ربما يكون المنتخب الفلسطيني لكرة القدم هو آخر الفرق تأهلًا إلى بطولة كأس آسيا 2015 بأستراليا والوجه الجديد في تاريخ البطولة لكنه يبرز كأكثر الفرق المشاركة جذبًا للأنظار والاهتمام من جميع المتابعين بعدما تغلب على كل الصعاب وترجم حماسه وإصراره إلى بطاقة تأهل ثمينة ومستحقة إلى البطولة القارية. ويحظى المنتخب الفلسطيني بتعاطف هائل من جميع المشاركين والمتابعين للبطولة نظرًا للظروف الصعبة التي يواجهها الفريق دائمًا بسبب عدم تمتع بلاده بالاستقرار أو بوجود بطولات رياضية منتظمة تحت وطأة الاحتلال، إضافة للمشاكل التي يعانيها الفريق من أجل التجمع والتدريب قبل مبارياته الدولية. ويضاف إلى هذا التعقيدات التي تحرمه أحيانًا من السفر لخوض المباريات والبطولات أو التأخر في هذه الرحلات، وكذلك العناء الذي يتكبده اللاعبون وطاقمهم التدريبي. وكانت رحلة الفريق إلى جزر المالديف للمشاركة في بطولة كأس التحدي لعام 2014 نموذجًا لهذا حيث حرمه الاحتلال الإسرائيلي من بعض لاعبيه سواء بسبب الاعتقال أو المنع من السفر مما دفع الفريق لخوض فعاليات البطولة بدون بعض عناصره المؤثرة. ولكن المنتخب الفلسطيني المعروف بألقاب «الفدائي» و«أسود كنعان» و«الفرسان» تغلب على هذه الصعاب والعراقيل وأكد لاعبوه أنهم بالفعل من الفرسان ومن الفدائيين وانقضوا كالأسود على لقب بطولة كأس التحدي حيث تصدر الفريق مجموعته في الدور الأول بالفوز على قيرغيزستان 1/صفر وعلى ميانمار 2/صفر ثم التعادل السلبي مع أصحاب الأرض. وفي المربع الذهبي للبطولة تغلب أسود كنعان على أفغانستان 2/صفر قبل أن يتوج بلقب البطولة بالفوز على الفلبين 1/صفر في المباراة النهائية ليؤكد الفريق أنه رمز للصمود وبطل للتحدي داخل الملعب وخارجه. ومنذ فوز الفريق بلقب كأس التحدي في 30 مايو الماضي أصبح تفكيره منصبًا على المشاركة الأولى له في الكأس القارية من خلال النسخة ال16 التي تستضيفها أستراليا من التاسع إلى 31 يناير الحالي. ويدرك المنتخب الفلسطيني صعوبة مهمته خاصة بعدما أوقعته القرعة في المجموعة الرابعة الصعبة مع المنتخبين الياباني حامل اللقب والعراقي الفائز باللقب في 2007 والأردني العنيد. ويتصدر المنتخب الفلسطيني قائمة الفرق المرشحة لمغادرة البطولة من الدور الأول، ولكن الفريق يرفض الاستسلام لليأس خاصة وأنه يخوض البطولة بلا أي ضغوط عليه. ويعتمد المنتخب الفلسطيني ومديره الفني أحمد الحسن على مجموعة من اللاعبين الذين ينشطون بالأندية المحلية مما لا يوفر لهم استعدادًا جيدًا، ولكن وجود أكثر من لاعب محترف خارج فلسطين يمنح الفريق كثيرًا من التفاؤل بإمكانية تحقيق مفاجأة أو على الأقل تقديم عروض جيدة في أول مشاركة له بالبطولة الآسيوية. ويبرز من بين هؤلاء اللاعبين المحترفين خارج فلسطين كل من أشرف نعمان هداف الفريق والذي يلعب للفيصلي السعودي وحارس المرمى رمزي صالح نجم فريق سموحة المصري، إضافة لجاكا حبيشة لاعب كاراكا السلوفيني وأليكسيس نصار لاعب بليشاتو البولندي. ورغم عدم احتراف أي لاعب في أندية أوروبية كبيرة يتمسك المنتخب الفلسطيني بالأمل في ظل حماس لاعبيه ورغبتهم في تقديم ما يسعد مواطنيهم في الظروف القاسية التي يعيشها تحت وطأة الاحتلال. الحسن.. مدرب يتحدى المستحيل مع فدائيي فلسطين رغم فوزه مع الفريق بلقب كأس التحدي والتأهل لبطولة كأس آسيا 2015 بأستراليا فاجأ المدرب الأردني جمال محمود الجميع بتقديم استقالته من تدريب المنتخب الفلسطيني لكرة القدم قبل شهور قليلة من خوض فعاليات البطولة القارية. وتعلل محمود بأن أسباب خاصة وشخصية دفعته للاستقالة، لكن هذا لم يؤثر في نتيجة استفتاء جماهيري أجري مؤخرًا بفلسطين واختير على أثره محمود كأفضل مدرب في فلسطين لعام 2014. ولكن بعض التقارير أشارت إلى أن السبب الحقيقي وراء الاستقالة هو عدم حصول المدرب الأردني على مستحقاته المالية، وهو ما يرجحه تقدم المدرب مؤخرًا بطلب عن طريق محاميه إلى الاتحاد الفلسطيني بالحصول على مستحقاته المتأخرة. رغم هذا ترك محمود المنتخب الفلسطيني في مأزق