تسعى المملكة من خلال جهودها البناءة وخططها الخاصة بشئون الطاقة نحو ترجمة أهداف سياستها النفطية العليا المنبثقة من دورها العالمي في صناعة الزيت، من حيث الاحتياطيات، والإنتاج، والصادرات، المنبثقة أيضا من دور قطاع الزيت في الاقتصاد الوطني. ان خطط المملكة للطاقة، سواء كانت على الصعيد المحلي أو العالمي، مبنية على أسس الاحتياطيات الضخمة والدور المتنامي في تجارة الزيت العالمية والسعي نحو تنويع روافد الاقتصاد.. وفي هذا الاطار يرى المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية ان المملكة قد أدركت منذ وقت طويل دورها البارز كمورِّد عالمي للزيت. وينطوي هذا الدور على مضمونين مهمين :- أولهما منح القوة والاستقرار لسوق الزيت العالمية. وثانيهما تأمين قاعدة اقتصادية لنمونا المحلي. والنقطة الهامة التي ينبغي علينا إدراكها حسب تأكيدات عبدالله بن جمعة رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين هي أن احتياطيات الزيت في باطن الأرض لا تشكل قيمة كبيرة لمالكيها ما لم يتم إنتاجها وبيعها للمستهلكين. وانطلاقا من هذا التوجه أنهت أرامكو السعودية استعداداتها لإطلاق مشروع معامل الإنتاج في القطيف الذي يدشنه اليوم صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ، الذي سينتج 800 الف برميل يوميًا من الزيت الخام، فضلا عن كميات الغاز المرافق الضخمة التي تقدر بمئات الملايين من الأقدام المكعبة القياسية. ويعد مشروع معامل الإنتاج في القطيف حسب تأكيدات ابن جمعة، مشروعا جبارا،إذ لم تشهد الصناعة عبر تاريخها الحديث مشروعا بهذا الحجم يتم انجازه في فترة واحدة وفي منطقة واحدة. وذكر أن هذا المشروع، بحجمه العملاق ونطاقه الهندسي المعقد، يرسخ الدور والمسئوليات الكبيرة التي تضطلع بها أرامكو السعودية تجاه الأسواق الدولية. تعتبرهذه دلالة واضحة على نجاح أبناء الوطن في إتقان فن ادارة إنشاء المشروعات العملاقة وجعلها أحد مواطن القوة التي تتميز بها صناعة البترول السعودية، وذلك بما يخدم أهداف المملكة التنموية ويدعم استراتيجياتها في ضمان استمرار الإمداد الموثوق للطاقة في المستقبل للوفاء بمتطلبات المستهلكين حول العالم.لقد استثمرت المملكة بلايين الدولارات في بناء طاقة إنتاج وإنشاء خطوط تصدير متنوعة. وقد برزت أهمية قدرة المملكة على زيادة طاقتها الإنتاجية في أكثر من أزمة إمداد خلال العقدين الماضيين. وتمتلك المملكة كميات كبيرة من الزيت والغاز الطبيعي، وتنتجهما بتكلفةٍ تعدّ من بين الأقل في العالم، وأن التصرف الاقتصادي السليم هو استغلال هذه الميزة النسبية عن طريق جذب وتشجيع استثمارات لصناعات مرتبطة بالزيت والغاز، والصناعات التي تستخدم الطاقة البترولية بكثافةٍ عالية، وأن هذين الأمرين هما، بالفعل، جزء من استراتيجيتي المملكة للزيت والغاز التي تسعى لتطبيقها بكل جهد في إطار المناخ الاستثماري الجديد في المملكة.ولما كانت المملكة تمتلك، بفضل الله، ثرواتٍ كبيرةً من المواد الهيدروكربونية، وتنتجها بتكلفةٍ تعد الأقل في العالم، فإن التوجه الاقتصادي السليم، يكون بشكلٍ بديهي، استغلال هذه الميزة النسبية، عن طريق توطين وتنمية الصناعات المرتبطة بالزيت والغاز، والصناعات التي تستخدم الطاقة البترولية بكثافةٍ عالية، وجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، ونقل التقنية الحديثة إلى هذين المجالين الحيويين؛ وهذه الأمور هي، بالفعل، جزء من استراتيجيتي المملكة للزيت والغاز، وسيتم التركيز والتوسع في مثل هذه المشروعات