أصبحت كلمة «مبروك» من الكلمات التي قلما نسمعها ونرددها من خلال مشاركات «الأخضر» الأخيرة، وأيضا المشاركات القارية المتعددة للأندية، فمن يتابع نتائج المنتخب السعودي مع الجيل الحالي ومنذ عام 2002، يجد الغياب التام على المستوى القاري باستثناء المشاركة الاستثنائية ببطولة كأس أمم آسيا التي أُقيمت عام 2007 في كل من تايلاند وفيتنام وإندونيسيا وماليزيا، والتي وصل فيها المنتخب الأول للنهائي وخسره بهدف أمام العراق، وبعد ذلك بات الأخضر الذي كان طرفا ثابتا في المباراة النهائية لكأس أمم آسيا في خمس مناسبات متتالية منذ 1984وحتى 2000، يجد نفسه طرفا ثابتا في الخروج المبكر من الدور الأول في النسختين الماضيتين في قطروأستراليا. خيبات المونديال على مستوى كأس العالم، كان حضور الأخضر الأخير في مونديال ألمانيا 2006 قبل قرابة عقد من الزمان، ففي تصفيات مونديال 2010 بجنوب أفريقيا صُدم الشارع السعودي من توديع المونديال عبر الملحق الآسيوي أمام المنتخب البحريني وأمام 70 ألف متفرج على ملعب الملك فهد الدولي بالرياض، وكانت الصدمة أكبر في تصفيات مونديال البرازيل 2014 حيث لم يستطع الأخضر الوصول إلى الدور النهائي والتصفيات النهائية، وودع التصفيات مبكرا حيث احتل المركز الثالث في مجموعة ضمت الى جانبه منتخبات أستراليا وعمان وتايلاند. أما الحديث عن البطولة الخليجية، فينتهي في بطولة الكويت 2003، والتي شهدت التتويج الثالث والاخير، وكانت بعدها مشاركات الأخضر شرفية؛ فإما الخروج من الدور الأول أو التوديع من الدور الثاني، وفي أفضل الحالات يكون الحضور خجولا، والهزيمة في المباراة النهائية. إخفاق الاندية الكثير يوجّه أصابع الاتهام إلى اللاعبين بذريعة أن اللاعب يقدم مع ناديه بإخلاص وتفان اكثر من منتخب بلاده. ولكن عندما تأتي لغة الارقام والاحصائيات نجد أن نادي الاتحاد حقق بطولة دوري أبطال آسيا في عام 2005، ومنذ ذلك التاريخ الذي يمتد لعشر سنوات لم تحقق الاندية السعودية لقب بطولة دوري أبطال آسيا، وعلى الرغم من مشاركة أربعة أندية سعودية بالبطولات الآسيوية، نجد ان الإجمالي يصل الى اكثر من 30 فرصة مواتية للفوز والتتويج باللقب، عطفا على مشاركة أربعة أندية في كل بطولة ولأكثر من ست بطولات متتالية، والنتيجة أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل وكانت افضل النتائج هي الهزيمة في ثلاث مناسبات بالمباراة النهائية من خلال فرق الاتحاد والاهلي وأخيرا الهلال. الجيل الأسوأ الجيل الحالي للكرة السعودية، يعتبره البعض الاسوأ من ناحية الاداء الفني والنتائج والبطولات على مستوى الاندية والمنتخبات، ونجد ان المنتخب بات ضعيفا وتراجع ترتيبه إلى حدود ال100، وهو رقم لا يليق بتاريخ وسمعة المنتخب السعودي، الذي تواجد في أربعة مونديالات عالمية، وشارك مرتين في بطولة الالعاب الأولمبية، فضلا عن تتويجه في ثلاث مناسبات بلقب كأس آسيا، وحل في مثلها وصيفا، وهو الامر الذي أثار حفيظة جميع المتابعين لما تشهده الكرة السعودية من تدهور وتراجع، بل حتى على مستوى الاندية، نجد ان اللاعبين المحليين الذين يقدمون مستويات متميزة ويساهمون في تحقيق نتائج إيجابية وبطولات لانديتهم، لا يتجاوزون اصابع اليد الواحدة، حيث إن الاعتماد بشكل كبير على العنصر الاجنبي، والذي يُعتبر هو الكل في الكل بالنادي، فانخفاض مستوى المحترف الاجنبي أو اصابته تعني غياب الفريق، حيث إن اللاعب المحلي بات بالإجمال «كمالة عدد» ولو تملك الاندية فرصة السماح باستقدام طاقم أجنبي كامل، لما وجدنا إلا ثلاثة او اربعة لاعبين محليين هم من سيبقى ويتواجد بشكل رسمي او احتياطي. لا مبالاة المقابل المادي الذي يتم منحه للاعبين، يعتبر امرا مبالغا فيه وغير منطقي، فهو لا يخضع للدراسة وتقييم مستوى اللاعبين، فالاندية الكبيرة تقدم رواتب شهرية لا تقل عن ربع مليون ريال لكل لاعب محترف بشكل شهري، وهو لا يقدم ما يوازي ربع راتبه الشهري خلال موسم رياضي كامل، فلا يوجد لدينا لاعب يُعتبر نجم الشباك لدى الجماهير التي تسعى لحضور المباريات من أجل الاستمتاع بمستوياته الفنية الرفيعة