لم يمض وقت قصير على تأسيس المملكة العربية السعودية، إلا وبدأ العالم يرى فيها متغيرات كثيرة وتطورا سريعا في كل المجالات، جعل العالم ينظر إليها كأحد مراكز القوى السياسية والإستراتيجية المستقبلية. ومع الوقت أصبحت المملكة دولة عندما تتحدث الكل يسمع. ولكن ومنذ تلك الفترة مر على العالم والمنطقة أحداث تؤثر على ما يجري في الداخل السعودي. ورغم ذلك وفي كل مرة تخرج المملكة من وسط هذه الأزمات العالمية أقوى وأكثر تماسكا بين جميع فئات مجتمعها، وأكثر التفافا حول قيادتها. وبعد الحرب العالمية الثانية وفي قمة حرارة الحرب الباردة بدأت المنطقة تشهد قلاقل وانقلابات وتفشى ما يسمى بالمد الشيوعي والاشتراكي والناصري وغيره من المسميات التي سقطت بسببها حكومات في كثير من البلدان المجاورة، بواسطة انقلابات عسكرية دموية أو قيام ثلة من العسكر بإزاحة لحكومات هي في الحقيقة أكثر شرعية من هؤلاء العسكر. ولكن مرة بعد مرة تثبت المملكة للعالم أجمع صلابة الأرض السعودية، والتي يكون فيها المواطن هو السد المنيع لأي قلاقل تريد المساس بأمن هذا الوطن. وفي الماضي حاولت أياد خارجية التلاعب بمشاعر المواطن ودغدغة خيال ثلة من المواطنين السذج. وبالفعل قام بعض من المواطنين السعوديين بالانجرار خلف تلك الشعارات البراقة، لكن سرعان ما عرفوا زيفها ورجع الكل إلى صوابه. ومع مرور الوقت عرف هؤلاء أن الداخل السعودي هو الأكثر أمنا ورخاء. ورغم انه مرت حالات قامت فيها بعض من الدول بالمساس بحدود هذا البلد الطاهر، ولكن سرعان ما تتضح لهم قوة وصلابة المملكة العربية السعودية. وفي السنوات القليلة الماضية بدأت بعض الدول والمنظمات بالقيام باللعب على ما يسمى الطائفية. والتلاعب بألفاظ كلمتي (السنة والشيعة) ليرد عليهم المواطن قبل الجهات الرسمية بأن هذه ألاعيب قديمة عفى عليها الزمن. ورغم ان هناك أناسا بسطاء لا يعون معنى كلمة الطائفية، ولا يعلمون خطورة تبعاتها، إلا أن الكل هنا يعرف أن أمن الوطن خط أحمر، لا يمكن لأحد تجاوزه. والمملكة العربية السعودية هي أم للجميع. ولا يوجد شيء سوى كلمة مواطن سعودي. فما حدث في بلدة القديح في محافظة القطيف هو في الحقيقة إرهاب أسود جاء بعد يأس من يد مجرمة تريد التربص والمساس بتراب هذا الوطن. ويتضح من هذه العملية وأسلوب تنفيذها، أن لها هدفا واحدا وليتضح للكل بأن الإرهاب هو عدو الكل وليس ضد طائفة بعينها. فهذه العملية في الواقع لم تفجر مسجدا بالقديح فقط، بل أنها مست المجتمع السعودي بأكمله. وفي الوقت الحالي فدور المواطن أكبر لأنه المعادلة الأهم لدفن الطائفية. وفي كل مرة يسمع فيها أي نوع من أنواع الأحاديث التي تؤجج هذا الأمر فيجب عليه عدم الترديد للكلام. ومع الوقت لن يجد له أذنا تسمع أو لسانا يردد. وإضافة لذلك فمن الضروري في وقتنا الحالي أن يتم تجريم ومعاقبة كل من يؤجج أو يؤلب ولو بالكلمات أي نوع من أنواع الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد. فالمملكة العربية السعودية هي أم للجميع وترابها وأمنها وأمانها ورخاؤها هو لكل مواطن. فدعونا نفوت الفرصة على كل متربص. كاتب ومحلل سياسي