في كل موسم رمضاني يعود إلى الحياة الاجتماعية الكثير من العادات الخاصة بشهر رمضان الكريم، وينتشر في الأحياء والمحلات التجارية والمنازل عدد من التقاليد الجميلة المستمدة من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، ولا شك أن تفطير الصائمين من الأمور التي حث عليها الإسلام وندب إلى نشرها بين الناس حتى ينال الإنسان بذلك أجر الصيام، وفي كل رمضان تنتشر في الأحياء المخيمات الرمضانية لتفطير الصائمين إضافة إلى المتطوعين الذين يقفون بوجباتهم عند إشارات المرور منتظرين لحظة الأذان حتى يقوموا بتوزيع وجبات الإفطار على المارة وعابري الطرق ممن لم يدركوا الأذان وهم في منازلهم، "اليوم" وفي جولة لها رافقت أولئك المتطوعين لمعرفة كيفية عملهم ومتى يبدؤون وكيف يجمعون الوجبات وما هي خطة انتشارهم في توزيعها فإلى هناك.. في البداية يقول المتطوع عامر القحطاني: أبدأ عملي في تفطير الصائمين بالخروج من المنزل الساعة الرابعة عصراً وأتوجه إلى المخيم الرئيسي بجوار جامع الفرقان وأستلم الجدول الخاص بي والذي يوجهني لمكان محدد، فمثلاً أنا اليوم في المخيم وليس عند الإشارات فأقوم بفرش السفر الطويلة ووضع العصيرات والماء عليها وتجهيز المكان باستقبال الصائمين من العمالة وأصنفهم حسب الجنسية فمثلا الجالية الفلبينية لها قاعة والبنجالية لها قاعة أخرى وكذلك العربية وذلك حتى يفهموا الدروس المطروحة قبيل الإفطار، ولقد استفدت من هذا العمل في التعرف على الناس ومعرفة فضل الله علينا، إذا رأينا من يقاسي الغربة والفقر. أما المتطوع بدر المضحي فيقول: بدأت أعمل مع فريق نور التابع لمركز توعية الجاليات بغرب الدمام منذ أكثر من سنة، وعندما طلبوا مني أن أكون في فريق التفطير بادرت بالتسجيل والانضمام وحبي للأعمال التطوعية هو ما دفعني إلى الالتحاق بفريق نور التطوعي، وعن العمل المناط به يقول بدر: أقوم بتفطير الصائمين عند الإشارات، حيث نجمع أنا وزملائي كراتين الوجبات عند الإشارة قبل الأذان بعشر دقائق تقريباً ونقوم بفتح الكراتين، ومع الأذان نوزع الوجبات على المارة وسالكي الطريق، وأستطيع القول: إنني أوزع مع زملائي قرابة 300 وجبة عند الإشارة الواحدة، ولا شك أن مشاعر الحب والتعاون والتراحم تظهر من خلال هذا العمل، وعن أجمل شيء يجده في توزيع الوجبات يقول: دعوات كبار السن والناس على وجه العموم بأن يوفقنا الله وأن يكتب لنا أجر الصائمين. أما عبدالرحمن حنش فيقول: من خلال عملي في التفطير الجوال فإنني أستطيع القول إن هذا العمل التطوعي خلق بين زملائي المحبة والتعاون والتكاتف كما أن نظرة الناس لنا توحي بأننا مكان تقديرهم واحترامهم، وعن الوجبات التي يوزعها حنش يقول: في هذا اليوم قمت بتوزيع خمسين وجبة، وعدد الوجبات يختلف باختلاف أماكن تواجد الناس وازدحام الإشارات، وهذا العمل الذي تشرفنا بالعمل فيه هو من باب القيام في حاجات الناس إضافة إلى أنه قربة إلى الله تعالى بتفطير الصائمين الذي حث عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف المشهور الذي معناه أنه من فطّر صائماً كان له مثل أجره لا ينقص من أجر الصائم شيء. وقال المتطوع محمد الشنقيطي: إن هذا العمل جعلنا نتعرف على الكثير من