ارتبطت اجازة الصيف بحفلات النجاح للأبناء والبنات لتكون المنافس الأقوى لمناسبات الأعراس في حضور المعازيم، وهو المشهد الحاضر في ذهن المجتمع بعد ان كان التعبير عن فرحة الأهل بالنجاح مقتصرا على الهدية، ومع مرور الوقت استخدم الآباء والأمهات أشكالا مرعبة لحيوانات أحيانا وجثثا وغيرها على شكل أطباق الحلويات لإرضاء الأطفال، فى الوقت الذى حذر فيه المختصون من هذه الظاهرة الغريبة، مشيرين الى أنها مستوحاة من الأفلام الفضائية المرعبة. "اليوم" أجرت استطلاعا عن الظاهرة الجديدة التى شهدتها حفلات النجاح المرعبة، وقد اعترف عاملون في محلات تموين المناسبات والمخابز الشهيرة بجدة، بأنهم يقومون بإعداد الكيكات الغريبة كما يطلبها الزبائن، مع عدم مسئوليتهم عن الاختيارات الغريبة التي أصبحت ظاهرة يتدافع الكثيرون عليها، ويرى العاملون في المخابز سهولتها في التصنيع فهي لا تتطلب عناية التفاصيل، ومن خلال التوضيح ترى هذه العمالة ان المكاسب مضاعفة موسميا عند اكتساب المحل للشهرة في اتقان الصنعة والابتكار والقدرة على تنفيذ الطلب كما يريده الزبون، والمواد المستخدمة لا تخرج عن المعتاد من مكونات الشوكولاتة وسمن الكيك والحلوى للتزيين ورسم الملامح المطلوبة في الشكل النهائي، وكان المعتاد طباعة صور لشخصيات كرتونية وصورة للمحتفى بهم من الاطفال، لكن الأمزجة تتفاوت. فهناك من يبحث عن الاثارة للتميز في المناسبة ولا يقتصر ذلك على الاطفال لأن الأمهات يتخذن القرار النهائي في حفلات النجاح أو المناسبات النسائية، ومن الامثلة انتشار طرق تقديم المعجنات وغيرها داخل صحون مخبوزة من الطحين على شكل تماسيح وحيوانات بدائل للأواني توضع عليها أنواع من الفواكه، وتطورت بأفكار جديدة. كما لقيت رواجا وانتشارا كبيرين. وفي حواراتهم مع "اليوم" أشار العاملون الى تطوير خبراتهم من خلال الأفكار التي يقدمها الزبائن وهم في الأغلب من السيدات، وفي الجزء الخاص بالمخبز يتم استقبال الزبائن، حيث يمكن الاختيار من قائمة ( الكتالوج ) الأساسية، ثم الاتفاق على السعر ( 200 إلى 1000 ريال ) وتحديد المواصفات المرغوبة وموعد الاستلام. ومن الأمثلة انتشار طرق تقديم المعجنات وغيرها داخل صحون مخبوزة من الطحين على شكل تماسيح وحيوانات بدائل للأواني توضع عليها أنواع من الفواكه، وتطورت بأفكار جديدة كما لقيت رواجا وانتشارا كبيرين تقول المهندسة منال علي عباس اختصاصية معتمدة عالميا في تصنيع الكيك والحلويات: إن المبالغة التي تحدث لها أسبابها في التقليد غير الواعي وراء صرعات غريبة ولا يمكن اعتبارها ظاهرة طبيعية بأى حال، خصوصا ان تكون بهذه الأشكال المخيفة والمقززة التي تدخل في مواد غذائية، وقد تؤثر على نفسيات الأطفال فتضيف المزيد من الكوابيس لأحلامهم المتخمة بالرعب المقتبس من مشاهد الألعاب الالكترونية، فاذا قبلنا الامر كما هو وقلنا: إنه شيء عادي فنحن نتنازل عن أهم واجبات التربية، وللاسف انك لا تلحظ مواقف الرفض سواء من المجتمع أو الإعلام وهو الدور الأقوى في التصدّي للسلبيات عن طريق التوعية مباشرة وغير مباشرة. وتستغرب المهندسة منال عباس من اللامبالاة من معظم الأمهات عند اقامة حفلات من هذا النوع، دون اعتبار لما سوف يلتصق بذاكرة الصغار ، ولنا ان نتوقع الفرح والبهجة كما تراها في ساعات المناسبة، لكنها قادمة الى احتمال سمات شخصية بصفة شراسة الطباع وهذا يؤثر في السلوك بشكل عام ونلاحظه في مدمني العاب الكمبيوتر ، والمفروض مقاومة انتشار ذلك بالوعي والتحذير من انعكاساتها السيئة التي أوجدت العنف بين الصغار . كما يجب ان نعرف ان الدراسات في الشرق والغرب بدأت تنصح بالحد من تأثير مشاهد العنف فى ألعاب الكمبيوتر والتدخل للتغيير في أهدافها، ولا يجب ان يترك الحبل على الغارب كما يقال، ولك ان تقارن هذه الدراسات من أجل الصحة النفسية للأطفال التي تنبهت للخطر بوجود مؤثر سلبي لمشاهدة قد لا تصل الى 3 ساعات في اليوم، بينما صغارنا كل وقتهم مع الشاشات الرقمية باستثناء ساعات النوم فقط !!
