أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الوزير المخضرم زعيم حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي (88 عاما)، فاز في أول انتخابات رئاسية حرة التي جرت الاحد في تونس بنسبة 55,68 بالمئة من الاصوات. وأعلن رئيس الهيئة شفيق صرصار للصحفيين أن قائد السبسي حصل على أكثر من 1,7 مليون صوت في الدورة الثانية مقابل أكثر من 1,3 مليون (44,32 بالمئة من الاصوات) لخصمه رئيس الجمهورية المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي. وهكذا أنجزت انتخابات الرئاسة التونسية الخطوة الأخيرة في انتقال تونس إلى الديمقراطية بعد انتفاضة أطاحت بحكم زين العابدين بن علي في 2011 وكانت مصدر انتفاضات ما سُمي ب "الربيع العربي". والسبسي مسؤول سابق في إدارة بن علي التي كان يسيطر عليها حزب واحد، لكنه طرح نفسه على أنه تكنوقراط، واستفاد حزبه نداء تونس من رد الفعل ضد حكومة النهضة بقيادة الاخوان المسلمين التي تولت السلطة في البلاد عقب الانتفاضة. وأسس قائد السبسي حزب نداء تونس في 2012 بهدف "خلق التوازن" (وفق تعبيره) مع حركة النهضة الإسلامية التي فازت بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت في 23 أكتوبر 2011 وحكمت تونس حتى مطلع 2014. ويضم هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضاً منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (2011-1987). وتخلت حركة النهضة عن الحكم لحكومة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة، لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت في 2013. واندلعت الأزمة إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية ومقتل عشرات من عناصر الجيش والأمن في هجمات نسبتها السلطات إلى إسلاميين متطرفين مرتبطين بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. وتأهل قائد السبسي (88 عاما) والمرزوقي (69 عاما) إلى الدورة الثانية بعدما حصلا على التوالي على 39,46 بالمائة و33,43 بالمائة من إجمالي أصوات الناخبين خلال الدورة الأولى التي جرت في 23 نوفمبر الماضي. وتميزت الحملة الانتخابية للدورة الثانية بحدة في خطاب المرشحين وبالاتهامات المتبادلة ما أجج التوتر وأثار استياء كثير من التونسيين. فقد وصف السبسي المرزوقي بأنه "متطرف" و"خطير" وأنه ما كان له بلوغ الدورة الثانية لو لم يصوت له "الإسلاميون" و"السلفيون الجهاديون". كما قال إنه "خرب البلاد" خلال فترة حكم "الترويكا". في المقابل اعتبر المرزوقي أن قائد السبسي الذي كان رئيسا للبرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي، وشغل حتى 2003 عضوية اللجنة المركزية لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع، "يمثّل النظام القديم" وأنه "خطر على الديمقراطية وعلى الثورة". ونوهت الصحف التونسية الصادرة أمس، بانتخابات الأحد "التاريخية". وقالت جريدة "المغرب" اليومية " أكملت تونس مرحلة من تاريخها السياسي بانتخاب أول رئيس منتخب مباشرة من الشعب، في انتخابات كل المؤشرات الأوليّة تدل على شفافيتها ونزاهتها". وأضافت: "لقد ذهب (..) التونسيون ثلاث مرات لصندوق الاقتراع في أقل من شهرين، وهي الانتخابات الرابعة في ظرف ثلاث سنوات فقط. من منا كان يتصور في سنة 2010 (قبل الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي) ان نعيش كل هذا، وأن يكون لتصويتنا وزن، وأن نتمكن من اختيار حكامنا ومن إزاحتهم كذلك دون قطرة دم، ودون صراعات تذكر؟". وتحت عنوان "الباجي قائد السبسي رئيسا" أعربت جريدة "لابريس" اليومية الناطقة بالفرنسية عن الامل في أن "تطوي الانتخابات بشكل نهائي صفحة الماضي الدكتاتوري والحزين والمؤلم" الذي عاشته تونس منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وحتى الاطاحة في 14 يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ولفتت الى أن قائد السبسي والحكومة القادمة التي سيشكلها حزبه "نداء تونس" الفائز بالانتخابات التشريعية الاخيرة، سوف يرثان وضعا صعبا بعدما "انتقلت كل المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية (في البلاد) الى اللون الأحمر.". وتحت عنوان "والآن إلى العمل" قالت جريدة "الصباح الأسبوعي" انه "لا بد من الانتقال وبسرعة الى الملفات الأهم، وتحديدا الى العمل، فهناك أكثر من ملف حارق على المستويين الاجتماعي..والاقتصادي". وفي سياق آخر، عثر الجيش التونسي أمس، على جثتي "إرهابيين" قالت وزارة الدفاع: إن وحدات عسكرية قتلتهما في وقت سابق بالمنطقة العسكرية المغلقة بجبل الشعانبي من ولاية القصرين على الحدود مع الجزائر. وأعلنت الوزارة في بيان: "تم العثور صباح اليوم أثناء عمليات التمشيط (..) بالمنطقة العسكرية المغلقة بجبل الشعانبي على جثتي إرهابيين قامت الوحدات العسكرية بالقضاء عليهما في وقت سابق". وأوردت أن "القوات المسلحة تواصل عملياتها الميدانية لتعقب المجموعات الإرهابية وخاصة بالمرتفعات الغربية للبلاد".