تقوم شركات الأشخاص في الأساس على الاعتبار الشخصي للشركاء وعلى الثقة المتبادلة بينهم، وجرت العادة على أن تشكل من عدد قليل من الشركاء يعرف بعضهم بعضاً وتنشأ بينهم ثقة متبادلة. وقد عرف نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) وتاريخ 22/3/1385ه وتعديلاته ثلاثة أنواع من شركات الأشخاص وهي: شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة، وشركة المحاصة. وحديثنا اليوم عن شركة التضامن التي عرّفها النظام في المادة 16 بأنها: «الشركة التي تتكون من شريكين أو أكثر، مسؤولين بالتضامن في جميع أموالهم عن ديون الشركة». ويكتسب فيها جميع الشركاء صفة التاجر عند انضمامهم إليها وإن لم يكونوا تجاراً من ذي قبل، وذلك متى كان الغرض من الشركة مزاولة الأعمال التجارية. ومن خصائص شركة التضامن أن مسؤولية الشريك عن ديون الشركة تكون شخصية ومطلقة، إذ تعتبر هذه الديون بمثابة ديون شخصية في ذمته المالية، وبالتالي فلا تقتصر مسؤوليته عن ديون الشركة في نطاق ما قدمه من حصص ولكن تمتد هذه المسؤولية لتطال كل أمواله، وهذا ما يميز مسؤولية الشركاء في شركة التضامن عن مسؤولية الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة التي سبق الحديث عنها في المقال السابق. حيث يحق لدائني شركة التضامن الرجوع على الشركاء جميعاً أو فرادى لمطالبتهم بالوفاء بما لهم من ديون في ذمة الشركة. وكما أن شركة التضامن تتخذ عنواناً لها يتكون من أسماء الشركاء جميعاً أو يقتصر على اسم أحد الشركاء مضافاً إليه عبارة «وشركاؤه» فيجب أن يكون عنوان الشركة مطابقاً للواقع والحقيقة، بحيث لو اشتمل على اسم شخص من غير الشركاء، وعلم بذلك ولم يعارض من جهته، فإنه يكون مسئولاً بالتضامن عن ديون الشركة أمام الغير، والهدف من ذلك هو إعلام الغير بالأشخاص الذين تتآلف منهم الشركة، ويمكن الرجوع عليهم بالمسئولية عند الإخلال بالالتزامات المترتبة في ذمتها نظراً لمسئوليتهم الشخصية والتضامنية. وفي حالة انضمام شريك جديد إلى الشركة فإنه يكون مسؤولاً بالتضامن عن ديون الشركة السابقة واللاحقة لانضمامه مع باقي الشركاء في جميع أموالهم الخاصة، وكل اتفاق يقضي بخلاف ذلك لا يعتد به في مواجهة الغير، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة 19 من نظام الشركات. أما في حالة انسحاب أحد الشركاء من الشركة فلا يسأل عن الديون اللاحقة لانسحابه طالما تم شهر انسحابه بالطرق النظامية، وتتوقف مسؤوليته عن ديون الشركة عند لحظة خروجه منها. وقد ارتأى المنظم واستقرت أحكام القضاء على عدم أحقية دائني شركة التضامن في الرجوع على أحد الشركاء المتضامنين إلا بتوافر شرطين وفقاً لما نصت عليه المادة 20 من نظام الشركات، الأول: ثبوت الدين بسند رسمي كأن يكون بإقرار من الشركة، أو بحكم قضائي. والثاني: رجوع الدائن على الشركة ومطالبتها بالوفاء بقيمة الدين وامتناع الأخيرة عن الوفاء. وفي حالة تحقق الشرطين فيجوز لدائني الشركة التنفيذ على الأموال الخاصة للشريك المتضامن، ويهدف النظام من وضع هذين القيدين إلى حماية أي شريك متضامن من تعسف أحد الدائنين في استعمال الحق بغية التشهير به أو الإساءة لسمعته أو لأية أغراض أخرى رغم كفاية أمواله ومقدرته على السداد. وجدير بالذكر أنه في حالة عجز الشركة عن الوفاء بديونها وقام أحد الشركاء المتضامنين بالوفاء بديونها من ذمته المالية الخاصة فلا يجوز شهر إفلاسها، بل لها مطلق الحرية في مزاولة أنشطتها التجارية، وللشريك بعد ذلك الحق في الرجوع على الشركة وعلى بقية الشركاء المتضامنين - كل بقدر حصته - ومطالبتهم بالوفاء له بقيمة الدين الذي تكفل بالوفاء به. كما أن إفلاس شركة التضامن يستتبع إفلاس الشركاء المتضامنين، لأن الشريك يكتسب صفة التاجر، والعكس غير صحيح فلو أفلس أحد الشركاء المتضامنين فإن هذا لا يستتبع شهر إفلاس الشركة لأن الشركة ليست مسؤولة عن ديون الشركاء. وأخيراً فإن شركة التضامن تنقضي بأسباب الانقضاء المقررة بحق الشركات القائمة على الاعتبار الشخصي كوفاة أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو شهر إفلاسه أو بانسحابه من الشركة إذا كانت مدتها غير معينة، ومع ذلك يجوز النص في عقد الشركة على خلاف ذلك في حالات حددتها المادة 35 من نظام الشركات.