التفاعل مع «تويتر» والاستمرار فيه يتطلب ما هو أكثر من الذكاء والمعرفة والعلم، إنه يتطلب شخصية لديها القدرة على احتمال الآراء المضادة، بل حتى المواقف الاستفزازية أو ما يمكن أن نسميه شيئاً من الذكاء الانفعالي. هناك.. لا يمكن لأيّ منّا تفادي هجوم الآخرين عليه ودون مبرر أحياناً، سواء أساؤوا فَهم تغريدته أو اختلفوا معه أو تقصَّدوا إيذاءه وتطفيشه ودحرجة مزاجه للأسفل. ولهذا دائماً ما أكرّر أننا لا نستطيع ترويض وحوش «تويتر» بمجرد التغاضي عنهم أو تجاهلهم، إنما يحتاج الأمر إلى معرفة وإلمام بالسلوك الإنساني وإلى زاد معرفي حقيقي يمكن من خلاله توجيه رسالة إلى المغرّد المُشاكس، وبأنه أمام ذاتٍ على درجة من القوّة والرّحابة في تقبل الآخر والاختلاف معه حدّ الحافة.. بالحافة. يتمنى العديد من المغردين مثلاً أن يمتلكوا برودة أعصاب المغرد «نايفكو Naifco »، ولكنّ القدرة على تحريك دفّة الانفعالات لا يعني أن يكون الشخص بارداً كما يظنّون أو مُتحجراً، أو قاسياً، إنّما يعني أنه يستطيع مراقبة انفعالاته السلبية.. وتحقيق التوازن. عدم إمكانية التوقّع.. هي اللعبة التي يجيدها «نايفكو» أمام متابعيه، حيث لا يمكن أن تتوقع أيّ نوع من الردود يمكن أن يعلّق بها على من أساء إليه، مهما حاول المغردون مجاراته أو تقليده في الهاشتاق الذي كان بعنوان (#غردكأنكنايفكو). بعض الأفراد لا يتعاملون مع «هوامير تويتر» كأشخاص يستحقون الاحترام والتقدير، بل كشيء يستحق الامتهان والنهب، فإقبالهم على الرد أو التغريد ليس إقبال المُحب بل إقبال المنتقم، أقصد ذلك الذي ينهب الحياة ولا يعطيها شيئاً. إنهم ينظرون للآخرين بمبدأ القبح والخطأ باعتبار أن النوايا الصافية ليس لها وجود، وأن «الهامور» لم يصبح كذلك إلاّ لأنه أعتاد النهب مثلهم، وأنه لا قانون يحكم العلاقات الاجتماعية إلا قانون القوة التي لا يستطيع ممارستها في الواقع، فيلجأ إليها بكل اندفاع في مواقع التواصل الاجتماعي متخفياً وراء اسم مستعار، وأحياناً يتجرأ بوضع ما يشير إليه، أي بما يثبت أنه (بايعها) دون خوفٍ من واقع افتراضي أو عقاب. ويبدو أن «نايفكو» قد أدرك ذلك منذ البدء، مما جعله يبتكر طريقة للتسامي على فنون المخطئين عليه والشاتمين، كاستخدامه معنى الشتيمة وتقديمها كمعلومة، وكأنّ المفردة حمّالة أوجه، وأن الوجه الذي يستخدمه «نايفكو» دوماً.. هو الوجه الإيجابي، مهما كانت المفردة المستخدمة ضدّه قبيحة وسلبية، وهذا تماماً ما يجعله يحقق انتصاراً حقيقياً وإنسانياً سواء باعتذار الخصم أو بانسحابه وانتقاله من صفّ الوحوش «التويتريين» إلى صف ال«بني آدميين». ماجستير تربية خاصة - مدرب معتمد