كتاب شيق للأستاذ عبدالرحمن بن عبدالله القرعاوي، استعرض فيه عوامل نجاح الحياة الزوجية، ووسائل الحفاظ عليها في كنف المحبة والألفة والسعادة والهناء، مستشهدا بالكثير من المواقف ذات الدلالة العميقة، ومتناولا الموضوع من مختلف جوانبه الشرعية والاجتماعية والنفسية والسلوكية. وقد ذكر المؤلف - في سياق حديثه عن تفشي ظاهرة الطلاق - أنه كان يظن أن الحديث عن كثرة البيوت التي تعاني من نقص في عرى المودة والرحمة هو من قبيل المبالغة، لكنه فوجئ ببعض الدراسات التي أثبتت كثرة نسب الطلاق، وأنها في السعودية تزيد على 40%، ولا تقل عن 30% في بقية دول الخليج، حسب إحصائية نسبت لمركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض وهذه - بلا شك - أرقام مخيفة!. كما أنه اطلع على حالات من الفشل والتوتر في العلاقة الزوجية التي ربما كان إصلاحها يسيرًا لو توفر الوعي والسعي للإصلاح. ثم ذكر المؤلف مبادئ أساسية لا بد من توفرها كدعامة للحياة الزوجية، حيث تدفع بعجلة الحياة نحو بر الأمان والمودة والصفاء، فمثلاً: (الحياة الزوجية ليست حقوقًا وواجبات فقط فأين الفضل؟) «ولا تنسوا الفضل بينكم»!. فالحياة المبنية على الحق والواجب فقط حياة جافة، ليس فيها رونق الحياة وماؤها العذب السلسبيل. وكم يلفت نظر القارئ عندما يمر بعبارة (أن المصارحة المعتدلة تذهب إحن الصدور وتزيل العتب وتشد من أواصر العلاقة الزوجية. وكم تساءل الكاتب بقوله: «هل جربت أثر العفو على نفسك؟) قال سبحانه: «وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم». ثم عرج المؤلف بذكر الخطوط الحمراء بين الزوجين، وضرورة المشاركة بينهما في الأفراح والأتراح، واقتناص الفرص التي تزيد من أواصر المحبة بين الزوجين، كقضاء أجمل الأوقات في الأعياد، والحرص على نوافل العبادات، وتطهير البيت من المحرمات، وذكر القاعدة التي لو سار عليها الزوجان فإنهما سيجدان السعادة والراحة وهي (التغافل والتسامح). ومن أبرز ما ذكر المؤلف من مقومات السعادة الزوجية هي التقارب الجسدي، والإيداع في بنك الحب، والرسائل المكتوبة، والشكر على الواجب، والنداء بأحب الأسماء.. وحذر من المثالية الكاذبة، ومن تتبع الزلات، مؤكدا على ضرورة الاستشارة. واستعرض المؤلف في نهاية كتابه بعض المواقع والمراكز الاستشارية التي ينصح الزوجين بالتواصل معها. كما توج المؤلف كتابه بنماذج من مواقف الحبيب «صلى الله عليه وسلم» مع زوجاته، وكيف كان يلعب ويمزح ويشاركهن وجدانيًا، بل حتى لغة العيون كان لها مجال في حياته - صلى الله عليه وسلم -، وكم كان جميلاً حينما همس المؤلف في أذن القارئ بقوله للرجل: «رفقًا بالقوارير». وقوله للمرأة: «اخضعي بالقول لزوجك». ووقف الكاتب وقفة رومانسية في زاوية «حروف وردية»، حيث دعا الزوجين إلى تبادل عبارات الحب وكلمات الغزل من قبيل: (أنت الغلا،، أنت الوله،، ناديتيني قلبي؟». ولو قلّب القارئ صفحات الكتاب لوجد مزيدًا من العناصر المثرية للسعادة والتي تضفي على الحياة الزوجية البهجة والسرور. هذه لمحة مختصرة عن كتاب لا يغني اختصاره عن قراءته، ولذا اختصرت العرض ليكون محفزًا للاطلاع على الكتاب الشيق.