في السنوات القادمة، بإذن الله. المملكة والطاقة الإنتاجية الفائضة وفي هذا الإطار يؤكد المهندس على النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية على قدرات المملكة في زيادة إنتاج الطاقة الإنتاجية الى 11 مليون برميل فى اليوم، وذلك من خلال ما تم انجازه من مشاريع اكتشاف وتطوير في حقول النفط خلال هذا العام وهذا دليل واضح على توجهات المملكة لتثبت قدرتها على ضبط الاسواق وضمان أمن الإمدادات من خلال قدرتها على توفير الطاقة الإنتاجية الفائضة عند الطلب، مما يمثل مرونة واسعة في القدرة الانتاجية والامداد لأسواق العالم عند الضرورة وكان عام 2004 خير شاهد على هذا . لقد تم إنجاز مشروع تطوير حقلي القطيف وابو سعفة بطاقة إنتاجية تبلغ 800 ألف برميل فى اليوم، مما يعني ان المملكة تعمل على إعداد خطة لزيادة الطاقة الإنتاجية القصوى تدريجيا الى 5ر12 مليون برميل فى اليوم.. وقد تم وضع دراسة حسب تأكيدات النعيمي لرفع الطاقة الإنتاجية للمملكة الى 15 مليون برميل يوميا وسيتم البدء فى تنفيذ الخطة اذا تطلب الاستهلاك العالمي ذلك. وتتطلب هذه الخطة القيام بالكثير من الأعمال فى الحقول القديمة والجديدة خلال السنوات القليلة القادمة وقد تم بالفعل تحديد المكامن والحقول لزيادة طاقتها الإنتاجية. ان خطة الاستثمار لزيادة الطاقة الإنتاجية الى هذا المستوى تعكس التوقعات باستمرار تصاعد الطلب على البترول السعودي خلال السنوات القادمة كما تعكس فى الوقت نفسه الرغبة فى المحافظة على طاقة إنتاجية فائضة لا تقل عن 5ر1 مليون برميل فى اليوم. لقد ساعدت الطاقة الإنتاجية الفائضة على استقرار السوق البترولية من خلال ضخ المزيد من البترول فى حالات نقص الإمدادات او زيادة الطلب بشكل كبير غير متوقع. السياسة البترولية تنطلق السياسة البترولية السعودية من موقع المملكة في السوق البترولية باعتبارها تملك اكبر احتياطي ثابت وجوده في العالم حيث يشكل اكثر من ربع الاحتياطي العالمي وباعتبارها اكبر منتج ومصدر للبترول. وتنطلق السياسة البترولية أيضاً من دور البترول وإيراداته في الاقتصاد الوطني السعودي حيث يشكل قطاع البترول اكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي وتشكل إيراداته حوالي ثلثي الإيرادات العامة. لذلك تهدف السياسة البترولية السعودية إلى تحقيق الاستقرار في الإيرادات من البترول بما يخدم أهداف تنمية الاقتصاد الوطني وتنويعه والمحافظة على حصة البترول في استهلاك الطاقة واستمرار النمو في الطلب. لذلك تسعى المملكة إلى استقرار السوق البترولية بما يخدم الدول المنتجة والمستهلكة ونمو الصناعة البترولية مع عدم الإضرار بنمو الاقتصاد العالمي. لقد اصبح واضحاً أن الأسعار المنخفضة للغاية تؤثر على إيرادات الدول المنتجة وإمكانات نموها وتؤثر على الاستثمار في مراحل الصناعة البترولية مما يؤثر على سلامة وأمن الإمدادات. كما أن الأسعار المرتفعة للغاية تؤثر على اقتصادات الدول النامية المستهلكة وتؤثر على نمو الطلب العالمي. لذلك فإن التغيرات الحادة في الأسعار لا تخدم الدول المنتجة أو المستهلكة أو الاقتصاد العالمي ، مما يستدعي تكاتف الجهود لتحقيق الاستقرار في السوق البترولية. وقد عملت المملكة على تنسيق جهود الدول المنتجة وفتح قنوات الحوار مع الدول المستهلكة لتحقيق ذلك الاستقرار. واصبح من الواضح أيضاً أن اهتمام الدول المستهلكة بموضوع أمن الإمدادات البترولية أي استمرارها بدون انقطاع يقابله اهتمام من الدول المنتجة بموضوع أمن الطلب أي استمرار نمو