سألني أحد الإخوة من هو قدوتك؟ فأجبته بتلقائية قدوتي محمد صلى الله عليه وسلم، ورد علي بأنك لم تأت بجديد فجميعنا قدوتنا رسولنا لكن ما أقصده من هو قدوتك المعاصرة، وهل القدوة تتغير بتغير مراحل العمر فهناك قدوة في مرحلة الطفولة وقدوة في مرحلة المراهقة وقدوة في مرحلة الرشد، فأجبته بعد تردد لا أعلم من هي قدوتي الآن؟ حقيقة موضوع القدوة موضوع هام ومثير للجدل، فالإنسان في كافة مراحله لابد أن يكون له أكثر من قدوة سواء على المستوى العلمي أو الاجتماعي أو الشأن العام...إلخ. وعدم وجود قدوة في حياة الإنسان قد يعيش الإنسان حالة من الهيام المعرفي وعدم الوضوح والدقة في الأهداف ناهيك عما قد تمثله القدوة من صمام أمان في كثير من المواقف والأحداث والمعتقدات.. العلاج النفسي علمنا أننا إذا أردنا أن نزيل الرهاب أو الخوف المرضى من الطفل فإن أفضل طريقة أن نبحث عن قدوته التي يحبها وقد يكون شخصية من أفلام الكرتون التي عادة ما تكون شخصياتها المتعددة مثيرة للحماس والبطولة عنده، فنقرن بين إعجابه بهذه القدوة وبين تحفيزه للتخلص من مخاوفه، وفي الغالب ننجح ونفس الشيء في التعلم أفضل طريقة لتعديل السلوك البشري وأسرعها استخدام القدوة كرمز للتعديل وخفض السلوك غير المرغوب به ودعم السلوك الايجابي سواء لدى الشباب أو المراهقين، ونحن نعلم أن المراهقين كثيرا ما يهمهم القدوة المعاصرة في حياتهم كلاعب الكرة أو الفنان الفلاني أو الشخصية العامة وكثيرا ما ينزعج المراهق عندما يجد أحدهم يسخر من قدوته أو رمزه الذي يحبه. اليوم نعيش حالة من الفوضى في توفر القدوة المناسبة التي لا تضر بل تنفع فالغالب عبر مواقع التواصل نجد أن القدوة المتطرفة الكارهة للحياة وللآخرين والمضطربة سلوكيا هي المستحوذة على الساحة في الوقت الراهن، ونحن نعلم كيف استطاع مثل تلك الرموز المتطرفة أن تحتوي الأطفال والشباب لتحقيق أهدافهم اللاسوية واليوم مازلنا نعاني في معالجة تأثير الفكر الضال الذي في الأصل رموز تعلق بها هؤلاء الشباب والمراهقين، أعتقد نحن بحاجة إلى أن نصنع قدوة معتدلة وسوية ومؤثرة لأطفالنا وشبابنا وهذا لن يأتي بالانغلاق بل يحتاج إلى مواكبة ومعاصرة ومسايرة لأفكار الأطفال والمراهقين وأن نتمتع بمرونة لتوظيف ايجابي لإيجاد مثل تلك الرموز التي يقتدي بها أبناؤنا، نحن نحتاج لغربلة لبرامج ترفيهية وإعلامية بحيث نستطيع من خلال شخصيات الأفلام الكرتونية والألعاب الالكترونية أن نصنع ونوظف الرموز والقدوة الصالحة التي تخدم القيم لدينا والتي تعزز قيم المواطنة والعدل والمساواة وعدم رفض الآخر والجمال والتسامح. * خبير في علم النفس السلوكي المعرفي