ذهبت بعض التقارير إلى أن حجم استثمارات القطاع الزراعي وصلت إلى أكثر من 25 مليار ريال في خطة التنمية التاسعة، غير أنني أرى أنه لا تزال هناك حاجة ماسة للتوسع في تقانة القطاع للتوسع رأسيا بدلا من التوسع الأفقي، لتحقق منهج المملكة فيما يتعلق باستراتيجية تأمين الغذاء في بلادنا الحبيبة. ومما لا شك فيه أن الأمن الغذائي يأتي من خلال الاهتمام بالقطاع الزراعي، ذلك أن القطاع الزراعي يمثل أهم إحدى الآليات المناسبة لتحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة؛ للمساهمة الفاعلة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال الوصول إلى مستويات مرتفعة من الاكتفاء الذاتي. ويحدونا أمل كبير في أن تخطط وزارة الزراعة في عهدها الجديد، لاتباع سياسة ناجعة ومستوعبة لكل مستجدات ومتطلبات هذه الاستراتيجية، وأعتقد ليس من سبيل لذلك دون التركيز على إنتاج السلع الزراعية والغذائية التي تتمتع السعودية بميز نسبية في إنتاجها مع المحافظة على الموارد المائية، فضلا عن أهميتها أيضا من كونها تؤدي إلى إيجاد روابط مع الأنشطة الأخرى المرتبطة بالإنتاج الزراعي. وتبقى الحاجة ملحة أيضا لاتباع سياسة تضمن تزايد حجم الاستثمارات في القطاع الزراعي بصورة مستمرة خلال خطط التنمية المتعاقبة ليبلغ أكثر من 50 مليارا خلال خطة التنمية المقبلة كمرحلة، تعقبها مرحلة أخرى، تنتبه فيها الوزارة المحافظة على مواردها المائية واستخدامها الاستخدام الأمثل في سبيل تحقيق الأمن الغذائي. ومن الأهمية بمكان أن تستصحب الوزارة في منهجيتها الرامية لتأمين الغذاء، اتباع استراتيجية تنويع الإنتاج الزراعي والتركيز على المحاصيل ذات الاحتياجات المائية المنخفضة وذات الميزة النسبية لكل منطقة، من خلال الاستفادة من نظم الري الحديثة مثل نظم الري بالرش والري بالتنقيط في زراعة العديد من المحاصيل الزراعية. إن مثل هذه النظم الحديثة من الري، يمكنها سد ثغرة كبيرة في حاجتنا لمياه الري، وتعويضنا جزءا من إمكانيات البلاد الكبيرة المهدرة، خاصة أن تلك النظم تتميز بها هذه النظم من كفاءة عالية، حيث إنها تساهم في التقليل من كميات المياه المستخدمة وترشد استعمالات المياه للأغراض الزراعية. وفي هذا الإطار لا بد للجمعيات التعاونية من أن تلعب دوراً رئيسياً في الزراعة الأسرية والزراعة الريفية أي الزراعة في المناطق الصغيرة، من خلال طرح أفكار وبرامج تعين المزارعين في تحقيق إمكانياتهم، من خلال إقامة التعاونيات التي تتيح لهم تحسين وصولهم إلى الأسواق والتمويل، وتحسين الكفاءة والابتكار لديهم.