الطلب عليه بدون قيود تمييزية. وقد عملت المملكة على طمأنة الدول المستهلكة باستمرار الإمدادات عن طريق التدخل لتعويض أي انقطاع طارئ في الإمدادات وقامت من اجل ذلك ببناء طاقة إنتاجية عالية منها اكثر من مليوني برميل يومياً غير مستغلة لغرض مقابلة ذلك الاحتمال. وقامت أيضاً بالمشاركة في محطات تكرير البترول في الأسواق الرئيسية وبناء أسطول ناقلات ضخم لغرض ضمان استمرار تدفق الزيت إلى تلك الأسواق. وتدعو المملكة إلى إنهاء المعاملة التمييزية للبترول في الأسواق الرئيسية عن طريق خفض العبء الضريبي على المنتجات لكي ينمو الطلب بشكل طبيعي وتنمو تجارة البترول بين الدول لما فيه سلامة الاقتصاد العالمي. إن ركائز السياسة البترولية السعودية تقوم على: * استقرار أسواق البترول. * التعاون مع الدول المنتجة والمستهلكة. * استمرار نمو الطلب على البترول متوافقاً مع النمو الاقتصادي العالمي. * بناء صناعة بترولية وطنية ذات كفاءة وقدرة على المنافسة. * بناء قنوات للحوار مع جميع الدول في موضوعات الطاقة والبيئة والتقنيات التي تساعد على التوافق بينهما. المملكة وتطورات السوق هيمنت على أسواق النفط العالمية خلال الفترة من يونيو 2003 إلى يونيو 2004. ثلاثة تطورات مهمة حسب دراسة أعدها مؤخرا الدكتور وليد خدوري رئيس تحرير نشرة ميس قبرص. كان أولها ارتفاع أسعار النفط إلى أرقام قياسية. ثانيا، بروز تطورات صناعية مهمة في عدد من الأقطار الخليجية. وأخيرا، هيمنة الهاجس الأمني على صناعة النفط الخليجية وانعكاساته الإقليمية والعالمية. ومن المتوقع أن تترك تطورات العام ،2004 منفردة ومجتمعة، أثارا بالغة وطويلة المدى على الصناعة البترولية الإقليمية والدولية. أن ارتفاع الأسعار لم يكن حدثا مفاجئا، بل سبقته عدة تطورات مهمة على الساحة النفطية أدت إلى الوصول إلى هذه الأسعار القياسية. فخلفية الحدث الذي استقطب اهتمام الاقتصاد الدولي والسياسة العالمية في منتصف عام 2004 تحوم حول عاملين أساسيين ظهرا إلى حيز الوجود في السنوات الأربع السابقة: الأول، سياسة منظمة أوبك الناجحة للتحكم في السوق النفطي من أجل استقرار سعر سلة نفوط أوبك على مستوى 25 دولاراً للبرميل الواحد، وهذا هو ما حصل خلال السنوات الأربع الأولى من هذا العقد. وبالفعل فقد كان معدل سعر سلة نفط أوبك خلال الفترة من 2000 إلى 2004 حوالي 25.50 دولار للبرميل الواحد. ويعزى السبب الرئيسي وراء هذه السياسة الهادفة إلى تلافي تجربة انهيار الأسعار في عام 1998 والربع الأول من عام 1999 وحاجة معظم الدول المنتجة لريع نفطي أعلى من أجل سداد المصاريف الحكومية المتزايدة من معاشات ورواتب تقاعد ونفقات أمنية . الثاني، ولربما كان أكثر أهمية، هو الزيادة الكبيرة المقدرة ب 10% سنويا في كلفة الاستكشاف والتنقيب والإنتاج للنفط في الأقطار من خارج أوبك، ناهيك عن خيبة الأمل الكبرى في العثور على الحقول الضخمة التي يمكن أن تعوض عن النفط المنتج وتوفير نفط كافٍ للطلب المستقبلي. وبالفعل نجد أن الزيادة في الإنتاج من الدول خارج أوبك لا تتعدى في أحسن الأحوال حوالي مليون برميل يوميا، بينما الطلب الجديد على النفط في عام 2004 يزيد على مليوني برميل يوميا. ورغم هذه العوامل المهمة والجديدة على الساحة النفطية، فقد خيمت حالة من التشاؤم على أسعار النفط طوال النصف الثاني من عام 2003 حتى الربع الأول من العام التالي. وقد تركت هذه الحالة النفسية بصماتها على طريقة تعامل الأسواق مع الحالة النفطية مما أدى، فيما أدت إليه، إلى تبني سياسات