حقيقي خاصة أن الوقت لم يكن كافيًا للتعاقد مع مدرب أجنبي يقود الفريق لاسيما أن إمكانيات المنتخب الفلسطيني تبدو مجهولة لكثيرين، ويرجح ألا يغامر أي مدرب بتولي المسؤولية الصعبة قبل بطولة قوية مثل بطولة كأس آسيا، إضافة للظروف الصعبة التي تحيط بالمنتخب الفلسطيني دائمًا بسبب الاحتلال الإسرائيلي لبلاده، وهو ما يعوق بشكل كبير استعدادات ومعسكرات الفريق. لهذا وجد الاتحاد الفلسطيني ضالته في المدرب الوطني، ولم يتردد في إسناء المهمة بشكل مؤقت للمدرب أحمد الحسن الذي يشغل منصب المدير الفني للاتحاد. ويقود الحسن الفريق في النسخة ال16 لبطولة كأس آسيا والتي تستضيفها أستراليا من التاسع إلى 31 يناير الحالي، ويدرك صعوبة المهمة التي يخوضها، لكنه يدرك أيضًا مدى الفدائية والحماس لدى اللاعبين، وهو ما يمثل السلاح الأقوى للفريق في مواجهة منافسيه من المنتخبات ذات التاريخ والخبرة الهائلة بالبطولة وخاصة المنتخب الياباني حامل اللقب، والذي يلتقي نظيره الفلسطيني في الجولة الأولى من مباريات الدور الأول. وسبق للحسن أن عمل كمدرب مساعد للمنتخب الفلسطيني في 2007، كما سبق له العمل في التدريب على مستوى الأندية بفلسطينوالعراق. حجة: هدفنا إثبات إنسانيتنا وتحقيق ما عجزت عنه السياسة بحسب مسؤولين في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فإن الظروف والتعقيدات السياسية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية بسبب الاحتلال الاسرائيلي تحول دون خلق منتخب فلسطيني اكثر تطورا. ويقول امين عام الاتحاد عبد المجيد حجة: «غير أننا رغم كل الظروف التي يسببها الاحتلال الاسرائيلي، وصلنا إلى أستراليا وهدفنا إثبات إنسانيتنا وتحقيق ما عجزت عنه السياسة». وحظي المنتخب الفلسطيني بحفاوة بالغة على المستويين السياسي والاقتصادي عند مغادرته الأراضي الفلسطينية متجها الى استراليا تعبيرا عن الوقوف المحلي خلف المنتخب. فقد استقبل الرئيس محمود عباس بعثة «الفدائي» قبل يوم واحد من سفر المنتخب، الذي حظي بحفل على مستوى رفيع في مدينة رام الله في الضفة الغربية، بمشاركة الفنان محمد عساف الفائز بلقب أراب آيدول لعام 2013. وقال عبد المجيد حجة الامين العام لاتحاد الكرة: «لم يدخر الاتحاد جهدا ولا امكانية إلا ووفرها للمنتخب سواء للاعبين او للجهاز الفني لخوض غمار البطولة». واضاف «وهذا يشمل المباريات الودية التي أجراها والمعسكرات الداخلية للوصول الى استقرار التشكيلة النهائية التي تم الاعلان عنها». وقال حجة: «نراهن على ان يجسد منتخبنا حالة التطور التي وصلت اليها الكرة الفلسطينية، والتي أثمرت عن الحصول على جائزة أفضل منتخب في آسيا». واضاف «لذلك رسالتنا في كأس آسيا هي رسالة تحد وإثبات إرادة الحياة». من جهته، قال المدرب حسن حسين: «المشاركة في نهائيات آسيا لأول مرة في تاريخنا شرف لكل فلسطيني». واضاف: «لذلك نأمل ان يكون المنتخب بالمستوى المطلوب ويرفع من القيمة المهنية للكرة الفلسطينية، وهذا يتطلب من اللاعبين والجهاز الفني تشريف الوطن، وان نثبت للعالم كيف أن كرتنا الفلسطينية تطورت». ويضيف حجة إن الوضع السياسي الذي تعيشه فلسطين يمنع إمكانية استقدام لاعبين محترفين من جذور فلسطينية يلعبون في شتى أنحاء العالم. غير أنه وبعيدا عن الظروف السياسية، يقول عبد الناصر بركات مدرب المنتخب الفلسطيني الأولمبي: إن المنتخب خضع لفترة إعداد كافية قبيل التوجه الى استراليا. غير ان بركات اضاف «برغم ان الاعداد كان جيدا الا ان مواجهة المنتحب الفلسطيني مع اليابان ستكون مهمة صعبة عليه». ويضيف «صحيح ان اليابان تحظى بمستوى رفيع، لكن هذا يجب ألا يدفعنا للاستسلام، وإنما الى تقديم افضل ما لدينا للظهور بمستوى مقبول رغم فارق الامكانات». ويراهن بركات على المنتخب الفلسطيني في تحقيق نتائج إيجابية امام العراقوالاردن، تمكّنه من الانتقال الى الدور الثاني: «منتخبا الاردنوالعراق لا تختلف امكاناتهما كثيرا عن فلسطين خلافا للمنتخب الياباني». غير ان المدرب حسن حسين يقول: «إنه لا يوجد مستحيل في عالم كرة القدم».