هل تنتمي اليونان إلى منطقة اليورو؟ هذا السؤال الأساسي أدى إلى انقسام حكومات أوروبا لأشهر عديدة، ولا يزال الوضع كذلك. حيث إن الصفقة التي أعلن عنها للتو تتظاهر فقط بأنها قادرة على حل خلافهم. لهذا السبب لن تكون مجدية، وهذا كاف على اليونان لتغادر نظام اليورو. وإن فرصة قبول الشروط التي أمليت على رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس في نهاية الأسبوع الماضي هي فرصة ضئيلة، وكذلك فرصة تنفيذها واستدامتها من قبل هذه الحكومة اليونانية أو الحكومة التي تأتي بعدها. قد يقبل بها البرلمان اليوناني هذا الأسبوع لأنه يعتقد أن البديل عنها أسوأ - وعلى المدى القصير، قد يكون هذا صحيحا. أما على المدى الطويل، فإن صفقة فرضت بالإكراه المتطرف، ولاقت استياء مريرا من قبل معظم اليونانيين، لن تنجح. ومنذ وقت ليس ببعيد، كان يمكن تخيل نتائج أفضل. كان هذا يتطلب حلا وسطا على كلا الجانبين. كان يمكن لليونان أن تعترف بحاجتها إلى إجراء إصلاحات اقتصادية بعيدة المدى وإعادة بناء الثقة مع دائنيها. كان يمكن لأوروبا أن تستجيب عن طريق تقديم مساعدة جديدة مشروطة - كافية لدعم الاقتصاد اليوناني من خلال مرحلة انتقالية مؤلمة. ومثل هذا الميثاق لم يعد أمرا ممكنا. لقد انهارت الثقة إلى درجة أنه يقال لليونان إنها يجب أن تصبح مستعمرة تابعة للاتحاد الأوروبي، وليس دولة ذات سيادة. لقد تم إرغامها على صفقة سوف تستاء منها لسنوات، ولن تشعر نحوها بأي نوع من الالتزام. في ظل هذه الظروف، فإن أفضل خيار متاح هو المغادرة. وكان ينبغي على الصفقة الحالية أن تؤدي إلى اقتسام الاختلاف بين قادة أوروبا المنقسمين. تريد فرنسا وبلدان أخرى أن تبقى اليونان في نظام اليورو، أما ألمانيا ومؤيدوها فلا يريدون ذلك. النتيجة هي أنه يجب على اليونان الموافقة على شروط أشد صرامة من تلك التي تم تقديمها سابقا، وإقرار قوانين من أجل تنفيذ تغييرات بعيدة المدى في السياسة الاقتصادية في غضون ثلاثة أيام، ووضع مخزون ضخم من الأصول المعينة للخصخصة تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، حينها، وعندئذ فقط، سوف تطلب ألمانيا وحكومات منطقة اليورو الأخرى من مجالسها التشريعية للحصول على إذن البدء في مناقشة برنامج إنقاذ جديد. وهذا النهج يجعل من الممكن نظريا أن تبقى اليونان في نظام اليورو، لكن عمليا سيكون الأمر بالغ الصعوبة. ذلك أن الشروط صارمة جدا إلى درجة أنها يمكن أن تكون خارج سلطة تسيبراس لتحقيقها. ربما يغلب على الظن أنه بالنسبة لألمانيا ومؤيديها، هذا هو بيت القصيد. وإن محاولة طمس الخلاف بين الذين يريدون بقاء اليونان في منطقة اليورو والذين لا يريدون ذلك - وبالتالي الفشل في اتخاذ قرار بشأن الغرض الأساسي من الاستراتيجية - من شأنها أن تطيل العذاب الطويل أصلا وترفع من التكاليف. الخطر بأن هذا الاتفاق يمكن أن يؤذي المشروع الأوروبي بأكمله، إن لم يكن قد أضر به فعلا، ينمو ويتزايد يوما بعد يوم. ونظرا لتاريخ تسيبراس من الاستفزاز والمراوغة، وتاريخ اليونان من الغش في المالية العامة وعدم الكفاءة، فإن يكن قبوله المتأخر في الأسبوع الماضي لعرض الدائنين منتهي الصلاحية لم يكن كافيا بحد ذاته. لم يكن من غير المعقول للدائنين المطالبة باتخاذ تدابير بناء الثقة - مثل إقرار جزء كبير من التشريعات (مثلا فرض قانون بخصوص ضريبة القيمة المضافة) مرة واحدة كعربون عن حسن النية. ولكن المطالبة بإقرار فوري لكمية هائلة من التدابير، وكثير منها مرتبط بشكل خفيف بحالة الاستقرار في المالية العامة، كثمن لإمكانية إجراء محادثات حول برنامج جديد، توحي من جميع نواحيها بأن الهدف منها بالضبط هو الإذلال - وهذه بالتأكيد ستكون نظرة الناس في اليونان إلى هذا الأمر. ويبدأ نص الاتفاقية بالتأكيد على أنه، عندما يتعلق الأمر بالالتزامات المتعلقة بالسياسة الاقتصادية، يكون موضوع المسؤولية من قبل السلطات اليونانية أمرا هاما. وفي الواقع هو كذلك. لهذا السبب لن تكون هذه الصفقة مجدية في النهاية. أيا كان ما سيحدث في الأسابيع القليلة المقبلة، قد ينتهي الأمر بمغادرة اليونان لنظام اليورو. لا شك أن الخروج الآن سيكون أمرا مؤلما. والمخاطر التي ستتعرض لها بقية أجزاء أوروبا لن تكون ضئيلة. لكن اليونان ستكون على الأقل مسؤولة عن مستقبلها، ولن يكون هناك غير اليونان من يُلقى عليه اللوم عليها بسبب نكساتها. كلما حدث هذا بشكل أسرع، كان ذلك أفضل.