قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    اقتصاد المناطق الحل للتنوع الاقتصادي    يوم التأسيس.. مجدٌ يتجدد ووطنٌ يزهو بتاريخه    الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون يكرّم الفرق الفائزة بمعسكر الابتكار الإعلامي في المنتدى السعودي للإعلام    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء حكومات مجموعة الكاريبية (كاريكوم)    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق وأمطار خفيفة شمال المملكة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    برعاية خادم الحرمين .. انطلاق النسخة السادسة من بطولة كأس السعودية 2025 لسباقات الخيل    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    امسك حرامي «المكالمات الفائتة فخ» .. احذر    «الغالي ثمنه فيه»    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    هل ستخف حدة حرب التجارة الدولية؟    «محادثات الدرعية» تذيب خلافات القطبين    نائب أمير مكة يدشّن الهوية الجديدة لموسم جدة    هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟    محمد الشقاء يوثّق سيرته الصحفية مع أستاذه «الوعيل»    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    الحركان: أساس راسخ ونظرة ثاقبة وتاريخ عريق    القوات البرية والجيش الأميركي يختتمان مناورات «الصداقة 2025» بالمنطقة الشمالية    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق فيلم "ليلة الصفراء" احتفاءً بمناسبة يوم التأسيس    توقيع عدة اتفاقيات تعاون    هالاند يسابق الزمن للحاق بمواجهة ليفربول    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    ألا يحق لنا أن نفخر ؟    درس في العقلانية الواقعية    «شعبنتوا» ولا لسه ؟    تعليم جازان يحتفي بيوم التأسيس تحت شعار يوم بدينا    بال3.. الرائد يتخطى الرياض    وزير الصحة يتفقد جاهزية المنشآت الصحية في مكة    مستشار الأمن القومي الأميركي : ترمب مُحبط من زيلنسكي    وزارة الخارجية السعودية تعرب عن تضامنها مع دولة الكويت    فيصل بن فرحان يبحث العلاقات الثنائية مع وزير خارجية المملكة المتحدة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    محافظ الطائف يهني النقيب الشمري    بلدية محافظة الشماسية تستعد للاحتفال بيوم التأسيس    أكثر من 5 ملايين مُصلٍ في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (17) كجم "حشيش"    الدكتور المسعود والدكتور الصميلي وجهان مشرقان للتاريخ السعودي    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجًا أكاديميًا    نائب أمير الرياض يرعى الحفل السنوي لجمعية كيان للأيتام    «الشؤون الإسلامية»: البرنامج يستهدف 61 دولة    بتوجيه من خادم الحرمين وولي العهد.. عبدالعزيز بن سعود يستعرض مع ملك الأردن ووزير الداخلية التعاون الأمني    وضعت تصورًا شاملًا ومتعدد المراحل للتعافي المبكر.. مصر تدعو المجتمع الدولي لدعم خطة إعمار غزة دون تهجير    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    مستقبل السعودية.. جذور متأصلة ورؤية متمكنة    









نماذج مشرقة من بر الوالدين!
نشر في اليوم يوم 31 - 07 - 2015

يعجب المرء عندما يسمع بقصص عقوق الوالدين في الأزمان المتأخرة، والتي بلغت إلى درجة القتل لأحد الوالدين، إنها صورة لم ولن يتخيلها عاقل، قد يقول قائل: هذا في بلاد الغرب فقط، أقول: رويدك بل في بلاد المسلمين للأسف.
ليس مقالي عن قصص عقوق الوالدينن فهي جانب مظلم تضيق منه الصدور، وتتكدر الأمزجة، والجانب المشرق هو الذي يحسن ذكره، والتشبه به إن لم نكن مثله.
دعوني أبدأ بكتاب الله، فكثيرا ما يقرن الله عبادته ببر الوالدين: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا»، ومعنى قضى: أمر وألزم وأوجب، «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا»، وقرن أيضا شكرهما بشكره «أن أشكر لي ولوالديك إليّ المصير»، والوالدان ولو كانا كافرين فيجب البر بهما في غير معصية «وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما»، وإبراهيم عليه السلام رغم كفر والده إلا أنه دعاه إلى الدين الصحيح برفق ولين فكرر معه «يا أبت» مرات، والسنة النبوية مستفيضة في وجوب بر الوالدين يمكن الرجوع إليها في مظانها.
أما الصور المشرقة من حال السلف مع بر الوالدين فعجب عجاب، سواء قولا أو فعلا وتعاملا فلنأخذ جملة منها:
عن عُروةَ بن الزبير قال: «ما برَّ والدهُ من شدَّ الطَّرفَ إليه». رواه ابن أبي شيبة في «المصنف»، ومعنى شد الطرف، أي النظر شزرا، وهي النظرة التي تكون في حال الغضب، عن عروة «رضي الله عنه» في قوله: «واخفض لهما جناح الذل من الرحمة»، قال: إن أغضباك، فلا تنظر إليهما شزرا، فإنه أول ما يعرف غضب المرء بشدة نظره إلى من غضب عليه.
