صراع شوارع ونزيف مستمر، إهدار ثروة بشرية واقتصادية، إعاقات وترمل وتيتم، متى تنتهي هذه الحروب.. أو حتى متى يُحد من اشتعالها ؟!. بين فترة وأخرى نسمع أخباراً مأساوية موجعة لحوادث مروعة داخل المدن أو على الطرق تودي بحياة الكثير من الأبرياء. أسرٌ بأكملها تموت. فما الأسباب ؟!! قد تكون حاجة بعض الطرق إلى صيانة وقد تكون المركبة السبب والسائقون غير المؤهلين للقيادة، ومنهم الصغار الذين لا يحملون رخص قيادة والسرعة الزائدة من أهمها، وقلة الوعي لها الدور الأكبر في الاستهتار بأرواح الناس كلها وغيرها مجتمعة أو منفردة الأمر سيان، تعددت الأسباب والموت واحد. السعودية من بين الدول الأعلى نسبة في الحوادث في العالم، إصابة أو إعاقة كل 15 دقيقة، حادث كل دقيقتين بناء على الاحصائيات، خسائر مادية وتكاليف.. والوضع يتجه للأسوأ. الوفيات خلال عشرين سنة أكثر من ستة وثمانين ألفاً أكثر من ضحايا حرب الأرجنتين والصحراء الغربية والهند والباكستان والخليج والنيبال واستقلال كرواتيا. الوفيات بالآلاف سنوياً.. المشكلة أكبر مما نتوقع، ففي عام 2011 بلغ عدد الوفيات سبعة آلاف ومائة وثلاثة وخمسين، أكثر من ضحايا حرب الخليج. بمعدل حالة وفاة كل أربعين دقيقة لا حول ولا قوة إلاّ بالله والمتوقع أن يصل في عام ألفين وتسعة عشر إلى أكثر من تسعة آلاف وستمائة شخص بناء على دراسة مركز التطوير المهني للتطوير والانتاج بأرامكو السعودية. سباق!!!.. كل سائق يريد أن يكون الأول والأحق بالطريق غير مبالٍ بغيره ولا بالإشارات الحمراء والخضراء والصفراء فكلها سواسية في نظره ولا ترمز لشيء ولا تعني شيئاً، المهم أن يخترق المسار للوصول للأمام وإن لم يجد فلا مانع من أن يغير بحسب مزاجه مندفعاً كالصاروخ مما يدفع غيره لمنافسته والفوز بالطريق والحياة للأقوى. فوضى عارمة وتحدٍ سافر نهايته موت محقق أو إعاقة، جرائم ورعونة وطيش. فيديو يظهر في اليوتيوب لشباب سعودي أرعن يتحدى الشاحنات على الطرق السريعة، يؤدون حركات بهلوانية واستعراضات خطيرة بالتزامن مع مرور شاحنات تسير بسرعة عالية، يؤدون حركات رياضية قبل أن يسارعوا للنهوض والابتعاد قبيل اقتراب الشاحنات منهم بثوان معدودة غير مبالين بإمكانية تعرضهم للخطر الذي قد يودي بحياتهم وحياة السيارات المارة بالطريق وإمكانية التسبب في وقوع حوادث حتمية مفجعة. إرهاب استهتار موثق بالصور نشرته العربية نت - ومثل قصص هذا الاستهتار كثير. المشكلة قائمة.. شوارعنا ساحات حرب حقيقية تبحث عن حل جذري.. فأين الحل؟!! بريطانيا استطاعت أن تقلل الحوادث في خطط منهجية مدروسة والدنمارك قررت التوصل للهدف قبل الخطة المقترحة بست سنوات، نحن أيضاً قادرون فلسنا أقل منهم إذا تكاتفنا جميعاً مسئولين ومواطنين في مشروع وطني كبير، ساهر وحده لا يكفي في ظل الاحتيالات الشبابية. نحتاج إلى نشر وعي بوجود المشكلة.. ووعي بضرورة حلها.. ووعي بأدوات الحل. تطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية ضرورة، آمل ألا تُعطى رخصة قيادة إلاّ لمن يجيد فن القيادة الحضاري ومعرفة أصولها. معاقبة كل متسبب بصرامة للحد من الحوادث القاتلة وإعادة النظر في تصميم الطرق ومعايير السلامة مع الشكر. كلمة للمتهورين رجاء.. السرعة الزائدة وقطع الإشارة ليست شطارة، قتلكم أنفسكم والأنفس المعصومة قد يكون من باب القتل العمد ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، لا تزرعوا الأحزان فضلاً في قلوب من يحبونكم، تذكروا أن أسركم في انتظاركم فلا تنشغلوا بغير الطريق، القيادة فن وذوق لا قتل ودماء تسيل بغير حق. نداء من أطفالكم .. عد يا أبي فنحن في انتظارك.