يلوم علَى أنْ رحتُ في العلمِ دائباً أُجمِّع من عندِ الرواةِ فنونَه فياعاذلي دعْني أُغالي بقيمتي فقيمةُ كلِّ الناسِ مايحسنونَه «ابن طباطبا الهاشمي» أستاذ جامعة ستانفورد جون غاردنر، يرى أن ما يحدد نجاح القائد هو ما سماه ب «التجديد الذاتي». وهو الحاجة الملحة عند القادة الذين يرغبون في القيام بأداء مميز، ويبقون فاعلين ويلزمون أنفسهم بمواصلة التعلم والنمو. فهو يعتقد أن الناس تبلى كما تبلى الأشياء ويملؤهم الضجر والملل أكثر مما يظنون. فهم رهائن آراء وعادات لا تتغير. وأن المهرب الوحيد من الملل هو الدافع الذاتي لمواصلة التعلم والنمو والتغيير. حتى الطموح يضمحل مع الوقت، بل لا بد له من ذلك. ولكن مفتاح الحيوية والنجاح للقادة هو أن تكون لديهم الرغبة. فكل شخص يرغب أن يكون ممتِعا ومُدهِشا ومُثيرا. ولكن المطلوب هو أن تكون مستمتِعا ومدهوشا ومُثارا باستمرار. وما هو مهم هو حرصك على التعلّم بعد أن عرفت كل شيء. ويكون لديك استعداد لتحدي المعروف والسائد والمسلّمات. كل يوم يشرق على الناس في مرحلة طفولتهم يكون مليئا بالأشياء الجديدة. وكلما يكبر الناس، تصبح الأشياء الجديدة في حياتهم أقل وأقل. لذلك، إذا أردت أن تحتفظ بشبابك، فعليك العمل من أجل تجربة أشياء جديدة. والتعلم ليس محصورا بالقادة الشباب، لأن مقياس شبابك هو بمقدار عمر الأشياء الجديدة التي تزاولها، أو الأشياء التي تجربها لأول مرة. فنحن نتعلم بالشكل الأفضل عندما نقابل أناسا أقل شبها بنا. ولذلك، اسأل نفسك، ألا تقضي معظم وقتك مع أناس يشبهونك تماما؟ زملاء في العمل، وأصحاب في نفس مجال الاهتمام، وأصدقاء من نفس المهنة أو من الجيران والأقرباء؟ في المقابلات الشخصية للتوظيف، نحرص دائما على أن نسأل المتقدم عما تعلّمه مؤخرا. وذلك من أجل تحديد ما إذا كان المرشح لديه الفضول الفكري الذي نبحث عنه ليكون عضوا في فريق العمل. فإذا كان أحدهم لا يذكر أنه تعلم أي شيء خلال شهر مضى، فإنه بالتأكيد لن يكون مناسبا على المدى البعيد، وذلك ببساطة لأن الرغبة لديه في التعلّم ليست موجودة. في بحث نشر في مجلة «هارفارد بيزنس ريفيو»، بيّن أنه في المتوسط، يستغرق الأمر ساعتين و42 دقيقة من الممارسة اليومية من أجل تحسين الأداء في مهارة معينة، سواء كانت ركوب خيل أو لعبة تنس. ولا بد من استثمار ذلك الوقت بحكمة، من خلال الانخراط في الممارسة بعزم وتصميم. والتعلّم بالنسبة للقائد ليس شذوذا عن تلك القاعدة. فأفضل القادة هم الذين يتعلمون بنهم، يساوي سرعة التغيير في العالم، ويأتون دائما بالجديد من المعرفة في كل مرة تتحدث إليهم. لقد وجد الباحثون أن القادة الذين ينخرطون أكثر في التعلّم هم أكثر فعالية في القيادة. إنهم يقضون المزيد من الوقت في أنشطة التعلّم، وبالذات التعلّم عن طريق القراءة، والتحدث مع الآخرين، وتجريب طرق جديدة للقيام ببعض المهام، أو التفكير في سلوكياتهم كقادة. فهم يطرحون المزيد من الأسئلة، ولا يفترضون أنهم يعرفون كل شيء. إنهم ليسوا خائفين من الاعتراف بالأخطاء، ويسألون عن آراء الناس. وعندما يحصلون عليها يشكرون الناس عليها، ويعتبرونها هدية، بغض النظر عن كونها سلبية أو إيجابية. إنهم يشجعون الآخرين على التجربة، وأخذ المخاطرة وتقبل الفشل، بسؤالهم الدائم «ماذا يمكننا أن نتعلم؟» هناك بعض الخطوات التي قد تساعد القادة على امتلاك ذهن منفتح وخلق بيئة للتعلُّم المستمر، أهمها (1) القراءة، ليس في مجال عملك فقط، ولكن في الثقافة العامة. ومن المفيد إشراك الآخرين بما قرأت ومناقشته معهم، لأن ذلك يشجعهم على القراءة. (2) التعرف على المستجدات في التكنولوجيا، من هواتف ذكية وغيرها، (3) التحدث إلى الناس، من سائق سيارة الأجرة إلى أحدث موظف لديك، لأن هذا يعطيك اطلاعا على أبعاد مختلفة من الفهم، (4) البعد عن مجال التخصص: احضر ندوة لا علاقة لها بطبيعة عملك، وخالط أناسا جددا، واطلع على أفكار جديدة، قد تساعد على تفتيح ذهنك على أشياء لم تخطر ببالك من قبل. (5) الاشتراك في المحاضرات والندوات، وخاصة التي تحتوي على أسئلة وأجوبة، لأن ذلك يحفز الدماغ عن طريق جَعْله يركز على شيء غير متوقع، مما يعزز مهارات الإبداع والعصف الذهني في العمل، (6) إعادة التعلّم: والتعلّم لا يكون بالضرورة لأشياء جديدة. فالإنسان قد ينسى ما تعلمه سابقا، ولا بأس من إعادة تعلم المهارات التي كان يعرفها. إن جعل التعلّم جزءا من نشاطاتك اليومية، يتطلب تغييرا في العادات، لكنه شيء يستحق الجهد. فالقادة الذين لا يدفعون أنفسهم للتعلم باستمرار، يفشلون في التوصل إلى أفكار جديدة، ويجدون صعوبة في الحصول على أبعاد جديدة ومتعددة من الفهم، ولا تتجدد مهاراتهم. إنك إذا تعلمت شيئا جديدا كل يوم، فستصبح مفيدا بشكل دائم لفريق عملك، وزبائنك، والأهم من ذلك كله، لنفسك.