نشعر بالامتنان للمجهودات التي تقوم بها وزارة التجارة تجاه حماية المستهلك، علما أنها في البدايات، وقد جمعنا في وقت سابق لقاء بمعالي وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، ودار حوار حول الخلطة السرية التي استخدمها لإدارة وتفعيل الكثير من الملفات المستعصية، وقال فيما معناه ببساطة أنا قمت بتفعيل ما لم يكن مفعلا... وبالمقابل مر علينا زمن حتى اليوم ونحن ككتاب رأي نتصل بالمسئولين لمساعدتهم ودفعهم على القيام بدورهم والنزول للواقع وخدمة المواطن، وأنا لي شخصيا تجارب عديدة سأذكر بعضها على سبيل المثال مع أمانة منطقة الرياض، حيث تفاءلنا بوجود تطبيق على الهواتف الذكية لخدمة المواطن والاستجابة لملاحظاتنا وكان في بدايته نشيطا ثم أصبحنا نستخدمه ولا نجد استجابة سوى رسالة نصية برقم البلاغ ثم عدنا نتصل بهاتف طوارئ الأمانة لنقل بعض الملاحظات ولا تتم الاستجابة إلا بعد أشهر، وهناك بعض الملاحظات التي نطرحها لعمليات المرور عن مخالفي أنظمة السير كمن يعكس الطريق أو يقطع الإشارة الضوئية وغيرها الكثير وبدلا من الاستجابة السريعة التي تحمي الأرواح وتحفظ الحقوق نجد أن الأمور تأخذ بعض الوقت وتطير الطيور بأرزاقها، وينتهي الحدث ولا حياة لمن تنادي، وقد تأتي الاستجابة بعد أن يحدث الحدث بوقت كبير. بعض المسئولين لدينا نشبههم بالبطارية الجافة ما تلبث بعد فترة من الزمن إلا وقد نفذت الطاقة منها ويصبح كسابقه مدير ينغمس في عمق المؤسسة التي يديرها بتفاصيلها الدقيقة وببيروقراطيتها وصراعاتها ومصالحها الداخلية المختلفة، ويضيع جهده وأفكاره في الاجتماعات والاستقبالات والدفاعات وإخماد الحرائق الداخلية على حساب الواقع المؤلم، فما هو المبرر لمسئول -سواء رئيس بلدية أو طرق أو مرور- عندما يمر على حفرة أو مخالفة من أي نوع وهو ذاهب وعائد على الطريق الذي يسلكه سواء لعمله أو لزياراته، ونفس الشيء كافة منسوبي المؤسسة الخدمية سواء مشرفين أو غيرهم أيضا يمرون ويشاهدون هذه المخالفات وكأن الموضوع لا يخصهم. أي مسمى للمسئولية يمكن أن نطلق على مثل هذه السلوكيات؟. ولماذا وصلت اللامبالاة وضعف الفعالية والإحساس بمثل هذه المخالفات التي هي من صميم عملهم إلى هذا الحد؟. هل لأنهم آمنوا وضمنوا عدم المسائلة والحساب لدرجة أنهم أصبحوا عامل إحباط أيضا لمن يريد من المجتمع أن يمارس مسئوليته الاجتماعية وأن يقوم بأي عمل تطوعي ويساهم في رقي بلده بالخدمات. أعتقد أن الناجحين هم من يؤمنون بالشراكة مع المجتمع، ومع الناشطين وكتاب الرأي في المجتمع، وخير دليل وزارة التجارة عندما جعلت من المجتمع شريكا ورقيبا ومسئولا وبالمقابل كانت الاستجابة سريعة وفعالة تتناسب مع ذلك التفاعل، اليوم أغلب القيادات التي انغمست في الإدارة البيروقراطية وتشتتاتها ودهاليزها فقدت الاهتمام بما يدور في الشارع، وعدم القناعة بنظرية الإدارة بالتجول وحولت طاقتها إلى ما يشبه العلاقات العامة والمراسم، فمن النادر رؤية بعض القيادات في كل مكان وأثناء الحدث دون الاعتماد والركون على التقارير والعلميات المكتبية ومن جهة أخرى أتساءل، كم إدارة في الدولة وبالذات في الإدارات الخدمية لديها معايير ومؤشرات لقياس أدائها أو بما يعرف (KBI) وما أخشاه أن تتحول الإدارة الخدمية من أولها إلى آخرها بأسلوب «طقها والحقها» وهذا اكبر تحد ستواجهه خطة التنمية العاشرة التي تعتمد على الفعالية والتنوع والمعرفة.