يقول يانيس فاروفاكيس إنه سوف يتخلى عن منصبه كوزير مالية اليونان بعد استفتاء هذا الأسبوع إذا صوت الناخبون بالقبول (نعم) لشروط الإنقاذ التي يطالب بها دائنو اليونان. إذا كان هنالك تصويت بالرفض، يقول أيضا إنه يفضل "قطع ذراعه" بدلا من التوقيع على اتفاقية لا تتضمن إعادة هيكلة للديون. كل هذا يشير إلى أنه، خلال أيام قليلة، إما أنه سيكون عاطلا عن العمل أو بذراع واحدة - ذلك لأن التأكيد الذي أشار إليه بأنه يمكن إتمام اتفاقية مستساغة في ظرف "ساعة واحدة" هو أمر خيالي، ومن دون مثل هذا النوع من الاتفاقيات، سوف ينفذ المال في اليونان. وما كان بالفعل مأساة يونانية يصبح الآن مهزلة. يوم الأربعاء، يبدو أن رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس أجرى تغييرا ملحوظا من خلال قبوله معظم الشروط التي طالب بها الدائنون لعملية إنقاذ جديدة. كما هي الحال، رغم ذلك، أراد إحداث تغيير هنا في إصلاحات نظام المعاشات التقاعدية وتعديل هناك في الخصومات الضريبية للجزر اليونانية المعتمدة على السياحة. رفض محاورو اليونان المشاركة في اللعبة. وقال وزير المالية الهولندي جيروين ديجسيلبلوم: "نحن لا نرى أي مبرر لإجراء المزيد من المحادثات في هذه المرحلة". باقتراح إجراء استفتاء يوم الأحد - صيغة الاقتراع هي نموذج للتشويش - أعد تسيبراس خناقا يضيق عليه نفسه. يصر نظراؤه في الاتحاد الأوروبي على أنه ينبغي تفسير التصويت على أنه خيار واضح للدخول أو الخروج في منطقة اليورو. في مقابلة أجريت مع جاي جونسون في تلفزيون بلومبيرج، تشبث فاروفاكيس بالحجة القائلة إنه بسبب "قيام أوروبا بابتكار القواعد أثناء مسيرتها"، فإنها سوف تلتزم برغبات اليونان فيما لو صوَت اليونانيون برفض المزيد من التقشف. يشير فاروفاكيس إلى أن البنك المركزي الأوروبي سوف يقدم مليارات اليورو اللازمة لإعادة فتح مصارف اليونان الأسبوع القادم، بينما سيوافق الاتحاد الأوروبي على صفقة مساعدات هي من الناحية العملية من إعداد الحكومة اليونانية لنفسها - بما في ذلك توسيع نطاق تواريخ سداد الديون الموجودة. وهذا لن يحدث. ستكون هنالك حاجة إلى إعادة هيكلة الديون في مرحلة معينة، لكن الاستفتاء اليوناني لن يدرجها على جدول أعمال الأسبوع القادم بغض النظر عن النتائج. وبينما ترى الحكومة اليونانية آثارا واضحة للتصويت بنعم - سوف توقع على الصفقة التي تم تقديمها في الرابع والعشرين من يونيو، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يقول إنها لم تعد صالحة أو سارية المفعول - إلا أن الفوضى التي تعقب التصويت بالرفض سوف تكون مشهدا يرثى له. وفي حين أن كلا من فاروفاكيس وتسيبراس سوف يقولان إنهما قد حصلا على ولاية ديموقراطية جديدة، إلا أن بقية الاتحاد الأوروبي سوف تناقش كيفية إخراج اليونان من منطقة اليورو - على الرغم من عدم وجود أية آلية قانونية للإخراج. أجري استطلاع للرأي من قبل (جي بي أو) عبر موقع euro2day.gr وشمل حوالي ألف شخص، كان 47 بالمائة منهم يفضلون التصويت بالقبول (نعم)، مع 43 بالمائة يميلون إلى التصويت بالرفض (لا) مع هامش خطأ تبلغ نسبته 3.1 نقطة مئوية. وبعد فشلها في تسديد مبلغ 1.7 مليار دولار استحقت يوم الإثنين، تصبح اليونان الآن متأخرة في تسديدها مستحقات صندوق النقد الدولي - كناية عن الإعسار أو عدم القدرة على الوفاء بالتزامات الديون. أما ضوابط رأس المال التي تم إدخالها خلال عطلة نهاية الأسبوع لتقييد اليونانيين في السحب اليومي بمقدار 60 يورو فقط يوميا فقد بدأت في إحداث الأضرار، حيث بدأت تنفد النقود من فئة 20 يورو من أجهزة الصراف الآلي، وهو ما يعني من الناحية العملية وجود حد أدنى من 60 يورو، على اعتبار أن أوراق البنكنوت الموجودة هي من فئة ال50 يورو فقط. قد تنفد الأموال قريبا من المصارف، ما يدفع اليونانيين لكنز المال الذي يمكنهم الحصول عليه في الوقت الذي ترفض فيه الشركات قبول الدفع بواسطة بطاقات الائتمان. إن الوضع ينتشر بسرعة ليصبح ما تدعي الحكومة الجديدة خطأ أنها ورثته في شهر يناير – أزمة إنسانية. وكان فاروفاكيس على حق بخصوص نقطة واحدة. ردا على سؤال حول إذا كان يعتقد أن الاتحاد الأوروبي يفضل عدم التعامل مع حكومته على الإطلاق، قال فاروفاكيس إن ذلك كان "أمرا بديهيا تماما". عند سؤاله فيما إذا كانت ألمانيا تسعى لتغيير النظام في اليونان، أجاب قائلا "هذا أمر وارد جدا، وليس لدي مجال للتعليق". وهذه فرضية معقولة، وهي فرضية مثيرة للقلق. كان سلوك تسيبراس غير معقول: فقد أبدى تجاهلا متعجرفا للآثار الاجتماعية المترتبة على المقامرة بعلاقات بلاده مع دائنيها. لكن شعب اليونان منحه السلطة في شهر يناير من خلال انتخابات حرة ونزيهة. إذا جرده الناس منها بالتصويت بنعم يوم الأحد، فإن هذا هو خيارهم. لكن ينبغي على الاتحاد الأوروبي التعامل بعناية فائقة حتى لا يظهر أنه يسعى للإطاحة بالحكومة. وفي حين أن هناك مبررا مطلقا للقادة الأوروبيين في غضبهم من سياسة حافة الهاوية التي يتبعها تسيبراس، قد يكون من الخطر السماح لذلك الغضب بالتأثير في حكمهم في الأسبوع المقبل، بغض النظر عن النتيجة التي سيؤول إليها الاستفتاء. في حالة التصويت بالرفض، قد يصبح أحد الجيران في الاتحاد الأوروبي فجأة على وشك فقدان الغذاء والدواء. بدلا من الاستسلام لأي إغراء للانتقام من خمسة أشهر مهدورة، تحتاج أوروبا للتركيز على حل الأزمة داخل حدودها وإعادة الاقتصاد اليوناني إلى مسار الانتعاش.