دائما ما أجد طرافة في تعبير شخص ما عن استغرابه بأن الإنقاذ المالي لليونان لم يقدم أي فائدة للمواطنين اليونانيين. العنوان الرئيسي القائل إن «عمليات الإنقاذ المالي تذهب إلى اليونان، فقط لتتدفق خارجة مرة أخرى» في صحيفة نيويورك تايمز ليس سوى أحدث مثال على ذلك. «إن هروب رؤوس الأموال يعتبر جزءا صغيرا من لغز أكبر حول السبب - على الرغم من وجود اثنتين من عمليات الإنقاذ الدولية الرئيسية - في أن الاقتصاد اليوناني هو الآن في حال أسوأ من قبل وعُمْق أكبر في وحول الديون». للأسف، هذا هو سمة من سمات الإنقاذ، وليس مشكلة في بنيته. العدد الهائل من عمليات الإنقاذ المالية خلال العقود الماضية أثبت بشكل مقنع تماما أن هذا ليس بالحالة الشاذة. تتبع المال بدلا من اتباع عناوين الصحف. هذه هي الطريقة التي تعرف من خلالها من هو المستفيد من خطة الإنقاذ. ولننظر في جميع أنحاء العالم - اليابان والسويد والبرازيل والمكسيك وايرلندا والولاياتالمتحدة، والآن اليونان، لمعرفة من الذي تتم ومن الذي لا تتم مساعدته بهذه المساعدات الهائلة المدعومة من الحكومة. لا، ليس الشعب اليوناني، ولا حتى بنوكها. لم يكونوا أبدا المستفيدين المستهدفين من عمليات الإنقاذ، ولم يكونوا المواطنين الايرلنديين في ذلك الإنقاذ. في الواقع، كان أصحاب المنازل في الولاياتالمتحدة مجرد مستفيدين عرضيا من المساعدات كنسبة مئوية من إجمالي إنفاق الإنقاذ. وربما تعلمت عبارة «الخطر الأخلاقي» خلال الأزمة المالية. باختصار، ما يعنيه ذلك هو أن عمليات الإنقاذ أنقذت عمليات الرفع المالي والمضاربين المتهورين من نتائج حماقتهم المهنية غير الحكيمة وأعطتهم حافزا للقيام بذلك مرة أخرى دون أي اكتراث بالتجارب الماضية. كانوا هم الذين تم انقاذهم، وكانوا هم الهدف من عمليات الإنقاذ. وهل تعتقد أنني أبالغ في الأمر؟ لننظر في خطة الإنقاذ الأمريكية في أشكالها المتعددة، ابتداء من برنامج إغاثة الأصول المتعثرة إلى سياسة سعر الفائدة الصفرية إلى التيسير الكمي. كم عدد حملة السندات الذين تكبدوا خسائر نتيجة قراراتهم الاستثمارية السيئة؟ باستثناء أصحاب ديون ليمان براذرز وحفنة من البنوك التي لم تكن تعتبر أكبر من أن تفشل، كل حامل سند آخر تقريبا تلقى التعويض بالكامل، بمعدل 100 سنت على الدولار. وبفضل خطط الانقاذ مثل برنامج إغاثة الأصول المتعثرة، حاملو السندات من تشكيلة متنوعة من الشركات الفاشلة والمنهارة لم يتكبدوا أي خسائر. والمجموعة الأمريكية الدولية للتأمين؟ خسائرها صفر. وهيئتا الإسكان فاني ماي وفريدي ماك، المضمونتان من الحكومة؟ خسائرهما صفر. عمالقة البنوك مثل سيتي جروب وبنك أوف أميركا؟ خسائرها صفر. وماذا عن مورجان ستانلي وميريل لينش وجولدمان ساكس وبير ستيرنز؟ خسائرها صفر. وكانت إجراءات مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية استثناء نادرا لهذه القاعدة: استفاد فعلا المستهلكون من عمليات إنقاذها - أي أصحاب حسابات الادخار والحسابات الجارية. عندما فشلت البنوك مثل إندي ماك، وواكوفيا وواشنطن ميوتشوال، رتبت مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية عمليات دمج قسرية. ذهب واشنطن ميوتشوال إلى جيه بي مورجان تشيس، وذهب واكوفيا إلى ويلز فارجو، وذهب إندي ماك إلى ون ويست بانك. وبمجرد أن أصبح من المؤكد أن أصحاب الحسابات حصلوا على أموالهم بالكامل، ما