مرَّ ضيفنا رمضان على عجل ولاشك أن لهذا الشهر الفضيل فرحة لا توصف عند مقدمه واستقباله، ونسأله أن يجعلنا فيه من المقبولين الفائزين وأن يعيده على الأمة الإسلامية جمعاء وهي تنعم بالعز والنصرة. لسنة كاملة سنفتقد عادات جميلة وروحانية تأبى أن تكون في غيره من الشهور، إلا أن هناك ظاهرة غير مستحبة تكاد تكون عادة رمضانية كونها أصبحت مألوفة! شاهدتها هذه السنة منذ أطلَ علينا شهر الرحمات، مجموعة من النساء في الأحياء الفقيرة والمتوسطة يفترشن الأرض عند المحلات التجارية والزوايا والأرصفة تحرياً للصدقات وهذا يدل على أن الحاجة هي أم هذه الظاهرة وأنهن لم يخرجن عبثاً! وبغض النظر عن أن المشهد غير لائق حضارياً؛ يؤلمني في الحقيقة اضطرارهن إلى الخروج مهما كان حجم حاجتهن لتلك الصدقة وأرى أن المساهم الأول والأخير هو ذلك المتصدق فاعل الخير الذي خرج طاعة لله وعاملا بقوله عز وجل «أنفقوا مما رزقكم الله» ولاريب أنه امتثالٌ عظيم لأمر الله، ولكني أذكره أيضاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (صححه الألباني) أي عمل فكيف بالعبادات! فما الذي يمنع من التحري وسؤال أئمة المساجد ومراكز الأحياء أو الجمعيات الخيرية عن الأسر المستفيدة والمحتاجة وأخذ العناوين ومن ثم إيصال الصدقة إلى أبواب المحتاجين لا توزيعها عليهم في الطرقات، وبهذا الفعل تكون المساهمة في فعل خير ورفع ضرر ومضاعفة الأجر إن شاء الله! وذلك بالتخفيف من تلك الظاهرة وإكرام النساء ببقائهن في بيوتهن عفيفات؛ ورفع الضرر عن بعض المحتاجين وأخص من مدحهم الله عز وجل في قوله تعالى «يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا». نعم هناك من الأسر المتعففة حرموا من المساعدة وكف حاجتهم بسبب تكاسل بعض أهل الخير والاكتفاء بالتوزيع في الطرقات. ويرتبط بالظاهرة المذكورة أن من الناس وبعض فروع جهات خيرية ممن جعلوا أنفسهم وسطاء بين فاعل الخير والمحتاجين يقومون باستقبال زكاة الناس وصدقاتهم لإيصالها للمحتاجين ابتغاء لوجه الله -نحسبهم كذلك ولانزكي على الله أحدا- فتجدهم يجمعونها في مكان ما ويقومون بالاتصال على المحتاجين والمتعففين وعند تجمعهم يقولون لهم اجمعوا مما طاب لكم! فتجد المكان قد أصبح فوضى عارمة، وتكدسا، وزحاما مابين رجال ونساء ويضطر بعض المتعففين للانسحاب رغم حاجتهم؛ وهنا يقع الخطأ والضرر أيها الوسيط الفاضل فانتبهْ أنتَ بهْ، أين إتقان العمل في الأمانة التي أوكلت بها! وختاماً أقول: جزى الله خيراً كلَ مسلمٍ كفَّ الحاجةَ عن أخيهِ المسلما جادَ عليهِ شيئا بأمر ربهِ وأوفاهُ من قبلِ أن يتكلما عزَّ من مدح الله في كتابهِ فكيف يضيعُ من أجرهِ درهما؟!