عدلت روسيا عقيدتها البحرية لمواجهة ما تصفه التوسع "غير المقبول" لحلف شمال الاطلسي على حدودها، وذلك من خلال إجراءات إبرزها تعزيز المواقع الاستراتيجية في البحر الأسود والمحافظة على وجود دائم في المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، بحسب وثيقة للكرملين. والوثيقة التي نشرتها الرئاسة الروسية على موقعها الالكتروني، تأتي بعد بضعة أشهر على إعلان موسكو عن عقيدة عسكرية جديدة تتصدى لتعزيز الحلف الأطلسي قدراته في أوروبا الوسطى، وذلك في إطار توترات بين روسيا والغرب لا سابق لها منذ انتهاء الحرب الباردة تسببت بها خصوصا الأزمة الأوكرانية. والوثيقة الواقعة في 48 صفحة تشير ايضا الى "الطابع غير المقبول بالنسبة الى روسيا لمشاريع نقل بنى تحتية عسكرية للحلف الاطلسي الى حدودها". وتضع العقيدة البحرية المعدلة خصوصا هدف "تطوير البنى التحتية" لاسطول البحر الاسود في القرم، شبه الجزيرة الاوكرانية التي ضمتها موسكو في 2014، كما تنص على "اعادة ارساء سريعة وشاملة للمواقع الاستراتيجية لروسيا، ودعم السلام والاستقرار". وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين، بحسب ما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية: إنه في العقيدة البحرية الجديدة تم "التركيز على المحيط الاطلسي والقطب المتجمد الشمالي"، مشيرا الى ان "اهتمامنا بالمنطقة القطبية الشمالية سببه توسع الحلف الاطلسي شرقا". وفيما خص المحيط الاطلسي، تنص العقيدة الجديدة على "ضمان وجود عسكري بحري كاف لروسيا في المنطقة". والأمر نفسه ينطبق على البحر المتوسط، حيث سيكون وجود البحرية الروسية "بصورة دائمة". وتنص العقيدة العسكرية التي صادق عليها الرئيس فلاديمبر بوتين في أواخر 2014 على أن توسع الحلف الأطلسي، التي تعد الولاياتالمتحدة أكبر المساهمين فيه، يشكل تهديدا أساسيا لأمن روسيا. وكان بوتين أعلن في منتصف حزيران/يونيو الفائت، تعزيز قوة الردع النووية الروسية ردا على مشروع اميركي لنشر أسلحة ثقيلة في اوروبا الشرقية، ما أثار غضب الحلف الاطلسي الذي اعتبره قرارا "خطرا". وبسبب التوتر بين روسيا والغرب على خلفية الازمة الاوكرانية عززت موسكو مؤخرا ميزانيتها العسكرية التي باتت تمثل 21 % من اجمالي الميزانية الروسية، وهو ضعف ما كانت عليه في العام 2010، بحسب مركز الابحاث المستقل غايدار. وقالت وكالة أنباء سبوتنك الروسية: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقع المرسوم بشأن تعديل إعلان مبادئ السياسة البحرية أو العقيدة البحرية الذي صدر في عام 2001، حتى تأخذ روسيا في الاعتبار عندما تنشط في بحار العالم، التطورات الأخيرة في الساحة الدولية والتغيرات التي طرأت على القوات البحرية الروسية في الفترة الأخيرة. ويركز الإعلان المنقح على محورين اثنين من محاور السياسة البحرية الروسية هما محور الشمال ومحور الأطلسي. وفي محور الشمال تولي روسيا ممر النقل البحري في المحيط الشمالي وما تحويه بطون منطقة القطب الشمالي من ثروات طبيعية، جل اهتمامها. وفي محور الأطلسي ترى روسيا ضرورة وجود قوات بحرية روسية في المحيط الأطلسي والبحر المتوسط لمواجهة تطور حلف شمال الأطلسي واقترابه من حدود روسيا. وفيما يخص البحر المتوسط بالذات تعتزم روسيا تحويله إلى منطقة تنعم بالاستقرار العسكري والسياسي. وفي المحيط الهادئ والمحيط الهندي، تتطلع روسيا إلى تطوير علاقات الصداقة مع الصين والهند. ويدعو الإعلان المنقح لمبادئ السياسة البحرية الروسية إلى ضرورة توطيد المواقع في المحيط العالمي. وتم تضمين إعلان مبادئ السياسة البحرية بنوداً تخص أحوال العاملين في القطاع البحري وتقوية صحة البحارة. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا تستمر في تقوية قواتها البحرية. وتقضي خطة تسليح القوات المسلحة الروسية في الفترة 2011 — 2020 بتزويد الأسطول بقطع جديدة تتضمن 16 غواصة استراتيجية، و14 فرقاطة، و35 سفينة حربية من فئة الكورفيت، و6 سفن هجومية صاروخية و6 سفن إنزال.