في مارس الماضي أفرج عن سجى الدليمي ومعها 150 امرأة من السجون السورية، لإتمام صفقة تطلق بموجبها التنظيمات الاسلامية 13 راهبة كن معتقلات لدى تنظيم جبهة النصرة، بمقابل مبلغ مالي قيل انه وصل الى 150 مليون دولار، الصفقة تلك اشرفت عليها المخابرات التركية والقطرية واجهزة الأمن اللبناني. ظهر اسم سجى الدليمي في القائمة التي تقدمت بها جبهة النصرة، لقاء افراجها عن 13 راهبة، وقبل هذه الصفقة تم تحرير طيارين أتراك، جعلت من قطر في تلك الفترة راعيا للاتفاق والتفاهمات، وكانت سجى الدليمي معتقلة لدى السلطات السورية منذ اكتوبر عام 2013، عندما كانت تتواجد في منزل والدها حميد الدليمي، الشخص المقرب من سوريا في السنوات الماضية، وكانت هذه الخطوة والتي تنازلت فيها جبهة النصرة عن الراهبات تأتي في اطار رد الجميل من قبل زعيم جبهة النصرة ابو محمد الجولاني الذي أمد النصرة بداية تأسيسها بالمال والسلاح، واطلق سراح الدليمي ومعها ابناها اسامة وعمر وشقيقتها الصغيرة هاجر. علاقات سابقة كانت سجى الدليمي تعمل مخبرة للمخابرات العراقية سابقا، وقد افتتحت لها مركزا للتجميل (كوافيرة) خاصا بالحلاقة النسائية، اضافة الى مركز للخياطة والتفصيل النسائية، وكانت الدليمي تتنقل من مركز لآخر من الانبار الى بغداد وبعض المحافظات الجنوبية والشمالية، وتزوجت الدليمي من فلاح إسماعيل جاسم الذي قتل في غارة للجيش العراقي عام 2010 اثناء معركة مدينة الانبار، حيث كان جاسم يشغل مهمات عسكرية في جيش الراشدين الذي تكون من مجموعة العسكريين العراقيين المتقاعدين من ابناء الأنبار والفلوجة غلب عليهم التدين في اوقات متأخرة، وبعد وفاة زوجها الاول زوّجها والدها من ابراهيم السامرائي المعروف بابي بكر البغدادي، وقد تم التعرف اليها بانها زوجة زعيم داعش بعد انتهاء الصفقة وخروجها من السجن السوري، حيث قام ابو معن السوري بتأكيد نبأ اطلاق زوجة البغدادي في اطار محاولتهم الرامية لدفع البغدادي للتوقف عن مهاجمة النصرة، وكانت تأكيدات ابو معن السوري تتزامن وتأكيدات ابو عزام المهاجر، الذي اشرف عمليا على ادارة الاتصالات مع الجهات التركية واللبنانيةوالقطرية لإتمام صفقة التبادل، وكان ابو عزام المهاجر، اطلق تغريدة حينها قال فيها (لو يعلم أخي في التنظيم ويقصد البغدادي من اطلق في هذه الصفقة لبكيت كثيرا وفرحت كثيرا). عائلة من داعش والد سجى الدليمي والذي كان يتقرب من السوريين لتلافي اشكالاتهم الامنية وللمداراة على دعمه للحركات الجهادية في العراق منذ احتلاله عام 2003، وبعد مساعدته التنظيمات المتطرفة ماليا ومعلوماتيا وتهيئة الارضية التجنيدية لها بحكم عمله السابق في الجيش العراقي وفي قطاع التخطيط، وكان حميد الدليمي قد قتل في سبتمبر من عام 2013 اثر غارة للجيش السوري، لكن المعلومات تؤكد أن حميد الدليمي اختطف من قبل المخابرات السورية ولم يتم قتله. سجى الدليمي، شقيقة دعاء حميد الدليمي التي حاولت تفجير نفسها بحزام ناسف عام 2008، وكانت مواليد عام 1991، ومتزوجة من أحد عناصر داعش من تنظيم القاعدة وقد قتل على ايدي رجال الصحوات في بغداد، حيث ارادت دعاء الانتقام لمقتل زوجها حارث، امير داعش في منطقة العامرية في بغداد بعملية انتحارية شجعتها القاعدة للقيام بها. فيما يقود شقيقها عمر حميد ابراهيم الدليمي وحدة خاصة من المقاتلين تتبع داعش، في حين ان شقيقها الصغير، يعمل اميرا في الكتيبة الخضراء التابعة لتنظيم جبهة النصرة، فعائلة سجى الدليمي، لها تاريخها العسكري في الجيش العراقي السابق، وكانت ذات ميول اسلامية واضحة كانت سببا في اخراج والدها واحالته على التقاعد من الجيش العراقي. لماذا لبنان الآن؟ والسؤال الذي يطرحه الجميع، حول الاسباب التي دفعت بالدليمي للذهاب الى لبنان مع ابنيها وشقيقتها، وهل للأمر علاقة هذه المرة بضباط الجيش اللبناني ال 27 المحتجزين لدى احد التنظيمات الجهادية في سوريا؟ وهل للأمر علاقة بصفقة تبادل اخرى تقوم بها سجى الدليمي بين الأمن اللبناني وهذه التنظيمات؟، أم ان للدليمي علاقة بالاموال التي ضبطت مؤخرا في لبنان والبالغة ملياري دولار؟