قادت إلى زيادة الأسعار في الربع الثاني من عام 2004 وإيصال سعر النفط الأمريكي إلى معدلات قياسية زادت على 42 دولاراً للبرميل الواحد. أجمعت التوقعات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة في وزارة الطاقة الأمريكية وسكرتارية منظمة أوبك خلال النصف الثاني من عام 2003 على أنه في حال استمرار أنماط الإنتاج العالية وفي ضوء التوقعات السلبية نسبيا بخصوص النمو الاقتصادي العالمي، فإن الطلب الدولي على النفط سيكون منخفضا في عام 2004 وبالذات في الربع الثاني وبحدود 2 إلى 2.50 مليون برميل يوميا أقل من الربع الأول. وفي ضوء هذا الإجماع من قبل أهم ثلاث مؤسسات متخصصة قام المضاربون في أسواق نيويورك النفطية ببيع كميات كبيرة من البراميل الورقية المتوافرة لديهم تحسبا لانخفاض أسعار النفط واعتقادا منهم أن منظمة أوبك مهتمة أكثر بسياسة الإنتاج القصوى وحيازة أكبر حصة من الأسواق بدلا من دعم الأسعار. ارتفاع الطلب على النفط ارتفع الطلب على النفط مؤخرا بشكل مفاجئ وبمعدلات أعلى بكثير من الأنماط السائدة في السنوات الأخيرة. فبدلا من أن يزداد الطلب العالمي بحدود مليون برميل يوميا، أو حتى أقل من ذلك، كما حدث في السنوات الماضية، بدأ يتضح في الأشهر الأولى من عام 2004 أن زيادة الطلب خلال هذا العام هي بحدود مليوني برميل يوميا أو حتى أكثر، وأن نصف هذه الزيادة تقريبا هي من الولاياتالمتحدةوالصين. فقد ارتفع الطلب في الصين، مثلا، حوالي 10% في عام 2003 ليصل إلى 5.6 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن يرتفع حوالي 650 ألف برميل يوميا إضافيا، أو 12% تقريبا في عام 2004. كما أن السبب في هذه الزيادة التي فاجأت الجميع، دون استثناء، هو التحسن الذي طرأ على أداء الاقتصاد العالمي ومن ثم الزيادة في الطلب على النفط. ومن المعروف أن الطلب على النفط يرتفع أو ينخفض بعد ستة أشهر تقريبا من التغيرات في النمو الاقتصادي العالمي. ومما أدى إلى تفاقم الأمور أيضا الاضمحلال التدريجي للطاقة الإنتاجية الفائضة عند معظم أقطار أوبك، ما عدا المملكة. فمن المعروف أن الأغلبية الساحقة من الأقطار المنتجة غير الأعضاء في منظمة أوبك تنتج بأقصى طاقتها بصفة مستمرة، ومن ثم لا يتوافر لهذه الدول المرونة الكافية لتلبية الأسواق عند فترة الأزمات، كما هو الوضع في الفترة قيد البحث. أما بالنسبة لأقطار أوبك، فإن تاريخ المنظمة يشير بشكل عام إلى أنه مع ارتفاع الأسعار تقوم الدول الأعضاء بالإنتاج بالطاقة القصوى المتوافرة لديها بغض النظر عن اتفاقيات الحصص المعقودة في إطار المنظمة. وهناك سببان لذلك. الأول، أن الدول المعنية تحاول جني أعلى ريع نفطي ممكن مستفيدة من فرصة الأسعار العالية. الثاني، أن هناك طلبا على النفط من قبل الشركات العالمية التي تعمل للحصول على الكميات اللازمة لمصافيها أو للإضافة إلى مخزونها التجاري. اضمحلال الطاقة الإنتاجية الفائضة هيمن هذا الوضع الدقيق لمستوى الطاقة الإنتاجية المتوافرة منذ بداية عام 2004. فقد كان من الواضح للمراقبين أن معظم الدول تنتج بكامل طاقتها تقريبا، ما عدا المملكة. إلا أن الإحصائيات والتنبؤات المتوافرة من قبل المؤسسات المتخصصة كانت تشير إلى احتمال انخفاض كبير في الطلب على النفط في ربيع عام 2004 ومن ثم انصب اهتمام منظمة أوبك في الشهرين الأولين من السنة على تخفيض الفائض الإنتاجي لسحبه من الأسواق قبيل حلول فصل الربيع والانهيار المحتمل في الأسعار. الآثار المترتبة على ارتفاع الأسعار إن ارتفاع أسعار النفط في