولة.. كنتيجة كيف يمكن قبول فكرة أن تشرب بيشة مياه الصرف الصحي.. أو تسقي نخلها بهذه المياه؟! هل يتقبل أهل بيشة هذا المشروع.. وهم يعرفون مصدر هذه المياه؟! كان يجب خلق القناعة أولا.. أو إيجاد الخيارات والبدائل أمام المواطن.. رفضهم هذا لا يفرض العقاب بالتمادي في التجاهل. لا أعتقد أن مجتمع بيشة حاضرة وبادية سيقبل بهذا المشروع.. في ظل ضبابية الوضع.. مياه الصرف الصحي أصبح مصبها النهائي سد بيشة.. مصدر مياه شربهم.. في ظل هذه النواميس هناك حلول وخطوات كان يجب أن تكون.. هناك اقتراحات لحلول.. سأطرح بعضها في المقالات القادمة. كاتبكم ما زال بصدد عرض ملامح المشاكل.. وكان هذا من الناحية الاجتماعية.. لكن هناك أبعاد التلوث الخطير.. الذي أصبح هاجس الجميع في بيشة.. تقدم الأهالي عبر قنواتهم المشروعة بالاعتراض.. الجهات المعنية متمسكة برأيها.. متجاهلة قلق الأهالي.. ومعايشتهم وضع ضخ مياه الصرف الصحي إلى الأودية.. التي تغذي سد وادي بيشة بمياه السيول. الأهالي متنبهون لهذا الوضع جيدا.. تنادوا يستنكرون.. ثبت لديهم أن مياه السد تلوثت بمياه الصرف الصحي القادمة من (أبها).. كنتيجة ماذا يمكن لهم فعله؟! قلق الأهالي يحتاج إلى إدارة وليس مواجهة.. يحتاج هذا القلق إلى إدارة.. ليس للقضاء على القلق فهو مطلوب ومشروع.. ولكن لتأكيد صحة وسلامة مياه الشرب من تلوثها بمياه الصرف عبر جهات محايدة وبموافقة الجميع.. ويستمر المقال بعنوان آخر.