مهرجان الأفلام السينمائية الذي اُختتمت أعماله الثلاثاء الماضي بإعلان الفائزين، كان حدثا استثنائيا، فقد حمل في طياته الكثير من أحلام شريحة متنوعة من صنّاع الأفلام بخلق فضاء سعودي صالح لاستنبات هذا الفن فيه، مؤكدين من خلال حضور حاشد لأجيال من ممثلين ومسرحيين وصنّاع أفلام، إضافة إلى جمهور كبير احتفى بهذا المهرجان، أن هذا الفن ليس نبتة مجتثة من الأرض لا جذور لها، فقد جاء المهرجان ملامسا لهموم هذا الوطن وهموم مواطنيه، وهذا ما يكشفه حديث بعض المنظمين والفنانين وصنّاع الأفلام الفائزة. تجمّع كبير في البدء، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون سلطان البازعي: الحمد لله على نجاح المهرجان والنجاح الحقيقي هو تجمع هذه النخبة في المهرجان من صنّاع الأفلام من أبناء وبنات الوطن الذين قدموا أعمالا مشرفة للوطن، ونتطلع لما هو أفضل في المستقبل. ضرورة المواصلة فيما قال مدير عام الجمعية المسرحي عبد العزيز السماعيل: في ختام المهرجان وبعد إعلان الجوائز، يحق لجميع العاملين أن يكونوا سعداء بهذا الإنجاز الذي يصب في خدمة الوطن وخدمة صنّاع الأفلام في المملكة، كل ما نتمناه أن يستمر المهرجان ونكون على موعد في دورته الثالثة، لأن المنجز من المبدعين في الوطن سيكون أجمل بكثير رغم جمال هذه الدورة وما قُدم فيها. ترجمة للحياة وأكد مسعود الملا مدير مهرجان دبي السينمائي، أهمية الحدث متمنيا استمرار هذه الروح لكي تثمر تطورا بعد آخر، مشددا على «أن هذا التجمّع مفرح ويدعو للفخر، فنحن نعيش اليوم عالم الصورة، وهذا المهرجان هو ترجمة للحياة في المملكة، فالصورة التي تخرج من خلال الأفلام عن المملكة هي الأنقى، وهذه المهرجانات تخلق وعيا شاملا للاهتمام بالصورة البصرية». أرض خصبة فيما أوضح عضو لجنة التحكيم العماني عبد الله حبيب، أن السينما في منطقة الخليج لا تزال في خطواتها الأولى، وفي المملكة هناك صعوبات استثنائية– ولكل دولة خصوصياتها- ولكن صنّاع السينما يواجهون تحديات أكبر من تلك التي تواجه أقرانهم في دول الخليج، ومن هنا تأتي أهمية هذه الدورة التي أثبتت أن الأرض خصبة، والخصوبة المنطلق الرئيسي لنمو الأشجار، وأتمنى أن نشاهد في السنوات القادمة باقة رائعة من الأفلام التي تمثل هموم وهوية هذا البلد العزيز. عمل دؤوب وقال عضو لجنة التحكيم الفنان إبراهيم الحساوي: إن العمل للتحضير لهذا المهرجان استمر على مدى 3 أشهر على قدم وساق، ولكن هذه الليلة هي التتويج والعرس الكبير الذي أهنئ كل مَن شارك فيه، فكل من شارك وعُرض فيلمه فهو رابح، هي فرحة كبيرة لن ننسى فيها أن نشكر الجنود المجهولين خلف الكواليس وهم كثيرون، والشكر الأكبر هو لأحمد الملا صانع هذه البهجة والفرح. عرس الطاقات وبيّن المخرج عبد الخالق الغانم، أن هذا المهرجان يُعتبر عرسا للطاقات الشبابية، وهو ظاهرة صحية جميلة اكتشفنا من خلالها مواهب وطاقات ومبدعين، حتى أني تمنيت أن أشارك في المهرجان القادم، لولا أنهم قالوا: إنه للشباب، وعن الأفلام الفائزة قال الغانم: أعتقد أن اللجنة صائبة في اختياراتها، وهي تستحق الشكر لما قامت به من عمل اختصاصي، والنتئج مرضية وليس فيها إجحاف لأحد، لذا فهي تستحق كل الشكر والتقدير إضافة إلى إدارة الجمعية ولا