تحدثنا في المقال السابق عن الشخصية الاعتبارية للشركات التي بموجبها تمنح الشركة صلاحية التحمل بالالتزامات واكتساب الحقوق، وعرفنا متى تبدأ الشخصية الاعتبارية للشركة ومتى تكتسب هذه الشخصية الحجية في مواجهة الغير، تلاها الإشارة لانتهاء الشخصية الاعتبارية للشركة والقيد الذي يرد على ذلك، وما زلنا نواصل الحديث حول هذا الموضوع المهم. وقد تناول نظام الشركات أثر تحول بعض الشركات من شكل نظامي لآخر، ونص على أن الشخصية الاعتبارية للشركة لا تنتهي بتحول الشركة من شكل نظامي لآخر، كأن تتحول مثلاً من شركة تضامن إلى شركة توصية بسيطة، بل تحتفظ الشركة بشخصيتها الاعتبارية رغم تحولها. وفي هذا الخصوص نصت المادة (211) من نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) وتاريخ 22/3/1385ه على أنه: «لا يترتب على تحول الشركة نشوء شخص اعتباري جديد وتظل الشركة محتفظة بحقوقها والتزاماتها السابقة على التحول المذكور». وعليه فإن تحول الشركة من شكل لآخر لا يترتب عليه انتهاء الالتزامات والحقوق السابقة على مرحلة التحول، بل تبقى مسئولية الشركاء قائمة عن ديون الشركة إلا إذا قبل بذلك الدائنون ولم يعترض أحدهم على قرار التحول خلال ثلاثين يوماً من إخطاره به بخطاب مسجل، وفي ذلك تنص المادة (212) من نظام الشركات على أنه: «لا يترتب على تحول شركة التضامن أو شركة التوصية براءة ذمة الشركاء المتضامنين من مسئوليتهم عن ديون الشركة إلا إذا قبل ذلك الدائنون ويفترض هذا القبول إذا لم يعترض أحد من الدائنين على قرار التحول خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره به بخطاب مسجل». وكما ذكرنا سابقاً فعند اكتساب الشركة شخصيتها الاعتبارية فإنها تتمتع بذات الحقوق التي يتمتع بها الشخص الطبيعي عدا الحقوق الملازمة لصفة الإنسان الطبيعية، بما في ذلك أن تكون للشركة ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء، وأن تكون لها أهلية في حدود الغرض الذي وجدت من أجله، وأن يكون لها اسم وموطن وممثل يعبر عن إرادتها، وأن تكون لها جنسية معروفة بغض النظر عن جنسية الشركاء. ومن الصفات التي تكتسبها الشركة ذات الشخصية الاعتبارية هو أن يكون لها اسم يميزها عن غيرها من الشركات الأخرى، وبه يتم التوقيع على كافة معاملاتها والتزاماتها، ولها الحق في اللجوء للقضاء ورفع الدعاوى ويمكن كذلك رفع دعاوى ضدها. ويختلف اسم الشركة باختلاف شكلها النظامي، فعلى سبيل المثال يشترط النظام أن يكون لشركة التضامن عنوان يشتق من أسماء الشركاء أو بعضهم مضافاً إليه كلمة (وشركاؤه) كونها شركة أشخاص، أما شركات الأموال كشركة المساهمة يكون لها اسم يستمد من الغرض الذي أنشئت من أجله الشركة، وفقاً لما نصت عليه المادة (50) من نظام الشركات. وكما يكون للشركة اسم يكون لها كذلك موطن خاص بها مستقل عن موطن الشركاء، وموطن الشركة هو المكان الذي يوجد فيه مقر إدارتها الرئيسي، وتتمتع الشركة بكامل الحرية في تحديد موطنها، ويتم تحديده بموجب العقد التأسيسي لها. وتبرز أهمية تحديد موطن الشركة في عدة أمور أهمها رفع الدعاوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مقر إدارة الشركة، وتحديد محكمة الإفلاس عند توقف الشركة عن سداد ديونها، وإعلان الشركة في هذا الموطن بكافة الأوراق التجارية المرتبطة بها. وسوف نكمل الحديث في المقال القادم إن شاء الله تعالى عن الآثار الأخرى المترتبة على اكتساب الشركة للشخصية الاعتبارية. المحامي والمستشار القانوني