الأشكال في الحلويات «قدوة» للأطفال يقول الدكتور هاني الغامدي الرئيس العام للاتحاد العربي للاستشارات الاجتماعية وأستاذ علم النفس: هذه الصور والأشكال في الحالة السائدة تمثل شخصيات القدوة في التشكيل النفسي للطفل في المرحلة التي تتكون خلالها عملية الاقتباس في السلوكيات بدءا بالاعجاب، ووفقا لمناخ الفراغ العقلي الذي يكون مهيئا بالفطرة للاستقبال والتأثر والتقمص أيضا» ، فاذا أخذنا المسألة بالمصادر الاتصالية نجد أنها رموز مستوحاة من فضائيات الأطفال الموجهة لهم بشكل خاص والغرض من رسالتها الإعلامية التي تعرف سلفا مدى التأثير المتوقع، وأصبحت القضية أن الطفل سوف ينشأ على بعض المفاهيم المغلوطة المقتبسة من حوار مسلسلات وهذا جديد يختلف عن التلقي عند أجيال سابقة، وبالتالي فان الموجه حاليا مجموعة من النكبات الكارثية خاصة عندما نرى ان هذه الشخصيات أصبح لها قيمة في مخيلة الطفل والمراهق والتصقت وتمكنت منه كاملا، ثم نأتي للاحتفال بالنجاح، مع أصدقائه ومن في سنه، ولابد من ذلك بحرص من الأهل تلبية لرغبته أساسا، وتحقيق سعادته وفق هذا الافتراض مع من يحب وهي الشخصية الأقرب اليه تتوسط الكيكة، لأنها تمثل له الرمز الخاص بشخصيته وهذا هو التعريف النفسي وفق النظرية العلمية.
سلوكيات لمواقف الخرافة وخدع سينمائية ويضيف الدكتور الغامدي بقوله : لا تختلف الأمور في الألعاب. فالطفل يطلب هذه الشخصيات تحديدا، ويبحث عن آخر ما ينزل الأسواق لانها تمثل له كل شيء والأغلبية يجلسون معها بخيالهم ويسرحون في التهيؤات، والكبار يعتقدونه هدوءا في اللعب، بينما هي ثورات محتدمة في مخيلة القصص التي ينسجونها من ذلك الواقع الافتراضي، والمثال قريب من الأطفال الاناث منذ العلاقة بالدمية ( باربي ) في ملابسها واكسسواراتها، وكبرت الدمى في الحياة العامة باعتبارها قدوة نسجت خيالا والتصقت بنماذج التقليد اعجابا. وبالمثل فان جيل أطفال (قرانايزر ) كان يرتبط بالشخصية القوية في تأثير لا ارادي ، وكان ( ستيف اوستن ) يمثل للطفل الشيء الذي لا يستطيع امتلاكه وهو القوة الخارقة. التخيل يعطي قوة تنمو في الاحساس، وداعما للانطلاق في تكوين شخصية العنف منطلقا من السلوكيات المماثلة في مواقف الخرافة الزائفة والخدع السينمائية التي قد تدّعي الخيال العلمي أو تسلية الترفيه، وللأسف تغير الحال فأصبح جيل اليوم المستهدف بهذه الأفكار، يتغذى بكثافة العروض ووسائل الترغيب فيها، والشخصية نفسها تقدم في إعلان لأنواع من الحلويات والمأكولات المحببة للأطفال وفي الالعاب تتجاوب مع عملية تعميق الالتصاق بهذه الشخصيات، ثم يأتي الدور التربوي في الوقوف في وجه هذا الادمان فلا نستجيب لكل ما يطلبونه، وان يكون التوجيه والسيطرة قرارا من القناعة، وليس التشجيع الغبي الذي أعمى البصر والبصيرة عن هذا الاستهداف المدمر لشخصيات الأطفال ليكونوا على غير ما يراد لهم من فقدان للذات المتوازنة وانسلاخ من القيم.
