بدأت أرامكو السعودية منذ عامين، تطبيق فكرة رائدة تعتمد على إنشاء مجلس استشاري من الشباب السعوديين العاملين في الشركة، تكون مهمته التواصل مع القيادات التنفيذية العليا في الشركة وتزويدهم بدراسات واستشارات فنية وتنفيذية في مجالات العمل المختلفة بالشركة. ويتم اختيار هؤلاء القادة الشباب من خلال فتح باب التقدم أمام الجميع في كل قطاعات الشركة، يلي ذلك عقد ورش عمل لاختيارهم عبر منافسات علمية تتعلق بتخصصات عملهم، وأخرى تتعلق باستكشاف روح القيادة لديهم وقدرتهم على مواجهة المشكلات وتقديم حلول مبتكرة ورائدة. أبصرت فكرة المجلس الاستشاري للقادة الشباب في أرامكو السعودية، النور مع ظهور برنامج التحول الإستراتيجي المتسارع، حيث أدركت الإدارة العليا في الشركة سرعة التغير التي يشهدها الواقع الديموجرافي للقوى العاملة، وأهمية أن تتضمن إستراتيجية الشركة وجهة نظر الموظفين الشباب التي ستنطلق بأرامكو السعودية نحو المستقبل. المجلس الأخير الذي بدأ العمل منذ يونيو الماضي، يتكون من 16 شاباً تم اختيارهم عقب سلسلة من إجراءات التقييم الدقيقة والتنافس الشديد الذي شهدته عملية تقييم الطلبات من جانب موظفي الشركة لدخول المجلس في دورته الجديدة بعد انتهاء أعمال الدورة الثانية. ويمثّل الأعضاء الجدد، مجموعة منوعة من الموظفين والموظفات، تعكس شرائح متعددة من الشركة بما فيها من قطاعات أعمال وخدمات ومن مختلف الدرجات الوظيفية ومناطق العمل والمهمات الوظيفية. واستطلعت «اليوم» في هذا التقرير، آراء مجموعة من أعضاء المجلس الاستشاري للقادة الشباب في أرامكو السعودية وهم: ريان الغانم، وحنين دادا، وبندر الخميس، وفداء التويجري، وعزام فايز، ومحمد عامر، ومحمد أقزم، وفيّ الدوسري. بداية الفكرة يمثّل المجلس الاستشاري للقادة الشباب أحد العناصر الأساس لحركة التحول في أرامكو السعودية. وسيشكل الموظفون ممن هم دون سن 35 أكبر شريحة ديموجرافية من القوى العاملة في أرامكو السعودية خلال السنوات القادمة، فقد ترعرع هذا الجيل في عصر مختلف من حيث التقنية والتفاعل الاجتماعي والتوقعات المهنية. ولا شك في أن أرامكو السعودية هي واحدة من أكبر الشركات في مجالات الزيت والغاز والكيميائيات، ولكي تكون الشركة عصرية وابتكارية وقادرة على المنافسة على المستوى العالمي، كان لزاماً الإصغاء لهؤلاء الشباب، واستحداث بيئة عمل تلبي احتياجاتهم. وإذا كانت تجربة أعضاء الدورتين السابقتين للمجلس الاستشاري تعتبر مقياساً في هذا المقام، فهذا يعني أن الكثير من العمل سيقع على عاتق أعضاء المجلس الجديد. كما تتطلب المشاركة في المجلس الاستشاري للقادة الشباب ساعات عديدة من الوقت الشخصي لتلبية احتياجات العمل. تجربة مميزة يقول ريان الغانم، وهو أحد أعضاء المجلس في دورته السابقة: إنه خاض تجربة رائعة «فقد فتح المجلس آفاقاً جديدة أمامي للاطلاع على جوانب عمل مختلفة، إلى جانب اكتساب كمٍّ كبيرٍ من المعارف على الصعيد الشخصي والمهني والاجتماعي خلال فترة قصيرة، ويسرني أن تخوض مجموعة جديدة تجربة الانضمام إلى المجلس فهي فرصة لا تتكرر». وتقول حنين دادا، وهي منسقة في المجلس الاستشاري في الدورة السابقة: «نظراً للطبيعة الاستشارية التي يتصف بها المجلس فإن كثيراً من العمل الذي ننجزه يقوم على البحوث وينطوي على العمل مع دوائر من شتى أنحاء الشركة، وذلك من أجل التوصّل إلى حلولٍ للتحديات التي تؤثر على الموظفين الشباب. وقد استطعتُ من موقعي في المجلس الاستشاري للقادة الشباب أن أعمل مع بعض من أفضل وأبرع زملائي وزميلاتي على مشاريع مختلفة نأمل أن تترك بصمة إيجابية في الشركة». أمّا بندر الخميس، منسق للمجلس الاستشاري للقادة الشباب في دورته الحالية، وعضو دائم للمجلس الاستشاري للقاده الشباب فيقول: «دوري، يتمثل في وضع إستراتيجيات