سيما الأستاذ أحمد الملا. صرح قادم وقال الفنان جعفر الغريب: إن مهرجان الأفلام السينمائية القصيرة يُعتبر لبنة من لبنات صرح سينمائي قادم، بناء على المواهب الشابة التي شاهدناها من خلال الأفلام، مثل هذه المهرجانات تُعتبر حراكا ثقافيا فنيا لتعويد الجمهور على حبّ السينما، وأتمنى لكل هذه المواهب التوفيق. ورش ثرية وقالت الفنانة ريم البيات، التي شاركت في ورشة الموسيقى التصويرية التي قدمها الفنان محمد حداد: إن الورشة كانت ثرية ومتميزة وممتعة، وأشادت بالكم الكبير من المعلومات التي قُدمت في الورشة، إضافة إلى ترسيخ المعلومات ودعمها من خلال المشاركة في معايشة تجربة التأليف الموسيقي من خلال الورشة، فكل الشكر لإدارة المهرجان لتقديمها مثل هذه الورش. الحاجة للسينما وأكّد الفنان المسرحي جبران الجبران، أن المهرجان هو فسحة في هذا الوطن لا بد أن تستمر، فالشباب بحاجة إلى هذه التجمعات والمهرجانات واللقاءات لأن الإبداع لا تراه إلا بهذا، كما أنك لا يمكن ألّا ترى الوطن في عيون هؤلاء الشباب وإبداعاتهم وبين ثنايا أعمالهم، ونتمنى أن تتكرر مثل هذه المهرجانات على مستوى أعمال إبداعية أخرى. تقنيات متطورة وقال المخرج والكاتب المسرحي زكي دعبل: إن من بين الأفلام الملفتة فيلم «حور وعين» وفيلم مهند الكدم «بصيرة» الذي مثّل فيه ممثلون أجانب، والفيلمان فيهما رؤية سينمائية وكادر تصويري محترف في معالجة الألوان والمؤثرات الموسيقية، بخلاف الكثير من الأفلام الأخرى التي اتبعت الأسلوب القديم في التصوير، وفرّق دعبل بين فيلم الكمد وفيلم «حور وعين» بأن الأول اعتمد على قدراته الذاتية حيث إن المخرج يدرس الإخراج في كندا، وهذا هو مشروع تخرّجه، في حين اعتمد الثاني على مؤسسات إنتاج قطرية وإن كانت الفكرة والرؤية للمخرج السعودي. ورغم ثنائه العام على نجاح المهرجان والتطور في تقنيات الأفلام، إلا أن دعبل انتقد تأثّر بعض الأفلام بتقنيات المسرح، وغياب أفلام التحريك، كما استغرب قلة الندوات التطبيقية على الأفلام المعروضة وإقامة الندوات في وقت متأخر من الليل. تحت الضوء والتقى «الجسر الثقافي» بالمخرج محمد الفرج الحاصل على الجائزة الذهبية عن فيلمه «ضائعون» مهنئا إياه بهذا الفوز، وسائلا عن معنى هذا الفوز بالنسبة له، فقال الفرج: إن فوز الفيلم ليس بالجائزة أو الدعم المالي ولكنه من خلال تسليط الضوء على الفيلم، وسيشارك ولو بشكل بسيط في حل مشكلة «البدون» الذين أتاحوا لنا مشكورين الفرصة لنقل وحكاية قصتهم، وجزيل الشكر لصديقي إياد صادق، الذي ساعدني من بداية الفيلم إلى نهايته، وللأستاذ خالد مخافة لتسهيله لنا التنقلات والوصول لمن نريد في أبها. فيلم للبسطاء فيما قال المخرج محمد الحمادي، الحائز على الجائزة البرونزية عن فيلمه الوثائقي «البسطة»: يُعتبر هذا الفوز بالنسبة لي، انطلاقة أولى لصناعة فيلم متكامل، باعتبار أن هذا المهرجان كان له دور في فتح آفاق جديدة للسينما السعودية، هذا الفوز هو ليس لي وحسب، وإنما لكل طاقم العمل الذي اجتهد معي لإنتاج هذا الفيلم. وأضاف: الفيلم يحمل رسالة إنسانية بالدرجة الأولى من خلال بائعين في الطرقات حيث يتحدثون عن أحلامهم وتطلعاتهم في الحياة بعفوية صادقة، وأتمنى أن تكون رسالة الفيلم قد وصلت.