، والتي اشيع حينها بان لرئيس الوزراء العراقي السابق علاقة بها، وانها كانت مرسلة الى حسابات خاصة يديرها حزب الله اللبناني؟. في عالم الارهاب شبكات معقدة وهائلة ولا يمكن تصديقها، لكن ذلك يعود للقدرات الخاصة لدى هذه التنظيمات في التعامل مع مختلف اجهزة الاستخبارات والتعاون معها احيانا، وقبولها بالتعويضات مقابل اطلاق الرهائن. وقبل اسبوعين تقريبا، ابلغت الاستخبارات اللبنانية بان هناك امكانية للحصول على صيد ثمين بهدف استخدامه لإطلاق سراح الجنود اللبنانيين، فحزب الله اطلق سراح بعض الموقوفين لديه في اطار عمليات تبادل للأسرى مع داعش، لكنه يرفض الامر ذاته مع الجيش اللبناني، حيث تطالب جبهة النصرة الجيش اللبناني باطلاق سراح بعض المحسوبين عليها لقاء اطلاق جنود الجيش اللبناني، هذه الخطوة ضاعفت من حجم الضغوط على حزب الله، دفعت به الى الالتقاء مؤخرا بنائب الرئيس العراقي نوري المالكي الذي زار بيروت سرا والتقى حسن نصر الله، ما ساهم في ارسال معلومات مهمة حول تحركات سجى الدليمي القريبة من الحدود اللبنانية. بغداد.. النفي والإثبات في ذات التوقيت حرصت وزارة الداخلية العراقية على نفي صلة سجى الدليمي بابي بكر البغدادي، وأنها ليست إحدى زوجاته، وقالت في بيان لها ان خلية الصقور التابعة لوكالة وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية: إن زوجتي أبي بكر البغدادي هما (اسماء فوزي محمد الدليمي، واسراء رجب محل القيسي) وان سجى حميد الدليمي هي شقيقة عمر حميد الدليمي المعتقل لدى السلطات، والمحكوم عليه بالاعدام لاشتراكه في تفجيرات البصرة والبطحاء في الناصرية، وأوضح العميد سعد معن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية ان سجى الدليمي ليست من زوجات البغدادي. في قبضة الأمن اللبناني استعجال وزارة الداخلية لتأكيد نفي صلتها بزعيم تنظيم القاعدة، يتنافى كلية والمعلومات التي أوردتها جبهة النصرة عند اطلاقها في صفقة معلولا، والتي تعرفها الاجهزة الامنية اللبنانية اكثر من غيرها، وهذا الاستعجال يتنافى وزواج البغدادي منها في سوريا، حيث كانت سجى تحمل وثائق سورية مزورة، الامر الذي يؤكد أن ثمة شكوكا في عملية القبض على الدليمي من جذورها، خاصة أن الدليمي وبحسب التحقيقات اللبنانية تظهر أن الدليمي كانت متزوجة سابقا من فلاح جاسم، وانها تزوجت في العام 2010 من ابراهيم السامرائي، بناء على طلب والدها، وهو الاسم الحقيقي لأبي بكر البغدادي، الا ان الدليمي لم تدلِ سابقا او لاحقا ما يؤكد أنها إحدى زوجات البغدادي. وتكشف التحقيقات أن الدليمي لم تكن جاهلة جهة قدومها الى لبنان، وأن السائق الخاص بها فلسطيني يحمل وثيقة سفر مزورة، وأنها حرصت دائما في السفر مع ولديها وشقيقتها هاجر، وانها تمكنت من الوصول من العراق الى لبنان مرورا بالحدود العراقية السورية، بعدما ابلغت المحقق السوري بأنها ذاهبة للزواج من ليبي يقاتل في صفوف الكتيبة الخضراء في يبرود في القلمون، وقد ظهرت الدليمي بأنها تمتلك خبرة في سرد القصص والمعلومات بما يؤكد حقيقة موقفها، غير انها رفضت الاستجابة للضغوطات بالاقرار انها احدى زوجات البغدادي. الجيش اللبناني اعتقل ايضا علا جركس زوجة أحد قادة جبهة النصرة والمعروف بالشيشاني في وقت متزامن واعتقال ساجدة الدليمي، ما دعا جبهة النصرة لإصدار بيان يؤكد فيه أنه سيقتل العسكريين اللبنانيين انتقاما من قيام حزب الله والجيش اللبناني بانتهاك الاعراض وقتل الاطفال. ورأى البيان الذي نقلته وكالة «الأناضول» أن الحكومة اللبنانية «أظهرت اليوم ضعفها باعتقال النساء والأطفال وتهدد ذويهم وتعدّ ذلك فخراً وبطولة»، مضيفة: «هأنتم اليوم تعتقلون الأخت سجى (الدليمي) وتهددون بقتل الأخت جمانة (حميد) وتعتقلون نساء المجاهدين، فنقول لكم خبتم وخسئتم). اللافت للانتباه ان اعتقال سجى الدليمي وجمانة حميد، وعلا جركس، تم بتنسيق بين الاستخبارات العراقية والسورية وحزب الله، وذلك لتعزيز امكانية عقد صفقة بين الجيش اللبناني وجبهة النصرة، حيث افادت مصادر عراقية أن بغداد حصلت على هذه المعلومات من جهاز استخباري غربي، لكن السؤال هل الاعتقالات ستخدم أمن واستقرار لبنان أم انها جزء من مخطط لتوريط لبنان في الحرب الدائرة في سوريا، خاصة مع اقتراب حسم موضوع الرئاسة اللبنانية، فإيران وسوريا يعملان على جعل دول الجوار متضررة جدا من أية تغييرات سياسية قد تظهر بعد الحرب على داعش وبعد جنيف 3.