كفيلة بتحقيق أهداف المجلس في أن يكون حلقة وصل بين الإدارة العليا وموظفي الشركة من الشباب، وأن أكون محفزاً لشباب الشركة ليكونوا أعضاء فاعلين في عملهم ومجتمعهم. وتمتد مهام التنسيق لتشمل وضع الآليات اللازمة لتحقيق تلك الاستراتيجيات من خلال القيام بدراسات متعمقة في الموضوعات ذات الأهمية العالية للشركة، وإقامة ورش العمل والمحاضرات التي تشكل جسراً بين الموظفين والإدارة العليا لعكس آرائهم وأخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات. وقد استطاع المجلس منذ تأسيسه الوصول إلى ما يقارب 14 ألف موظف في مختلف مناطق وقطاعات الشركة. كما قام المجلس بإعداد أكثر من عشر دراسات متعمقة وتقديم ما يزيد على 20 خدمة استشارية لامست معظم قطاعات أرامكو السعودية في المجالين التقني والإداري. ولاقت هذه المشاركات الاستحسان من قبل الإدارة العليا، ودخل بعضها حيز التنفيذ وفتحت المجال لقادتها الشباب أن يكونوا جزءاً فاعلاً من آلية صنع القرار». فرصة للتغيير فداء التويجري، منسقة في المجلس الاستشاري في دورته الحالية تقول: «المجلس ليس فقط فرصة لإحداث تغيير، ولكن لتحمّل المسؤولية أيضاً، منذ بداية أول دورة للمجلس في عام 2011، كان الهدف منها إعداد الشباب لقيادة الشركة. لقد تم تأهيل الشباب لذلك من خلال تقديم تصورات لهم على مجموعة متنوعة من القضايا الراهنة التي تواجه الشركة، لذا فنحن أمام فرصة تاريخية للمساهمة وإحداث تغيير ملموس في الشركة». من جهته، يقول عزام فايز، أحد أعضاء المجلس في دورته الحالية: «دوري، في المجلس هو المساهمة من منظور مختلف وثيق الصلة بمختلف التجارب التي اكتسبتها خلال حياتي. نتبادل وجهات النظر ونصل لحلول خارج الصندوق، تعلمت الكثير من الأعضاء الحاليين في المجلس وكذلك من السابقين، وأكثر شيء تعلمته من قيادات أرامكو السعودية هو عملية اتخاذ القرار تحت ضغط». منظور مختلف ويقول محمد عامر، أحد أعضاء المجلس الاستشاري للقادة الشباب في دورته الحالية: «كباحث ومهندس كيميائي، فإنني أجمع بين التفكير النقدي مع تقنيات جمع البيانات التحليلية التي تمثل إضافة لفريق المجلس. بالإضافة إلى أن تجربتي المتواضعة أيضاً كمهندس يعمل على تطوير التقنيات في نطاق المختبر، تمثل عنصراً هاماً في المجلس، وأهدف من وجودي في المجلس إلى تقديم وجهة نظر موضوعية لمجموعة متنوعة من الموضوعات التي لا ترتبط فعلياً بعملي اليومي في مركز البحث والتطوير. وكذلك أحرص على أن يكون صوت الشباب من جميع أنحاء الشركة مسموعاً لدى القيادات العليا. وقد عملنا خلال الشهور الماضية على مجموعة متنوعة من الموضوعات التي تشمل تقييم الموارد البشرية داخل بعض الدوائر في جميع أنحاء الشركة، وتطوير مقاييس الأداء لقياس الإنتاجية الشاملة، ووضع البرامج التنموية للمواهب الشابة التي تدخل الشركة، وتقييم مسارات وظيفية ضمن أرامكو السعودية». محمد أقزم، أحد أعضاء المجلس، يؤكد أن دوره هو حث الشباب في أرامكو السعودية على اكتشاف قدراتهم والمساهمة بفاعلية في صنع المستقبل. ويضيف علي أوتا، أحد أعضاء المجلس أيضا: «شاركت بفاعلية في 3 دراسات متعمقة قام بها المجلس خلال دورته الحالية، كما قدمت ورشة عمل حول الابتكار وساهمت بصفتى ممثلا عن منطقة تقنية المراقبة والتنسيق الإدارية في أنشطة المجلس الأخرى». مورد للمعرفة ومن أعضاء المجلس الاستشاري للقادة الشباب، تتحدث فيّ الدوسري أيضاً بقولها: «المجلس الاستشاري للقيادات الشابة، هو بمثابة مورد المعرفة إلى الشباب من أرامكو السعودية، مما يتيح عملية الاتصال في اتجاهين على حد سواء، فهو من ناحية يمثل أداة للإدارة العليا لإعداد الشباب للقيادة، وكذلك فرصة للشباب لكي يقدموا وجهات نظرهم وابتكاراتهم للشركة. وقد عملنا على مجموعة متنوعة من الموضوعات منذ إنشاء المجلس في