الصفات لدى الناس منها حب الخير والتراحم حيث يبادلنا الكثير من المستفيدين العبارات الطيبة من دعاء وشكر وثناء على هذا الجهد ولا شك أن دعوة من صائم لها أثر كبير وقيمة غالية في نفوسنا كمتطوعين. "تعاوني نور": لدينا 22 متطوعا يوزعون وجبات الافطار عند الاشارات المرورية ذكر مدير مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بغرب الدمام "نور" الشيخ يوسف الرشيد أن مكتب نور يعنى بتفطير الصائمين طيلة شهر رمضان المبارك ولله الحمد فقد آتى ثماره هذا المكتب حيث جاوز عمره السنوات الثماني وله جهود مباركة في استقطاب الشباب المتطوعين ككوادر تعمل في تجهيز الوجبات وتوزيعها والمشاركة في أنشطة المكتب، وفي هذا العام لدينا 22 متطوعا داخل المخيم بخلاف المتطوعين الذين يقومون بتوزيع الوجبات عند الإشارات المروية، ويضيف الرشيد إن المخيم يستهدف العمالة الأجنبية والعربية التي تسكن بجوار جامع الفرقان أو حتى عمالة المؤسسات التي تعمل في قطاع غرب الدمام سواءً في معارض السيارات أو غيرها، ولا شك أن هذه العمالة تحتاج إلى الوقفة الإنسانية والتي هي من صميم ديننا الحنيف، حيث ينبغي في هذا الشهر الكريم أن نشعرهم بروحانية رمضان والتعاون والتكاتف الذي حث عليه ديننا الإسلامي العظيم، ويتم في المخيمات توزيع العمالة حسب جنسياتهم فمثلا الجالية الفلبينية لها مخيم خاص والجاليات التي تتحدث الأردو مثل الهنود والبنغاليين لهم مخيم خاص، والجاليات العربية لها مخيم خاص، ويأتي هذا التقسيم حتى يضمن جميع الحضور الفائدة وفهم الدروس التي تلقى في المخيم قبيل الإفطار وغالبا ما يلقي هذه الدروس داعية من أبناء جلدتهم حتى يفهموا كلامه، وتكون هذه الدروس في العقيدة والبعد عن الشرك وفي حب الخير والتعاون وعدم أكل المال الحرام وعدم الغش في المعاملات والتذكير بنعمة الله علينا في الصحة والعافية إضافة إلى استغلال أوقات الشهر الكريم بالعبادة، ويضيف الرشيد قائلاً تستمر هذه الكلمات إلى أن يحين أذان المغرب ثم يبدأ الجميع بالإفطار وبعد الانتهاء منه تذهب تلك الجموع الكبيرة من الجاليات إلى جامع الفرقان لأداء صلاة المغرب. إحصائيات ويشير الرشيد الى أن عدد المستهدفين هذا العام من مختلف الجاليات هو 1500 شخص داخل المخيم وقرابة 300 شخص في سجون الترحيل، إضافة إلى 3000 شخص في مخيم القريان، أي أن المجموع العام للمستهدفين هو 4800 شخص بشكل يومي وهذا يعني تجهيز أكثر من 4800 وجبة بشكل يومي، لذا فإن مكتب نور قد تعاقد مع إحدى الشركات المجهزة للوجبات خلال شهر رمضان المبارك، بحيث يتم تأمين 80 ألف وجبة خلال الشهر الكريم، وتتنوع الوجبات ما بين ماء وتمر وعصيرات متنوعة ووجبة رئيسية مكونة من الأرز والدجاج وبعض الفواكه مثل التفاح والبرتقال والموز. الشيخ اليوسف: تفطير الصائمين يحقق هدف الدعوة إلى الله قال رئيس مجلس ادارة المكتب التعاوني للدعوة والارشاد بالخبر "هداية" الشيخ صالح اليوسف: إن في شهر الخير والجود كان نبينا -عليه الصلاة والسلام- أجود ما يكون في رمضان في الخير والبذل والطاعة، ولهذا نجد أن هذا الشهر يجتهد المسلمون فيه بفعل الطاعات والقربات والصدقات طلبا لمرضاة الرحمن وكذلك تبرز مظاهر التكاتف والترابط