أقرّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نسخة معدّلة من العقيدة العسكرية لسلاح البحرية، تضع على رأس أهدافها مواجهة تمدّد «الحلف الأطلسي»، وتعزيز وضع روسيا بوصفها «قوة بحرية عظمى»، والحفاظ على وجود دائم لأساطيلها في المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، إضافة إلى تثبيت «مواقعها الاستراتيجية» في البحر الأسود. ونشر الموقع الإلكتروني للكرملين نصّ الوثيقة التي ناقشها بوتين مع القيادة العسكرية، خلال اجتماع نُظِّم على الفرقاطة «أدميرال غورشكوف» في بحر البلطيق. وحمل اختيار مكان الاجتماع قرب إقليم كاليننغراد (أقصى غرب روسيا)، رسالة إلى الغرب على خلفية التحضير لتعزيز الدفاعات العسكرية الاستراتيجية في الإقليم، رداً على نشر أسلحة أميركية في شرق أوروبا. وأشارت الوثيقة إلى «الطابع غير المقبول لمشاريع نقل بنى تحتية عسكرية للحلف الأطلسي إلى الحدود الروسية». وأبرزت بين أهدافها، «تطوير البنى التحتية» لأسطول البحر الأسود في شبه جزيرة القرم، و «إعادة إرساء سريعة وشاملة للمواقع الاستراتيجية لروسيا، من أجل دعم السلام والاستقرار والحفاظ على مصالح البلاد». ديمتري روغوزين، نائب رئيس الوزراء الروسي المسؤول عن ملف التسليح والتصنيع العسكري، قال إن العقيدة الجديدة تشمل ستة اتجاهات إقليمية، هي المحيط الأطلسي ومنطقة القطب الشمالي والمحيط الهادئ وبحر قزوين والمحيط الهندي والقارة القطبية الجنوبية. ونصّت الوثيقة على «ضمان وجود عسكري بحري كافٍ ودائم لروسيا في المنطقة (الأطلسي) وفي البحر المتوسط». وأعلن روغوزين «التركيز على المحيط الأطلسي والقطب المتجمّد الشمالي»، مضيفاً: «اهتمامنا بالمنطقة القطبية الشمالية سببه توسُّع الأطلسي شرقاً». وأشار إلى أنه عكس النسخة القديمة من العقيدة، فإن التعديل تضمّن بنداً خاصاً بتطوير تشييد السفن العسكرية والمدنية. ولفت إلى أن روسيا استعادت خلال السنوات الماضية، المستوى الذي كان عليه الاتحاد السوفياتي في هذا المجال. وقال روغوزين إن تعديل العقيدة البحرية التي أُقرّت في صياغة أولى عام 2001، سببه «تغيير الوضع السياسي الدولي وضرورة تعزيز موقع روسيا كقوة بحرية عظمى». وذكر أن العقيدة الجديدة تشكّل «نظاماً أساسياً للسياسة البحرية، أي أنها وثيقة تعكس التخطيط الاستراتيجي الروسي». وجاء التعديل بعد أشهر على إعلان العقيدة العسكرية الجديدة لموسكو، والتي وضعت بين أهدافها «التصدّي لتعزيز قدرات الحلف الأطلسي في أوروبا الوسطى». وصادق بوتين على العقيدة أواخر العام الماضي، على خلفية أسوأ أزمة تضرب العلاقات الروسية مع الغرب، بسبب النزاع في أوكرانيا. كما عدّلت موسكو في الفترة ذاتها تقريباً، عقيدتها في السياسة الخارجية، إذ أبرزت هدف الدفاع عن مصالح روسيا في مواجهة «المتغيّرات الكبرى» في العالم، وشغلت فيها العلاقات مع بلدان حليفة لروسيا، مثل الصين ومجموعة البلدان المنضوية في منظمات إقليمية، مثل مجموعة «بريكس» و«منظمة شانغهاي للتعاون»، مكانة متقدّمة، فيما تراجعت أوروبا التي شغلت تقليدياً مكانة متقدّمة في عقيدة السياسة الخارجية. وترافقت «المراجعات» التي أجرتها روسيا على الوثائق الأساسية التي تبلور تحرّكاتها الاستراتيجية في العالم، مع زيادة تُعتبر سابقة في الإنفاق العسكري، إذ بلغت الموازنة العسكرية العام الماضي نحو خمس الموازنة الإجمالية لروسيا، بزيادة مرتين عن العام 2010. كما أعلنت موسكو خلال الأشهر الأخيرة، برامج ضخمة لتعزيز قوتها للردع النووية، ولوّحت بنشر أسلحة ذرية في شبه جزيرة القرم وصواريخ متطوّرة في المناطق الحدودية مع أوروبا.