عام 2011م بعد إطلاق برنامج التحول المتسارع. وتنوعت الموضوعات من التدريب والتطوير الوظيفي لتقييم البرامج الحالية في الشركة ودعم مبادرات ومشاريع مختلفة». رسالة المجلس تتمثل رسالة المجلس الاستشاري للقادة الشباب، في «إشراك وتحفيز الشباب في الشركة والعمل كمورد فاعل يوفر حلولاً تدفع بالشركة نحو تحقيق هدفها الاستراتيجي». ولتحقيق هذه الرسالة يهدف المجلس إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسة هي: إجراء دراسات على جانب كبير من الأهمية للموظفين الشباب في أرامكو السعودية، لتحقيق الهدف الاستراتيجي لعام 2020م المتمثّل في تحول أرامكو السعودية إلى شركة عالمية رائدة ومتكاملة في مجال الطاقة والكيميائيات، وتقديم خدمات استشارية فيما يتعلق بقرارات الشركة الإستراتيجية، وإشراك موظفين شباب آخرين في التغيرات التي تحدث باعتبارها جزءاً من برنامج التحول الطموح في الشركة، إضافة إلى ضمان استمرار المجلس الاستشاري للقادة الشباب ككيان قائم بذاته. ويعمل المجلس، في سياق دوره كمجلس بحثي استشاري، على ضمان الاستماع لوجهة نظر الشباب ونقلها بوضوح، ويجري ذلك من خلال مشاركته الفاعلة في النقاشات والعروض التوضيحية المرتبطة بتكوين الإستراتيجية من قبل فرق مبادرة برنامج التحول الاستراتيجي المتسارع إلى جانب قضايا أخرى تُطرح أمام المجلس. كما أن فعاليات التواصل في المجلس الاستشاري للقادة الشباب مصممة لفتح قنوات اتصال بين الإدارة العليا والشباب في الشركة. ويقوم المجلس بذلك، من خلال عمله كحلقة وصل بين الطرفين. ولإشراك الموظفين الشباب، يعقد أعضاء المجلس ورش عمل وفعاليات ولقاءات مع الموظفين الشباب في مواقع عملهم لشرح التحول ومناقشة الاتجاه الذي يجب أن تسلكه الشركة. ولاستكمال هذه السلسلة، فإن هناك اتصالات مستمرة بين المجلس والإدارة العليا للشركة لعرض الأفكار التي يطرحها الشباب على الإدارة وبذلك يكون المجلس منبراً لإيصال أصوات الموظفين الشباب للإدارة. وقد نظم المجلس الاستشاري للقادة الشباب ما يزيد على 100 فعالية خلال العامين الماضيين واستطاع التواصل مع ما يزيد على 13500 موظف وموظفة في مختلف أنحاء الشركة. دراسات تحليلية وقام المجلس الاستشاري للقادة الشباب، بالتعاون مع عدد من الدوائر في شتى أنحاء الشركة بإجراء دراسات تحليلية عميقة حول مجموعة كبيرة من الموضوعات المتعلقة بالشباب، تنوعت بين القدرة على التنقل الداخلي وإدارة المعرفة وكون الشركة جهة عمل مفضلة. وسوف تُعرض نتائج الدراسات بعد ذلك على مجلس الإستراتيجية. والجدير بالذكر، أن أعضاء دورتي المجلس السابقتين نفذوا 10 دراسات تحليلية عميقة، وقدموا عدداً من الخدمات الاستشارية للقطاعات المختلفة في الشركة تجاوز عددها 20 خدمة استشارية. ويمكن أن تكون العضوية في المجلس الاستشاري للقادة الشباب، تجربة مجزية على الصعيد المهني، لكنها يمكن أن تكون شاقة أيضاً، فالدورة الأولى للمجلس الاستشاري للقادة الشباب كانت مدتها سنة واحدة، في حين تبلغ مدة الدورة حالياً 18 شهراً. وإذا علمنا أن 3500 شاب وشابة تقريباً، تقدموا بطلبات للانضمام إلى المجلس خلال السنوات الثلاث الماضية، وكانوا مستعدين لمنح الشركة جزءاً كبيراً من وقتهم الخاص على مدار سنة أو أكثر، فلا شك أن ذلك يدل على نوعية الشباب الذين يعملون في أرامكو السعودية. جانب من ورش العمل التي أُقيمت لاختيار أعضاء المجلس الاستشاري للقادة الشباب في دورته الثالثة نشرت القافلة الأسبوعية «النشرة الداخلية للشركة» في عددها الصادر في يناير من العام 1979 خبرًا عن تدريب شباب الشركة في مناطق الأعمال البحرية بهدف تطويرهم وإشراكهم في عمليات صنع القرار بالشركة، وهو ما يؤكد حرص أرامكو السعودية منذ نشأتها على إفساح المجال للشباب لتطوير الأعمال والاستفادة من ابتكاراتهم.