والتعاطف بين المسلمين من خلال موائد الإفطار التي تقام في المساجد والتجمعات والشركات وفي الطرقات في المدن وخارجها، والمكاتب التعاونية الدعوية أسست لهذا الإفطار أهداف كثيرة تكون نتاج هذا التعاون المجتمعي الدعوي فمن اهم هذه الأهداف التعاون على التفطير للصائمين ليتحقق للجميع الوعد من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من فطر صائما كان له مثل اجره من غير ان ينقص من اجر الصائم شيء، لا سيما مع كثرة أعداد الصائمين الذين يتم تفطيرهم في المخيمات، وثاني الأهداف إضافة الدعوة الى الإفطار، سواء تعليم المسلمين لعقيدتهم ودينهم وفقه عبادتهم أو إيجاد البرامج الدعوية لغير المسلمين؛ لأن عمل هذه المكاتب الدعوية في مخيمات الإفطار عمل منظم مؤسسي يقوم على جهود كبيرة تستطيع أن تستوعب كل أعداد الصائمين بمختلف لغاتهم وبلدانهم وإعداد خيام لكل أصحاب لغة واحدة أو بلد واحد ليسهل بذلك تركيز جهود الدعوة وتعليمهم أمور دينهم وكذلك تقديم وجبات تتناسب مع ما يلائمهم من الأكل والشرب، ولذا نجد أن في بعض هذه المخيمات ما يصل إلى عشر خيام ضخمة لاستقبال ما يزيد على عشر لغات ولكل لغة ما يناسبها من الدعوة بلغتها، وكذلك من الأهداف إعداد برامج دعوية لغير المسلمين الذين تبهرهم هذه المناشط التي تقوم على التعاون والترابط والتراحم والتعاطف بين أبناء المسلمين وكانت سببا في إسلام الكثير منهم، وأذكر قبل ست سنوات زار السفير الفلبيني مخيم إفطار المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بالخبر لأن المكتب أقام برنامجا موجها لغير المسلمين من الجالية الفلبينية، وبعد رؤيته لهذه الجهود وجه كلمة لأبناء جاليته بقوله إن هذا المشروع أقيم لأجلكم وقام به أناس يصومون نهارهم ويخدمونكم في ليلهم وهذا لا يقوم به إلا أناس يملكون مشاعر الطيب والمحبة ثم طلب من أبناء جاليته أن يقفوا دقيقة تقديرا لهذه الجهود وأصحابها، حيث أذكر أن أحد أبناء الجالية الفلبينة أشهر إسلامه بعد هذه الكلمة برغبته وطوعه، والجميل اننا نرى فيهم حرصا وبذلا، وقد رأيت في مخيم افطار هذا العام 1436 من ضمن المتطوعين في مخيم المكتب التعاوني بالخبر رجلا بلغ الستين تطوع لخدمة الصائمين وكله سرور ونشاط بذلك، وهذا في مفهوم مجتمعنا انه عمل تطوعي لكنه من الامور التي أمر الله بها في قوله "وتعاونوا على البر والتقوى" ايضا هذه المظاهر الخيرية تصنع جسرا من التراحم بين الباذل الغني والفقير المستحق، ويتحقق لكلا الطرفين الخير والأجر، وتجعل مجتمعنا يتمثل الاسلام بأسمى معانيه التي تجعله كالجسد الواحد كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمي والسهر» ولا شك أن هذا الفضل من الله تعالى ثم من الجهود الكبيرة التي تبذلها قيادتنا الرشيدة وفقها الله ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد، ووزير الشؤون الإسلامية، حمى الله هذه البلاد وأهلها من كل شر. تعاون في خدمة الصائمين وتوفير الوجبات لهم بكل سهولة مخيمات الافطار لفتة انسانية سنوية تقوم بها مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات متطوعون يتحدثون ل (ليوم) عن ما يبذلونه في خدمة الصائمين تحضير للوجبات الرمضانية قبيل الأذان