يبدو من غبر المرجح ان تمثل ثلاث سلالات فيروسية جديدة فتاكة من انفلونزا الطيور -أصابت الدواجن والطيور البرية في الغرب الامريكي الأوسط- خطرا وشيكا على البشر إلا ان مجرد انتشار هذه الفيروسات في أمريكا الشمالية جعل العلماء يهرولون لفهم مخاطرها المحتملة على المدى الطويل. وأدت سلالة واحدة منها فقط هي اتش5إن2 الى اعدام الملايين من الديوك الرومية (الحبش) والدجاج فيما تحاول المزارع التجارية جاهدة للحيلولة دون استشراء الفيروس الذي انتقل أصلا من الطيور البرية المهاجرة كالبط والأوز. ولم يصب أي من البشر هناك بالفيروس بيد ان العلماء يقولون إنه يحتمل انتقال الفيروس الى شخص ما يخالط الطيور المصابة بصورة مباشرة على الرغم من صعوبة ان ينقل شخص مصاب هذا الفيروس لانسان آخر. وقال ستيفن مورس خبير الامراض المستحدثة بجامعة كولومبيا "لا تحمل هذه الفيروسات احتمال نقل المرض للبشر في معظم الأوقات لكن يتعين ان يتوخى المرء الحرص البالغ. في هذه الأيام من الصعوبة بمكان قول شيء مؤكد يتعلق بانفلونزا الطيور". وتنقسم الفيروسات المسببة للمرض الى نوعين من البروتينات هما هيماجلوتينين الذي يمثل له بالحرف (اتش) في تركيب الفيروس القاتل ويوجد منه 16 صنفا وبروتين نيورامينيديز الذي يمثل بالحرف (إن) ويوجد منه تسعة أصناف. وتقسم هذه الفيروسات ايضا الى نوعين -من حيث مدى قدرتها على احداث الاصابة والفتك بالطيور- الى فيروةسات شرسة واخرى ضعيفة. وظهرت الفيروسات الفتاكة من انفلونزا الطيور لأول مرة في آسيا في صورة السلالة اتش5إن8 التس سرعان ما استفحلت بين الطيور البرية عبر مسارات هجرتها في المحيط الهادي. وبمجرد وصول الفيروسات الى امريكا الشمالية طرأت عليها طفرات وامتزجت بسلالات انفلونزا الطيور في امريكا الشمالية لتنتج سلالات جديدة تنتشر حاليا. وقال روبين دونيس المدير المشارك بقسم سياسات الانفلونزا للسياسات والاستعداد بالمراكز الامريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن البروتين (اتش) الفتاك بين الدجاج ظهر في آسيا ونشأ البروتين الثاني (ان) وهو الشطر الضعيف في امريكا الشمالية. ولايزال المتخصصون بوزارة الزراعة الامريكية يعكفون على دراسة السلالة الفيروسية اتش5إن8 لكنهم رصدوا سلالتين من الفيروسات ذات الاصول المختلطة وهما فتاكتان الاولى اتش5إن2 والاخرى اتش5إن1 الحديثة التي عثر عليها في الآونة الاخيرة في حالات نادرة. ونظرا لندرة المعلومات عن السلالات الفيروسية الجديدة تجري وزارة الزراعة بالتعاون مع المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها تحاليل تفصيلية عديدة منها رصد التسلسل الجينومي لهذه الفيروسات. أما السؤال الأهم الذي يبحثون له عن اجابة فهو هل توجد احتمالات لتطفر هذه الفيروسات لتصبح قابلة للانتقال بين البشر؟ وقال يورجن ريخت خبير انفلونزا الطيور بجامعة ولاية كانساس "إنه أمر قد يحدث ونحن نود تجنبه ويتعين البحث فيه". وقال إنه يجب على العلماء التوصل الى ما اذا كانت الفيروسات تنتج طفرات عندما تنتقل من عائل من الطيور البرية الى دواجن مستأنسة. وقال دونيس والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها انهما يجريان دراسات على حيوانات التجارب -التي تستخدم كنماذج لامهات بديلة عن البشر- لرصد سلوك الفيروسات في الثدييات وما اذا كانت ستنتقل بيسر الى حيوانات قريبة. ومن بين العلامات المبشرة بالخير ان السلالة الفيروسية اتش5ان2 لا يبدو انها قادرة على التكاثر بسهولة في درجات الحرارة المنخفضة اللازمة لانتقال الفيروس بين البشر. وقال دونيس إن انتقال فيروسات الانفلونزا بين البشر يتم في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي الذي يتميز بانخفاض درجة حرارته. وأضاف "لن تحدث جائحة دون ان يكون بمقدور الفيروس التكاثر بصورة كبيرة في القطاع العلوي من الجهاز التنفسي وان ينتقل بسهولة من خلال الرذاذ". ومضى يقول "حتى الآن فان ما نشهده هو فيروسات خاصة بانفلونزا الطيور التي لا يمكنها الانتقال الى حيوانات التجارب". ومن المتوقع ظهور نتائج الدراسات الخاصة بحيوانات التجارب في غضون اسابيع. وبدأ العلماء في امريكا الشمالية يجمعون ملايين العينات بحثا عن الفيروسات في طيور المنطقة. وقال دونيس "لم ترصد أي حالة للسلالة الفيروسية اتش5ان1" حتى يناير كانون الاول الماضي حين تم عزل سلالة منعزلة مختلطة جديدة منها في البط البري بالولايات المتحدة. والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو ما الذي تغير ليؤدي الى جعل الفيروس أكثر قدرة على الانتشار في اتجاهات شرقية وغربية. والشغل الشاغل للعلماء الآن هو احتمال ان يترسخ الفيروس في مناطق تربية الدواجن في الاسكا وشمال كندا حيث يبرز احتمال ان تصبح هذه الفيروسات عبئا سنويا في كل مرة تهاجر فيها الطيور جنوبا.