اليوم - السعودية يوجد من خلق الله أناس «جاهزون» لضرب الدفوف على أية قضية، وإحياء المناحات، وتوزيع الشتائم بسخاء وبلغة حزبية وبذاءات لا حدود لها. ويجري تسخين المعركة في «تويتر» إلى أبعد من أي حدود متخيلة لحوار بشري، يتجاوز حدود أي تعبير لكائن حيواني، إذا لاحظنا أن وحوش الغابات تدافع عن نفسها وعن بقائها وعيشها بشراسة، لكنها لا تستمتع بإهانة ضحاياها وتعذيبها، ولا تنطق ببذاءات دونية يطلقها البشر ببساطة وبأكثف ما يمكن تخيله من الانحطاط ولواعج نفوس مريضة. وتجري حالياً معركة حامية الوطيس بأشنع الألقاب والأوصاف والنعوت، تعليقاً على التطورات الأخيرة بين دول الخليج. وانقسم النظارة ليس إلى قسمين، بل إلى «معسكرين» يتقاذف تابعوهما بأقذع المفردات عدوانية، وتمارس «فنون» السباب والبذاءات بمتعة، ويجري انتاج سريع لكل مفردات التقريع، بما فيها تلك التي يتنافح فيها قوم (من الطرفين) يفترض أنهم حكماء وعقال وربما «كبراء» يحولهم «تويتر» إلى «براميل» تترى بالشتائم والانفعالات الصبيانية. أما المعرفات الوهمية والمستعارة، وأدوات الطابور الخامس، فقد حولت القضية إلى «عرس» وفرصة لا تعوض لتحريض الطرفين على «تعر جماعي» و«قطعة.. قطعة» وعلى المزيد من كيل الشتائم و«التنفيس» عن لواعج المكبوتات الشرسة العدوانية. ورأيت بعض الذين دخلوا الحفلة لم يتعروا ببطء كما يفترض في الأدبيات الرومانسية، وإنما «يدرعمون» ويقتحمون الحلبة وهم عراة «ربي كما خلقتني». ويختطف المتطرفون المتغطرسون والمحرضون المشهد، إلى درجة أن العقال والوسطيين، خشية اتهامهم بما ليس فيهم، يضطرون لاعتزال القضية، والاكتفاء بمداواة جراحهم وآلامهم التي أحدثتها بذاءات الطرفين. هذه هي سلائق المنصات العامة، ومناقب مريدي «العروض» تخرج أمراضها في كل مكان لا تحكمه قيود أو ضوابط. وقد رأينا تغريدات لأمريكيين وغربيين، خاصة في معارك تويتر، تنضح بكل السوءات، مع الاختلاف إن الجمهور الغربي، بعمومه، لا يعادي الوسطيين، ولا يسفههم، ولا يصنفهم أعداء، بينما في مضاربنا الشرقية، إن لم تكن معي فأنت ضدي، و«ما أريكم إلا ما أرى». وقد حاولت مغردة أن تكون وسطية وأن تهدي النفوس، فانهال عليها مغرد، يفترض أنه «مثقف» فهددها بالطرد من جناته إن لم تصف في معركة حزب «الفئة الناجية» و«خط الإخوان»، وتخيلت لو كانت قريبة منه لأمسكها من شعرها وانهال عليها «ترفيساً» حتى يخرج منها «جني الوسطية» و«وساوسه» وتلبيساته. وتر هذه الوشائج، وخصل مخضبة برائحة المطر.. وشيح ندي.. قمرنا.. وسماؤنا تتلألأ بأوسام الضوء.. مثلما يتهيأ غضا وادي العوشز لوبل المواسم.. نتبادل فصائل الدم، وضوح سهيل البهي.. وأناشيد يبرين لولاهى الواحات. [email protected]