ومهاراته الفردية العالية، ولا يوجد لدينا لاعب يعتبر بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا، ويحقق الارباح لناديه من خلال الاعلانات وبيع القمصان، فاللاعب الذي يحصل على الملايين لا يحقق عائدا ماديا من خلال عقده الكبير، ولا يقدم مستوى فنيا يشفع له، بل الأدهى والامر ان يكون هنالك غياب ولا مبالاة وعدم التواصل مع الاجهزة الفنية والادارية حين الغياب. احتراف محلي اللاعب السعودي حاليا، لا يفكر في الاحتراف الخارجي، فما يجده هنا من مبالغ فلكية وهو يعلم في قرارة نفسه، بأنه لا يستحقها كونه لا يقدم ربع ما يوازي هذا العائد المادي، بالاضافة الى كونه يتدرب لمدة ساعة واحدة فقط، وفي حالة قدّم مستوى باهتا كما جرت العادة وأضاع العديد من الفرص لا تتم محاسبته، بل تتم إقالة المدرب، وهو ما يزيد من لا مبالاة اللاعبين، وعلى النقيض تماما ورغم أن العديد من اللاعبين لا يفكرون في الاحتراف الخارجي، لا نجد أن هنالك اهتماما من الاندية الخارجية بنجوم الكرة السعوديين، إلا ممن لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، حيث إن الاندية الخارجية لا تجد أي مردود فني أو فائدة من التعاقد معه، سوى زيادة الاعباء المادية على الفريق، فاللاعب غير قادر على خدمة ناديه الذي نشأ وترعرع فيه، ومنتخب بلاده الذي يحمل شعاره على صدره، فهو غير قادر على خدمة ناد أجنبي، فهنالك العديد من الاندية الغنية قاريا وخصوصا الخليجية، الا انها لا تفكر في استقطاب اللاعب السعودي، وهو اكبر دليل على عدم وجود مردود وفائدة فنية او مالية او حتى جماهيرية من استقطابه والتعاقد معه. رفض النصائح العديد من الحالات وتوقيع العقود تدل على ان اللاعب لا يملك أي فكر او عقلية احترافية، فهو يوقع عقودا دون قراءتها، ويحصل على اموال طائلة لا يعرف كيف يستفيد منها، فضلا عن عدم رغبته في تطوير مستواه الفني او اللياقي، فيكتفي بمران النادي الا ما ندر، فاللاعب المحلي لا يفكر في بذل أي مجهود يوازي احترافيته، وان يثبت للجميع بأنه لاعب محترف وشخص جاد يسعى لتأمين مستقبله ومصدر رزقه، بل ان اللاعب يرفض الاستماع لنصائح اللاعبين الكبار والعمالقة واصحاب الانجازات والتاريخ الذهبي لكرة القدم، بل لا يفكر في الاستفادة من البرامج التحليلية وتصحيح أخطائه من خلالها او تطوير نفسه من خلال متابعته للمباريات العالمية المختلفة. تجاهل للجميع المتابع للجيل الحالي من لاعبي الكرة السعوديين، يدرك أن هنالك تعاليا كبيرا على الاندية والمنتخب، بل ويمتد هذا التعالي الى وسائل الاعلام، فاللاعب يرفض الظهور والتعامل الجيد مع وسائل الاعلام ولا يستجيب لهم، ويكون ظهوره بشكل كبير ومكثف عند اقتراب عقده من النهاية، وفي مرحلة تجديد العقود يتواجد عبر مختلف وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، ويتحدث بشكل موسع ويختفي بعد التوقيع، كما ان اللاعب لا يتعامل بشكل جيد مع الجماهير، ويرفض الكثير منهم التقاط الصور التذكارية مع الجماهير، التي تحضر من أجل فريقه وتدافع عنه بضراوة في المدرجات، وفي وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الرياضية وتحترق من اجله وهو يرفض مجرد رد السلام او التصوير معهم، سواء اثناء مشاركته مع ناديه او منتخب بلاده، ويستمر الحضور السلبي والتعامل السلبي مع مختلف الفئات، ليمتد لعدم التواجد إلا بشكل نادر في المناسبات الاجتماعية، ويرفض ان يكون قدوة حسنة للشباب وزملائه اللاعبين من خلال تفاعله ومشاركته في البرامج الاجتماعية والجمعيات الخيرية. وجوه مشرفة على الرغم من كل ما ذُكر أعلاه، الا انه يوجد هنالك عدد من اللاعبين الذين أثبتوا أنفسهم واستمر عطاؤهم المتميز ونجاحهم مع النادي والمنتخب، وهم يقدمون أنفسهم بشكل جيد، ويكون انخفاض مستوياتهم في فترات قليلة جدا، ولا يهتم بالانتقال من ناد الى آخر، وهم الوحيدون الذين يحظون باتصالات مكثفة من الاندية الخارجية، وخصوصا الخليجية للتعاقد معهم رغم تقدم بعضهم في السن، إلا أن مردوده الفني والقيادي داخل الملعب كبير جدا، ويوازي تطلعات وآمال القائمين على تلك الأندية وعشاقها.