كشف عدد من المختصين التربويين أن مرحلة المراهقة من أصعب المراحل التي تتطلب من الآباء والأمهات التروي في التعامل مع أبنائهم، مؤكدين أن الزجر والخصومات والعصا ليست حلا بديلا لترويض الناشزين. وأضافوا أن الشباب في المرحلة الحالية يعيشون في نزاع بين سلطة الأسرة ومواقع التواصل الاجتماعي والفضاء المفتوح، لذا فإن مهادنتهم من الأهمية بمكان، موضحين في نفس الوقت أن هناك فجوة كبرى بين الأجيال حيث يرمي كل واحد من الطرفين التهم تجاه الآخر. وأجمعوا أن الأسرة تعتبر أهم مؤسسة اجتماعية تربوية تقع على عاتقها مسؤولية التنشئة والتربية والإصلاح، وما يزيد الأمر تعقيدا في كثير من الأحيان لدى العديد من الأسر ضعف التعامل مع المراحل السنية لدى أبنائها فكل مرحلة من مراحل النمو لها طبيعتها وأسس التعامل معها والتنشئة، فمرحلة الطفولة ليست كمثل مرحلة الشباب والمراهقة ومن هنا حاولت «عكاظ» التواصل مع بعض المختصين التربويين للوقوف على بعض معالم مرحلة الشباب وما يصاحبها من غياب الوعي عن مشكلات المراهقين والشباب بالطرق الصحيحة الكفيلة بتعزيز الجوانب الإيجابية وتعديل السلوكيات السلبية بالأسس العلمية الصحيحة وفق ممارسي الإرشاد والتوجيه. بداية يقول الأخصائي النفسي أسامة الجامع إن الزجر لا يصنع أبناء غير أسوياء فحسب، بل يصنع أبناء فقدوا الثقة بالنفس يهتزون لكل من صرخ في وجوههم وينقادون لكل من يريد قيادتهم، أو يصنع عدوانيين لمن حولهم همهم استعراض قوتهم فقط، لأنهم يعكسون ما تعلموه وما تعرضوا له من قبل في حين أن التقدير الذي يصنع الرجال. في كثير من حالات الانحراف التي يواجهها الأخصائي تنشأ من جفاء الأبناء في تعاملهم، فلا توجد الكلمة الطيبة والشعور بالدفء من قبل الأبوين نحوهم، فيما يؤكد الجامع على الأسر والوالدين إشباع أبنائهم عاطفياً لكي لا يذهبوا للآخرين ليجدوه عنهم.. فيما نصح الجامع الأسرة بقضاء وقت متستقطع مع أبنائهم بشكل يومي للحوار وبناء جسور من التواصل الذي يفتقده الأبناء هذه الأيام في ظل الانفتاح المعلوماتي الكبير وقنوات التواصل الاجتماعي التي تعج بالغث والسمين. ويقول المستشار الأسري خالد الأسمري إن موضوع التربية عموما من أصعب الممارسات الحياتية التي يقابلها الإنسان، وأعني الذين يجعلون لأسرهم مكانا هاما في حياتهم، ويلونه نسبة كبيرة من أوقاتهم لتنشئتهم بشكل جيد يوافق قدراتهم وينمي ميولهم ومواهبهم في جو أسري محفز على العطاء والاستمرارية، وقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن نسبة 10 % من الأطفال في سن العاشرة يميلون إلى العنف وليس شرطا العنف الجسدي بل العنف بألوانه ومظاهره المختلفة، فلا شك أن يعيش الطفل في أسرة يرى والده يمد يده على أمه أو أحد إخوانه بعنف، فإنه سيكون قدوة له مستقبلا في تنامي الفكرة لديه والاتجاه نحو السلب في مواجهة أموره الحياتية. وزاد الشاب يبدأ في تلقي الصور لسلوكه من الأبوين فهو يعتبرهما القدوة له في هذا المجتمع ويرى تصرفاتهم حتى لو كانت ناقصة فهو يعجب بها ويمتثلها، وهنا يجب على كل أسرة واعية أن تثق نفسها في التعامل مع أبنائها وفق المرحلة العمرية المناسبة، مضيفا، ولو كلفت الأسرة نفسها في قراءة أي كتب تربوية مختصة بالسلوك سيغيرون بعض استراتيجيات التعامل مع أنماط السلوك التي يقابلونها في أبنائهم بمختلف أعمارهم. يقول مشرف التوجيه والإرشاد بمدارس الهيئة الملكية بالجبيل عادل الحسين خلف كل سلوك دافع معين فنحن لا نقوم بشيء إلا إذا كان هناك شيء يحركنا للفعل ونتوقع أن نحصل من خلال هذا السلوك على نتيجة بما يعني أن السلوك يخدم وظيفة. ويضيف أن تعديل السلوك للشباب لا يعتمد على الأدوية لأنها لا تحل المشكلة ولا الحد من الحركة لأنها ستخلق عند الطفل عدوانية ولا الاعتماد على استدعاء شخص لديه القدرة على السيطرة على الموقف مثل الأب أو المدير وأن الإهانة أيضا لا تؤدي إلى أي نتائج في أي خطة تعديل سلوك يجب أن نعتمد على الأهل وعلى مشاركتهم الفعالة الإيجابية التي تحتوي من هذا الشاب بإمكاناته وقدراته ليس بتصرفاته التي قد يكون خلفها الكثير من التساؤلات، ويضيف أيضاً للأسف الشديد معظم الأسر في تعاملها مع أبنائها تنتهج جانب العقاب والضرب والزجر الذي يؤدي في أحيان كثيرة للتخفيف من السلوك في نظر الأب أو الأم ولكن هذا الضرب كل مرة يحدث التصرف وإذا ما نفذ العقاب مرة ولم ينفذ في حين آخر يحتمل أن يؤدي إلى ازدياد حدوث التصرف السيئ. في حين أن دراسة السلوك بشكل واع ووضع خطة لمعالجته بالتواصل مع الخبراء أو التربويين أمر كفيل بتخفيف ذلك عند معرفة السبب الحقيقي خلف ذلك السلوك والبعد كل البعد عن العقاب الذي لايفيد ويؤدي إلى تفاقم المشكلة. يقول المشرف التربوي أحمد حماد الشمري على الأسرة أن تعي مراحل النمو المختلفة لأبنائها وكيفية التواصل معهم بناء على ظروف تلك المرحلة، الأمر الذي يجعل المهمة ثقيلة وصعبة في أحيان كثيرة حيال ذلك ولكن البحث عن المعلومة الصحيحة لتعديل تلك السلوكيات في هذا العصر أصبحت من السهولة بمكان، وأضاف الشمري بأن الأسر في حقيقة الأمر مطالبة أيضاً بمتابعة سلوكيات الأبناء وما يقف وراءها من متطلبات أو قصور أو قناعات معينة، كما أن دعم استقلالية الشاب في اتخاذ القرار نحو ميوله واهتماماته وإمكاناته ومستقبله العلمي يجب أن يكون من الأهمية بمكان لدى الأسرة والمدرسة على حد سواء.