لا يزال الحديث عن الانخفاض في أسعار البترول هو السائد في الساحة الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية حول العالم. ومع انعقاد قمة العشرين في أستراليا فقد تم إلقاء الضوء على تبعات انخفاض الأسعار ليس فقط على المنتج, بل وعلى المستهلك. ففي الوقت الحالي هناك مؤشرات قوية على أن الاقتصاد العالمي يمر بفترة ركود أثرت على استهلاك النفط وقلة الطلب. وقد كانت أسعار النفط محل اهتمام الكثير من الملحللين الاقتصاديين والمهتمين بشؤون الطاقة. بل ان كثيرا من الكتاب المعروفين عالميا مثل (توماس فريدمان) الذي يكتب في جريدة (نيويورك تايمز) واسعة الانتشار ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بعد أن ربط ما يحدث من نزول لأسعار النفط بخطط هدفها الضرر باقتصاديات دول أخرى. وبمعنى آخر وهو أن ارتفاع أسعار البترول أو هبوطها له دلالات على مجرى الأحداث سواء أكانت سياسية أو اقتصادية، ولهذا فالبعض يعتقد أنها حرب أسعار، وقد بدأنا نرى بعض التحليلات التي يغلب عليها طابع الارتباك، وقد سمع الكل تصريحات بعض وزرائنا سواء وزير البترول أو وزير المالية لطمأنة الأسواق العالمية حيال ما يجري من انخفاض لأسعار البترول. ولكن وبما أن البترول هو عصب الاقتصاد السعودي فإنه من الضروري أن يتم طمأنة المواطن وإبلاغه وبكل شفافية عن معنى وتبعات انخفاض أسعار البترول، فالمواطن العادي قد لا يعرف الكثير عن تعقيدات سوق البترول العالمي, ولكن ما يهمه هو ما هي المؤثرات على حياته اليومية لو استمر انخفاض سعر البترول إلى مستويات ال (50) دولارا مثلا. فقبل عدة اشهر كانت التوقعات تميل إلى أن البترول ستزيد اسعاره بسبب الاحداث المتسارعة في ليبيا وما يحدث في نيجيريا والعراق وغيرها, إضافة إلى قرب موعد فصل الشتاء، ولكن خالفت أسعار البترول جميع التوقعات وانخفض بنسبة كبيرة وصلت للعشرات من الدولارات للبرميل الواحد. وبدأ الكثير من المواطنين الذين لم يجدوا إجابة واضحة حول إمكانية خفض الإنتاج للتقليل من العرض مما قد يزيد من السعر. ولكن لو تم الاستمرار بنفس معدل الإنتاج فلا بد من إعلام المواطن عن اسباب ذلك لكي لا يلجأ للتقارير والنشرات الغربية المختصة بالتحاليل الإستراتيجية لسوق النفط. ففي نهاية المطاف المواطن العادي لا يهمه تطمينات المسؤولين السعوديين للخارج, بل يهمه هو أن يطمئن على المشروعات التي خططت لبنائها الدولة أو اي شيء يهم المواطن. إن الثروة النفطية في المملكة هي المحرك الأساسي للاقتصاد السعودي ومن المفروض أن يكون في المملكة مراكز بحثية بترولية متعددة حتى لو كان بشكل مصغر مثل أن تكون في الجامعات أو مراكز النشر مثل دار (اليوم) التي من الممكن أن يكتب منسوبوها تحاليل مبنية على أسس ومأخوذة من مصادر مطلعة سواء أكان ذلك من كبار موظفي شركة ارامكو السعودية أو وزارة البترول أو وزارة المالية لتكون لدى المواطن مصادر معلوماتية واضحة. ففي كثير من الأحيان يقوم المواطن السعودي عند كتابة بحث أو تحليل لسوق النفط السعودي فتراه يلجأ إلى مصادر غربية مع انه يعيش على بعد كيلومترات قليلة من اكبر الحقول النفطية في العالم. والمواطن السعودي أحق بالتطمين حول ما يجري في سوق النفط أكثر من اي إنسان في العالم الخارجي. ففي نهاية المطاف, لو نزل مستوى سعر برميل النفط إلى مستويات غير مجدية اقتصاديا فالعالم الخارجي لن يقوم بطمأنتنا أو التعاطف معنا. * كاتب ومحلل سياسي