تبَقَّى الأصول تُركت لتذهب إلى الدائنين من أصحاب الأفضلية - وهم في العادة حاملو السندات. (عادة ما تختفي تماما قيمة الأسهم التي يملكها المساهمون). في حالة واشنطن ميوتشوال، تلقى أصحاب السندات بين 20 و 28 سنتا على الدولار. نتج عن قرارات مؤسسة التأمين الفدرالية الأخرى كميات مماثلة. وحتى معدل الفائدة الصفري الذي يطبقه مجلس الاحتياطي الفدرالي، والمعمول به منذ فترة طويلة إلى درجة أنه لم تكن هناك زيادة في أسعار الفائدة منذ أكثر من تسع سنوات، موجود لمساعدة البنوك التي تم انقاذها. لسنوات بعد الأزمة المالية، لا تزال ميزانياتها العمومية عالقة بالكثير من القروض العقارية المعدومة والقروض المتعثرة بحيث ان زيادة مبكرة في أسعار الفائدة من شأنها أن تُعرِّض تلك المحافظ إلى خطر هائل. والآن بما أن الأسعار قد عادت في معظمها إلى مستويات ما قبل الأزمة، فإن الوضع يعتبر آمنا من حيث رفع أسعار الفائدة الرسمية من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ونحن نعلم جميعا أنه سوف يكون لهذا الإجراء تأثير كبير على الفوائد التي تُدفع على القروض العقارية. مع هبوط معدلات استرداد البيوت كثيرا عن الذروة التي بلغتها، يمكن للبنوك أن تتحمل زيادات الفائدة. وعلى الرغم من وجود الكثير من الأدلة على أن الاقتصاد قد استوعب الزيادات في أسعار الفائدة منذ ما يقرب من عامين - حيث استطاع الاقتصاد الوفاء بمعايير الاحتياطي الفيدرالي في ذلك الوقت - كانت محافظ البنوك العقارية لا تزال هشة، وليست في وضع سليم يؤهلها للتعامل مع الزيادات في أسعار الفائدة. كان من المرجح حدوث مزيد من الخسائر التي كان من الممكن أن تمس صحة القطاع المصرفي. ولذلك إذا كنت تعتقد أنها مجرد مصادفة أن أسعار الفائدة من المرجح أن ترتفع الآن فقط، عندما يمكن للميزانيات العمومية للبنوك أن تتحملها، فمن الواضح أنك لستَ منتبها لحقيقة ما يحدث. والتاريخ يعلمنا أنه عندما تفشل الشركات، فإنها تتقدم بطلب إما من أجل إعادة تنظيمها أو تصفيتها في محكمة الإفلاس. الاستثناءات هي عندما يكون التنفيذيون في وضع جيد على علاقة ودية مع الكونجرس (كرايسلر 1980) أو مع أعضاء هيئة الأركان المشتركة (شركة لوكهيد 1972) أو مع وزراء المالية (كل وول ستريت باستثناء ديك فولد في 2008-2009). وجود تنفيذيين للشركات على اتصال جيد إلى جانبك أو في الإدارة العليا سيكون بالتأكيد مفيدا أثناء حالات الطوارئ. وهذا يقودنا مرة أخرى إلى اليونان قادتها لم يتعلموا الدرس الذي أدركته أيرلندا في نهاية المطاف وفهمته أيسلندا الصغيرة من البداية. عبارة «المخاطر التي تهدد سلامة النظام المالي بأكمله» ليست أكثر من شيفرة؛ ما تعنيه في الواقع هو أن مصرفيا له علاقات جيدة مع السياسيين يريد من الحكومة تغطية الخسائر التي تكبدها البنك في استثمارات سيئة. وفي حالة اليونان، يتدفق المال في جزء كبير منه من الحكومات الأوروبية وصندوق النقد الدولي من خلال اليونان، ثم يخرج ليذهب إلى مختلف المقرضين من القطاع الخاص. كلنا نطلق على ذلك «عملية إنقاذ اليونان»، لأننا لو أطلقنا عليها اسمها الصحيح، وهو «إنقاذ البنوك الألمانية من نتائج حماقة عمليات قروضها لأثينا»، فمن الذي من شأنه أن يدعمها؟ وبوصلتنا الأخلاقية تبلغنا أن عمليات الإنقاذ يجب ألا تعمل لصالح المتهورين وذوي التصرفات اللامسؤولة. لكن الواقع يعلمنا درسا مختلفا جدا.