يقتل انتحاري ثلاثة جنود ليبيين عند نقطة تفتيش في مدينة بنغازي بشرق البلاد. وحين يرسل الجيش تعزيزات من الجند يفتح مقاتلون إسلاميون النار عليهم من مبان قريبة فيقتلون ستة آخرين. بات هذا من الحوادث المعتادة بالنسبة للقوات النظامية الليبية التي تتصدى لجماعات إسلامية في المدينة. كان الجنود يأملون في نصر سريع بعد أن رفع بعض السكان السلاح وانضموا إليهم. لكن بعد مرور 16 شهرا توقفت الحملة بعد صراع بلا طائل بين المقاتلين الإسلاميين وجنود الحكومة الذين كانوا عرضة لرصاص قناصة مختبئين في مناطق سكنية يصعب ضربها بأسلحة ثقيلة. والمعارك الدائرة في بنغازي تشبه أحداث الفوضى التي تجتاح ليبيا منذ سقوط معمر القذافي قبل أربع سنوات. فما من سلطة مركزية لها سلطان يشمل كل الأنحاء المترامية للبلاد التي انقسمت بين حكومتين متنافستين كل منها يسيطر على مساحة محدودة، في حين اقتطعت جماعات معارضة وأخرى إسلامية وعشائر لنفسها ما يشبه الإقطاعيات الخاصة. والخسائر البشرية بالغة، نظرا لافتقار الجيش للتدريب والسلاح اللازمين لحرب الشوارع. قال ميلود الزوي الناطق باسم القوات الخاصة: إن 25 جنديا قتلوا وأصيب 35 آخرون في شهر يوليو وحده. وقال: "25 قتيلا و35 جريحا من القوات الخاصة خلال معاركها مع الإرهاب والإرهابيين بمدينة بنغازي... ونحن إذ نذكر هذا العدد لا يزيدنا إلا إصراراً وعزيمة على تحقيق النصر، بإذن الله، على هؤلاء المتسترين بالدين المارقين ونعزي أنفسنا وأهلهم في هؤلاء الأبطال." ويفتح مقاتلون من تحالف (مجلس الشورى) الإسلامي النار من مبان، محاولين استدراج الجنود إلى شوارع ضيقة أو إقناع القادة بإرسال طائرات هليكوبتر أو ميج. وتجد الطائرات القديمة التي تعود لعهد القذافي والتي تفتقر لأجهزة التصويب الدقيق صعوبة في ضرب المسلحين دون إلحاق الضرر بمبان كاملة. وحين يدخل الجنود منازل يشتبهون أن المسلحين مختبئون بها يجدون الكمائن قد نصبت لهم حسبما يقول ضباط بالجيش. وقال خبير المتفجرات طارق السعيطي: "المجموعات الإرهابية تستخدم أحدث الطرق في تفخيخ المنازل والشوارع والسيارات." وأضاف: "خسرنا جنودا بسبب هذه التفخيخات المحترفة." وفي العام الماضي، استعادت القوات الحكومية السيطرة على ثكنة عسكرية انتزعتها جماعة أنصار الشريعة التي اتهمتها واشنطن بالهجوم على مجمعها الدبلوماسي في بنغازي عام 2012 في عملية أسفرت عن مقتل السفير الأمريكي. وأنصار الشريعة إحدى فصائل مجلس الشورى الذي لا يكشف عن أرقام قتلاه. ويقول خليفة حفتر قائد الجيش في الشرق: إنه يسيطر على 90 في المائة من المدينة. لكن مجلس الشورى يتحصن في المنطقة المركزية حول الميناء وفي عدد من المناطق الأخرى. وميناء بنغازي ومطاره مغلقان. وشجع القتال المتواصل تنظيم داعش على دخول المعترك. ولا يتعاون التنظيم بشكل صريح مع مجلس الشورى لكنه بدأ تفجيرات انتحارية تستهدف جنودا وتقع أحيانا أثناء الاشتباكات نفسها. وناشدت الحكومة المعترف بها دوليا، والتي اتخذت من الشرق مقرا منذ فقدت العاصمة أمام إدارة منافسة قبل عام مجلس الأمن الدولي رفع حظر على السلاح كان قد فرضه خلال الانتفاضة على القذافي عام 2011. وقال محمد الحجازي الناطق باسم الجيش الذي يقع مقره في بنغازي: "قرار حظر تسليح الجيش الليبي هو السبب الأول في تأخير تقدم الجيش. هذا قرار فرض في ثورة 17 فبراير، بحجة أنه لا يوجد جيش. "الآن يوجد جيش منظم وقيادة واحدة ونتحرك بأوامر عسكرية." لكن القوى الكبرى رفضت رفع الحظر إذ إن جيش الشرق عبارة عن مزيج غير منظم من معارضين سابقين للقذافي ووحدات انشقت عن الجيش خلال الثورة ومدنيين غير مدربين ورجال عشائر.