حشرات على الحلويات
الأسرة تستوحي الأشكال من ألعاب الكمبيوتر لا يخفى على أحد أن وراء ظاهرة التقليد الغريب فى الحلويات التى يتم تقديمها فى احتفالات النجاح تقليدا غير محسوب ويدفع نتيجته فى النهاية الأطفال الصغار. ومن خلال المشاهدات التي رصدتها "اليوم" لبعض الحفلات ، وحسب رأي متحدثات فلم يكن يتوقعن الحرص على هذه الاثار السلبية للأشكال فى الحلويات بتشجيع من بعض الامهات ، فهناك كيكات بشكل العفاريت ومجسمات مرعبة مصبوغة بالشوكولاته والحلويات الملونة، وغيرها مقززة ومرفوضة مثل اشكال الحشرات على سطح الكيكة وسط استغراب الحضور الا من رغبة الصغار وامهاتهم، ولم يختلف رأي الكثيرين في رفض هذا الاسلوب لانه يخرج عن المألوف اضافة الى تأثيرات غير مستحبة ، وهذا لا يمنع من اختيارات موفقة لقيت الاستحسان بالرغم من غرابتها في تشكيل الكيك والحلويات باجهزة الكمبيوتر وغيرها من الافكار . وبرؤية حول وجود هذه الظاهرة ، يعتقد الكثيرون انها اضافة للتقليد الاعمى ، وجدت لشغل الفراغ تأثرا بالانفتاح السلبي على الانترنت حيث تخطئ الكثير من المواقع والمنتديات في تقديم النماذج الغربية في العادات والتقاليد بشكل عشوائي وتتسابق في تبادلها ، وبالتالي احتمال التأثر ، فكانت نماذج صور الحلويات وكيك الاحتفالات الخاصة بغرابتها في كثير من المنتديات.
عقرب شكل جديد للحلويات
تقليد أعمى لعادات غريبة وطقوس احتفالية الدكتور علي أكرم استشاري الامراض النفسية ، يقول ان الظاهرة تؤخذ من كونها طبيعة تقليد اعمى لعادات غربية وطقوس احتفالية تتسم بكل ما هو غريب وخارج المألوف ، وعندما نتساهل في المبالغة بالتلاعب وتجسيد الاشكال بهذه الصور غير السويّة، فان الانعكاس ابعد ما يكون عن الاعتقاد بادخال البهجة على الاطفال، والعكس من ذلك تماما لاننا نشتت الذاكرة الصغيرة بمشاهد مخيفة لا تمحى بسهولة ، ولا مجال للقول بانها محيطة بهم في الالعاب معرفة بانها عابرة ومتحركة، الناحية الاخرى ما تعنيه الظاهرة من اسراف بالنعمة ويؤخذ في الاعتبار غرس مفاهيم ناشئة في اللامبالاة . ويضيف الدكتور علي أكرم بقوله من جانب آخر فالطفل يتعلم ويقتبس من القدوة الابوين والمحيط البيئي، والشاشة لها دور وعلاقة بشخصيات وهمية توجه سلوكياته وترسم شخصيته في كل تفاصيلها الحالية والقادمة مستقبلا ، ولا يختلف الحال اذا افترضنا مناسبات نسائية بهذه الانماط ، وهي حقيقة وجزء من ظواهر مجتمعية تركب موجة التغيير والمرأة اقرب الى التقليعات المظاهرية ، فان دخلت الى اطار تجاوز الخطوط الحمراء فهذا استهتار ينعكس على الاطفال في مغامرات غير محسوبة النتائج.