قررت هيئة التأمين على الإيداعات الفيدرالية الشهر الماضي أن تلتزم البنوك بإيداع ما يقرب من خمسين مليار دولار فيما يسمى ب «الإرادات الحية»، وجاءت هذه الخطوة لتفادي تورط الحكومة مرة أخرى في عمليات إنقاذ البنوك مثلما حدث 2008. واقترحت الهيئة أن تقوم البنوك التي تملك ودائع تقترب من العشرة مليارات دولار باختبارات «الضغط» وهو ما سيوضح قدرة كل بنك على التعامل وقت الأزمات الاقتصادية مثل زيادة معدلات البطالة وانخفاض الأسعار المحلية، وقد أعلنت الهيئة عن هذا المقترح ووضعته قيد البحث حيث من المتوقع أن يؤثر على حوالي 190 بنكاً وسيتخذ قراراً بشأنه بداية يوليو المقبل. خطط بنكية ويوجد ما يقرب من 37 بنكا يجب عليها الالتزام بهذا القرار حيث تملك هذه البنوك ودائع تقدر بأكثر من أربعة تريليونات دولار في محافظ مؤمنة أو ما يقرب من 61% من الودائع المؤمن عليها في أمريكا منذ سبتمبر 2011، ومن بين أكبر هذه البنوك بنك «جي بي مورجان تشيس» و»بنك أوف أمريكا» و»سيتي بنك» و» بي إن سي بنك» و»بنك نيويورك ميلون». ومن المفترض أن تقدم سبعة بنوك – لديها ما يقرب من 250 مليار دولار من الودائع – خططها بهذا الشأن بحلول يوليو المقبل، أما باقي البنوك فستقدم هذه الخطط بحلول العام 2013. حالة ضعف وحذر خبراء من أن بقاء البنوك الأمريكية الكبرى في حالة ضعف، رغم كل محاولات الحكومة هو أحد الأسباب التي قد تؤدي بالاقتصاد الأمريكي إلى حالة الكساد، وأشاروا إلى أن بداية العام شهدت مؤشرات أولية بتحسن حال البنوك، وكان رد فعل المستثمرين قويا، فقد حقق بنك أوف أمريكا أرباحا بلغت 1.4 مليار دولار العام الماضي مقابل خسائر في العام 2010 بلغت 2.2 مليار دولار. سيتي جروب وأعلن بنك سيتي جروب أن الحد الأدنى للدخل لديه بلغ 11.2 مليار دولار بزيادة قدرها 6% عن العام السابق، والغريب ، فيما لا تزال البنوك الاستثمارية تعاني من الأزمة، إذ أعلن بنك جولدمان ساش الأمريكي أن أرباحه انخفضت بنسبة 58% في الربع الأخير من العام الماضي، ويرجع هذا الانخفاض، إلى انخفاض معدلات أنشطة الاستثمار، وقد جاء هذا الأداء لواحد من البنوك الاستثمارية الكبرى في أمريكا ليتوج به أداءً ضعيفاً استمر منذ 2008، حيث حقق البنك أرباحا العام الماضي بلغت 4.4 مليار دولار مسجلا انخفاضا قدره 47% عن العام الذي سبقه. بيع أصول ورأى ستيفن جانديل، أن العودة للأصول ليست بالضرورة الحل الناجح لكل البنوك، فمثلا الجزء الأكبر من دخل بنك أوف أمريكا يعود إلى بيع بعض الأصول وليس للتعاملات البنكية العادية، ففي الربع الأول وحده حصل البنك على ما يقرب من 2.9 مليار دولار من بيعه أسهم له في بنك التعمير في الصين، كما أن تقليل معدلات الإنفاق كان لها تأثير أيضا، بالإضافة إلى أن البنك لم يخصص أموالا كثيرة لبند القروض. وأضاف عندما نلقى نظرة على الدور الطبيعي لعمل البنوك وهو الحصول على ودائع وتقديم القروض سنجد إن بنك أوف أمريكا لم يتحسن في هذا المجال منذ أن بدأت الأزمة المالية، فقد انخفض دخل البنك من الودائع حوالي 900 مليون دولار في العام 2011، رغم أن البنك قام بمجهودات أكبر في هذا السياق عما قام به العام الذي سبقه حيث استغنى عن كثير من العاملين وخفض النفقات وأغلق فروعا، كل هذه العوامل كانت وراء الأرباح التي حققها البنك. معدل منخفض لكن المشكلة الآن في رأي ستيفن، هي أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كان قد حدد معدلا منخفضا للفائدة، وقبل وقت قليل قام الفيدراليون بخفض هذه المعدلات مرة أخرى وهو ما ساعد على زيادة الطلب على الاقتراض من البنوك، وساعد السوق العقاري . لكن الجانب السلبي لهذا الخفض هو استمرار ضعف موقف البنوك، فالبنوك تحقق الأرباح من الفرق بين معدلات الفائدة قصيرة المدى – ما تضطر لدفعه على الإيداعات – والأرباح طويلة المدى – ما تحققه من أرباح من القروض، بيد أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي أكد أن معدلات الفائدة لن ترتفع حتى منتصف 2013، أي أن موقف البنوك الضعيف لن يتغير من الناحية النظرية حتى ذلك الحين، لكن هذا لا يعني- من وجهة نظر الخبراء- أن نتأسى على البنوك، خاصة تلك التي تحقق الخسائر، فالعديد من هذه البنوك عليها الالتزام الآن بمجموعة من القواعد المالية المنظمة لعملها وذلك لتفادي انهيار مالي جديد. أمريكي يحمل كومة من سندات الدولار 100 على طاولة قبل تقطعيها في مكتب النقش والطباعة في واشنطن « رويترز»