وكان محمد بن سيرين من أبر الناس بأمه، فماذا كان يفعل؟
قال هشام بن حسان: حدثتني حفصة بنت سيرين قالت: كانت والدة محمد - يعني ابن سيرين - حجازية، وكان يعجبها الصبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوبا اشترى ألين ما يجد، فإذا كان العيد، صبغ لها ثيابا، وما رأيته رافعا صوته عليها، كان إذا كلمها كالمصغي إليها.
وعن ابن عون، أن محمدا كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل لا يعرفه، ظن أن به مرضا من خفض كلامه عندها -أي أمه -.
ورفع الصوت على الوالدين في الأزمان المتأخرة أصبح متفشيا للأسف، بل لا يقارن بصور العقوق الأخرى، وإذا كان الله نهى عن كلمة «أف» «فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما»، فكيف برفع الصوت؟ وكيف بالضرب؟ وكيف بالقتل؟ نسأل الله العافية.
ودعوة الوالدين للأولاد له أثره فيهم، فهذا سُليم بن أيوب يروي قصته مع حفظ القرآن وتعلم العلم بسبب دعاء أمه له.
قال سهل الإسفراييني: حدثني سليم أنه كان فِي سفرةٍ بالري وله نحو عشر سنين فحضر بعض الشيوخ، وهو يلقن، فقال لي: تقدم فاقرأ، فجهدت أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك، لانغلاق لساني، فقال: ألك والدة؟ قلت: نعم، قال: قل لها تدعو لك أن يرزقك اللَّه القرآن والعلم، فرجعت فسألتها الدعاء، فدعت لي، ثم إني كبرت، ودخلت بغداد فقرأت بها العربية، والفقه، ثم عدت إلى الري، فبينا أنا فِي الجامع، أقابل مختصر المزني، وإذا الشيخ قد حضر، وسلم علينا، وهو لا يعرفني، فسمع مقالتنا، وهو لا يعلم ما نقول، ثم قال: متى نتعلم مثل هذا؟ فأردت أن أقول: إن كانت لك والدة قل لها تدعو لك، فاستحييت منه.
ومحمد بن المنكدر ماذا كان يصنع مع أمه؟ وكيف قارن عمله مع أمه بعمل أخيه؟
قال سعيد بن عامر: قال ابن المُنكَدِر: باتَ أخي عمر يُصلّي، وبِتُّ أغمز قدم أمِّي، وما أحبُّ أنَّ ليلتي بليلته.
بمعنى أن عمل أخيه نفعه له فقط، بينما تدليك محمد بن المنكدر لقدم أمه نفعه متعدٍّ لوالدته، وهو من البر الذي لا يأنف الابن من عمله للوالدين.
ومحمد بن بشار المعروف ب»بُندَار» أطاع أمه في عدم السفر لطلب العلم فماذا كان مصيره؟
قال عبدالله بن جعفر بن خاقان المرزوي: سمعت بُندارا يقول: أردت الخروج، يعني: الرحلة، فمنعتني أمي، فأطعتها، فبورك لي فيه.
أي بورك له في العلم الذي تعلمه بسبب طاعته لأمه فكان بُندارا بحق، لأن معنى «بُندار»: الحافظ، ولذلك قال عنه الذهبي في «السير»: الإمام الحافظ، رواية الإسلام، أبو بكر العبدي البصري بندار، لقب بذلك، لأنه كان بندار الحديث في عصره ببلده، والبندار الحافظ.. وجمع حديث البصرة، ولم يرحل، برا بأمه، ثم رحل بعدها.
وأحمد بن مسلم الأبّار أطاع والدته عندما لم تأذن له بالرحلة لطلب العلم فماذا قال؟
قال جعفر الخلدي: «كان الإمام الأبّار من أزهد الناس، استأذن أمه في الرحلة إلى قتيبة، فلم تأذن له، ثم ماتت فخرج إلى خراسان، ثم وصل إلى «بلخ»، وقد مات قتيبة، فكانوا يعزونه على هذا، فقال: هذا ثمرة العلم؛ إني اخترت رضا الوالدة.
وابن عساكر صاحب كتاب «تاريخ دمشق» أطاع والدته في عدم الرحلة والسفر لطلب العلم فاستجاب لها، وبورك له في ذلك فأصبح من حفاظ الأمة.
قال ابن النجار: قرأت بخط معمر بن الفاخر في معجمه: أخبرني أبو القاسم الحافظ إملاء بمنى وكان من أحفظ من رأيت، وكان شيخنا إسماعيل بن مُحمَّد الإمام يفضله على جميع من لقيناهم، قدم أصبهان ونزل في داري، وما رأيت شابا أحفظ ولا أورع ولا أتقن منه، وكان فقيها أديبا سنيا، سألته عن تأخره عن الرحلة إلى أصبهان، قال: استأذنت أمي في الرحلة إليها، فما أذنت.
وقصص أخرى كثيرة في البر بالوالدين في كل عصر ومصر حتى لبعض المعاصرين لعله يأتي عليها الوقت لطرحها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.