حد ذاته أمر طبيعي، ومن المفروض أن يكون أمرا ترحب به الدول المنتجة، وبالذات مع الأخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم العالمية والفرق في قيمة العملة ما بين الدولار (عملة صناعة النفط الدولية) وبقية العملات العالمية. فعلى سبيل المثال، لقد تراجع سعر صرف الدولار مقابل اليورو عام 2002 في حدود 5%، ثم عاد وفقد حوالي 16% من قيمته في عام 2003. وبالفعل نجد أن السعر الحقيقي لبرميل النفط اليوم هو حوالي 20 دولاراً مقارنة بالقيمة الاسمية التي تتراوح بين 30 إلى 40 دولاراً. إلا أن المسؤولين السياسيين في الولاياتالمتحدة وأوروبا ألقوا اللوم على أقطار المنظمة، عن جهل أو عن قصد. فالكلام عن ضرورة قيام أوبك بزيادة الإنتاج يفترض أن هناك نقصا في السوق أو أن المصافي لا تعمل بطاقة عالية جدا أو أن الشركات تطلب النفط ولا تجد من يزودها به. إن استعمال أوبك كشماعة لإلقاء اللوم عليها بدلا من السياسات الصناعية والبيئية والضريبية الغربية أصبح أمرا مألوفا في صناعة النفط العالمية، وبالذات عندما تتغاضى الدول الأوروبية واليابان عن الضرائب الباهظة التي تفرضها على المنتجات البترولية والتي تشكل حوالي 70% إلى 80% من السعر النهائي للكلفة التي يدفعها المستهلك في نهاية المطاف. إلا أنه رغم كل هذا، فإن الخوف من مسلسل زيادة الأسعار هو السرعة التي ارتفعت بها الأسعار والمستوى العالي الذي وصلت إليه. فالمهم بالنسبة للمستهلك والدول المستوردة للنفط ليس ارتفاع الأسعار في حد ذاته، بل زيادتها السريعة والمفاجئة، لأثر ذلك في الميزانية المنزلية للمواطن وميزان المدفوعات للدول والخوف من حدوث أي شحة مفاجئة قد تؤثر في قطع أو تأخير الإمدادات وأثر ذلك في الحياة العامة في الدول من توفير الكهرباء والبنزين. أما بالنسبة للدول المنتجة، فإنه رغم الزيادة الكبيرة في الإيرادات المالية في المدى القريب، إلا أن الخوف هو تأثير الارتفاع السريع في برامج بدائل الطاقة في الدول الصناعية، وبالذات في تسريع الأبحاث في تطوير السيارة الهجينة. فقطاع المواصلات هو آخر معقل للنفط، وأي محاولات لإحلال البدائل في هذا القطاع ستؤثر سلبا في الطلب على البنزين في المدى البعيد.وقد أشارت دراسة صدرت عن وكالة الطاقة الدولية بعنوان "تحليل لتأثير أسعار النفط العالية في الاقتصاد العالمي"، والمنشورة بتاريخ 3 مايو 2004 إلى أن استمرار ارتفاع الأسعار ما بين 25 و35 دولاراً للبرميل ولفترة طويلة ومستمرة سيسفر عن انخفاض مقداره 0.4% في ناتج الدخل القومي للدول الصناعية الغربية خلال السنتين الأوليين، وأن التضخم سيزداد بمعدل 0.5% وسترتفع معدلات البطالة. أما في الدول النامية، والتي تعتمد أكثر وأكثر على استيراد واستعمال النفط ولا توجد لها الوسائل والإمكانات الكافية لإحلال البدائل محل النفط، فإن خسارة ناتج الدخل القومي ستكون في حدود 0.8% في آسيا و1.6% في الدول الأكثر فقرا، هذا في حال ارتفاع أسعار النفط حوالي 10 دولارات خلال سنة واحدة. رؤية رئيس ارامكو "تعد موثوقية إمدادات الطاقة من الأمور الأساسية بالنسبة لدول العالم إذا أرادت تحقيق المكاسب الاقتصادية للإنتاجية العالية والفوائد الاجتماعية الناتجة عنها"."توجه معظم استثماراتنا بصفتنا منتجين للزيت والغاز لإثبات قدرتنا في المحافظة على الاستمرارية في إمداد منتجاتنا دون انقطاع. ومع أن مثل هذه التكاليف تشكل عبئاً باهظاً، غير أنها هامة لاستمرارية إمداد الطاقة. ولا يمكن لأي أحد أن يتخلى طويلاً عن هذا الدعم الذي لا غنى عنه".