كشفت دراسات عديدة عن صلة وثيقة بين البدانة المفرطة والمشاكل النفسية، إلا أنه من الصعب تحديد أي منهما ناتج عن الآخر، فالأشخاص الذين يعانون من البدانة المفرطة يعانون من الاكتئاب لأنهم لا يتقبلون رؤية المجتمع السلبية لهم، بينما مرضى الاكتئاب يعانون من السمنة بسبب التغيرات الفسيولوجية في الهرمونات الناتجة عن الاكتئاب، وأن المصابين بالبدانة المفرطة يعانون من الاكتئاب 3 أضعاف ذوي الوزن الطبيعي. وأوضح باحثون أن الضغوط النفسية الشديدة المتعلقة بالبدانة المفرطة تعتبر عاملا قويا في إعاقة الحركة الجسمية والنشاط النفسي عموما، ولا تتوقف عند الاكتئاب بل تتضمن الضغوط النفسية المزمنة التي تؤدي إلى إفرازات هرمونية تزيد من حجم التراكمات الدهنية في منطقة البطن، ويظهر ذلك حتى عند النساء النحيلات. وللبدانة المفرطة والاكتئاب أنواع متعددة، وأسبابها مختلفة، فزيادة الوزن قد لا تكون سلوكا سلبيا اختياريا للفرد، وقد تكون أسبابها لها علاقة بالهرمونات أو البيئة أو حالة صحية معينة أو نفسية أو وراثية أو نتيجة تفاعل هذه العوامل مع بعضها. وأفادت دراسة سويدية حديثة بأن الصدمات النفسية الناجمة عن سوء معاملة الأطفال في الصغر تؤدي إلى تعرضهم لخطر الإصابة بالبدانة في الكبر، وتبين أن خطر الإصابة بالسمنة بلغ 34 % بين البالغين الذين تعرضوا لسوء المعاملة في الصغر. وأجرى الدراسة باحثون بمعهد "كارولينسكا" الطبي بالسويد، ونشرت تفاصيلها في مجلة "أوبيستي ريفيو" العلمية، وشملت أكثر من 112 ألف شخص، وتبين أن الظروف الصعبة والأحداث المؤلمة التى يتعرض لها الأطفال في الصغر يمكن أن تسبب البدانة وأمراض أخرى في الكبر. وقال الباحث بكلية الطب في جامعة كارولينسكا السويدية البروفيسور إيريك هامينغسون: إن الظروف الصعبة تشمل الإجهاد والأنماط السلبية للعواطف والأفكار وانخفاض مستوى المناعة ونقص الغذاء. وأضاف الباحثون: إن إصابة الأطفال بالإجهاد يمكن أن تؤثر على طريقة الأكل والنوم، وهذه الأسباب تؤدي بطبيعة الحال إلى السمنة. ويتعرض أصحاب الوزن الزائد لمضايقات كثيرة بسبب مظهرهم ووزنهم، مما يتسبب في فقدان الثقة بالنفس والشعور بالدونية، ويتطور ذلك شيئا فشيئا، ويؤدي إلى ضعف في الذاكرة وعدم القدرة على التركيز وتراجع في الأداء الدراسي، وقد يلجأ المصابون إلى العزلة وتفادي الاختلاط بالمجتمع والابتعاد عن المناسبات، وقد يُعانون أيضا من التوتر والاكتئاب واضطرابات مفرطة.