قد تكون الصين من أقوى الدول اقتصادياً وأكثرها كثافة للسكان، لكنها عجزت حتى الآن عن فرض نفسها كلاعبة مؤثرة في كرة القدم القارية والعالمية على حد سواء، ما جعلها تعمل جاهدة لكي تكون قوة كروية يحسب لها الحساب. لقد أثبتت الصين في أستراليا خلال مشاركتها الحادية عشرة في نهائيات كأس آسيا أنها حققت تقدماً كبيراً، وأبرز دليل على ذلك فوزها بمباراتيها الأوليين للمرة الأولى منذ 1988 ثم إنهاؤها الدور الأول بالعلامة الكاملة للمرة الأولى في تاريخها. نجح منتخب الصين في التأهل إلى نهائيات كأس آسيا 2015 في أستراليا بعدما انتظر حتى نهاية مباريات الجولة الأخيرة من التصفيات. لكن الصين خالفت التوقعات في مجموعتها الثانية بعدما اعتقد الجميع أن المنافسة ستنحصر بين السعودية وأوزبكستان، نظراً لتاريخ الأولى والمشوار التصاعدي للثانية في البطولة القارية. وقد أصابت الصين حين قررت الاعتماد على خبرة المدرب الفرنسي الان بيران الذي قادها إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن وتحديداً منذ نهائيات 2004 على أرضها. وهناك مؤشرات واضحة على تقدم الكرة الصينية التي يبقى أفضل إنجاز لها تأهلها إلى مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، حيث ودعت من الدور الأول. ما هو مؤكد أن هناك مخططاً طويل الأمد من أجل التقدم بالكرة الصينية بهدف اللحاق باليابانيين أو الكوريين الجنوبيين، وقد استثمرت ملايين الدولارات على مختلف الأصعدة من أجل تحقيق الغاية المرجوة. والمخطط الطويل الأمد ليس محصوراً بمجهود الاتحاد أو الأندية بل الدولة تشكل أساسه وأبرز دليل على ذلك أن الحكومة قررت في نوفمبر الماضي اللجوء إلى تعليم كرة القدم في المدارس بهدف رفع مستوى اللعبة. وقد أظهرت الصين منذ فترة طويلة قدرتها على الإبداع الرياضي وحصد الألقاب والميداليات في رياضيات مثل الجمباز والغطس وكرة الطاولة والبادمنتون، وعلى إنتاج لاعبين مميزين في كرة السلة مثل ياو مينج ووانج جي جي أو حتى ألعاب القوى. لكن ورغم الأموال التي أنفقتها في الأعوام الأخيرة على مدربين ولاعبين أجانب، لم تتمكن كرة القدم الصينية من الارتقاء إلى المستوى المطلوب ووجود المنتخب الوطني في المركز السادس والتسعين عالمياً لا يرضي طموح بلد المليار نسمة. واتخذت الحكومة قرار تحويل صلاحيات الاهتمام بمسألة ترويج اللعبة لدى الشباب الصيني إلى وزارة التربية الوطنية وسحبها في الوقت ذاته من الاتحاد الصيني لكرة القدم الذي يتخبط بالكثير من فضائح الفساد. ويبقى معرفة إلى أي مرحلة وصل التقدم الصيني، على أقله على الصعيد القاري، عندما يخوض اختبارا حقيقيا صعبا أمام "سوكيروس" غداً الخميس، بريزبن.