لا يختلف اثنان في العالم على أن الإعلام هو السلطة الرابعة ومرآة المجتمع التي تعكس همومه وواقعه بموضوعية ومهنية بحثا عن الحلول والتطوير ومصلحة المواطنين. هذا طبعا هو المفترض! ولا يخفى على أحد أن إعلامنا الاقتصادي بتقاريره وكتاب رأيه، قادر جدا على الانتقاد وتصيد الأخطاء. في المقابل، أين هي الحلول التي يطرحها والدراسات التي ينشرها والإحصائيات والتصنيفات التي يقدمها؟ إعلامنا الاقتصادي يعاني من أزمة مهنية حقيقية جمدت دوره التنموي ومساهمته المطلوبة في نهضة المجتمع. صحفنا المحلية نادرا ما تقدم دراسة مفيدة تؤدي إلى حراك في البيئة الاقتصادية أو الإدارية، سواء على مستوى القطاع العام أو الخاص، فهل تذكرون تقريرا اقتصاديا واحدا كان له وقعه في السنة الماضية؟ وبسبب تكاسلها أو غفلتها، تركت صحافتنا الاقتصادية أبواب البلد مفتوحة للمطبوعات الأجنبية لتقيم أداء الشركات والقطاعات الاقتصادية والجهات الحكومية وتصنف أثرياءنا كيفما ارتأت. متى سنرى قوائم تصنيف شفافة وذات مصداقية تصنّف الشركات حسب أدائها في مختلف القطاعات؟ كيف سنعرف جدوى الإصلاحات الحكومية بدون دراسات عن فعالية وفاعلية تقديم الخدمات الإدارية لمختلف الدوائر الحكومية؟ الصحافة السعودية الورقية بنسخها الإلكترونية لا تزال المصدر الأول للمعلومة في أي دراسة جادة، ولكنها للأسف لا تتعدى في طرحها نقل المعلومة الحكومية عن مسؤول أو توقع رجل أعمال حول قطاع ما أو تلخيص نتائج دراسة أحد بيوت الاستشارات التي ترغب في نشر اسمها! أين الدراسات المتعمقة التي تكشف أحوال قطاعاتنا الاقتصادية؟ متى سنرى قوائم تصنيف شفافة وذات مصداقية تصنّف الشركات حسب أدائها في مختلف القطاعات؟ كيف سنعرف جدوى الإصلاحات الحكومية بدون دراسات عن فعالية وفاعلية تقديم الخدمات الإدارية لمختلف الدوائر الحكومية؟ من سيقوم بتمحيص المعلومة أو الدراسة التي يقدمها المسؤول أو التاجر أو الشركة الاستشارية؟ إن تقاعس إعلامنا الاقتصادي عن دوره الوطني الحقيقي كشريك في التنمية أدى إلى فقده للمصداقية وخسارة الاقتصاد الوطني لجهة رقابية كانت ستعزز من أداء جميع قطاعاته، والخاسر الأكبر أخيرا في ذلك هو بكل تأكيد المواطن. لقد أشبعنا هذا الإعلام من دور الرقيب الذي لا بصيرة له، وحان الوقت الذي تقوم فيه مجالس إدارات الصحف المحلية بحركة تصحيح استراتيجية تستثمر من خلالها في الطاقات البشرية الفاعلة والإمكانيات والموارد في أقسامها الاقتصادية وألا تجبن من الاستثمار في تدريب وتطوير صحافييها لأن ذلك لن يعود عليها إلا بالمزيد من الربحية آخرا. فالجهات الحكومية بحاجة لمن يدرس ويحلل الأداء الإداري والخدماتي لمختلف دوائرها، والشركات السعودية بأمس الحاجة لدراسات وإحصاءات تصنف خدماتها وحصصها السوقية وقدراتها الإدارية والتشغيلية في مختلف قطاعاتها. في السعودية 11 صحيفة ناطقة بالعربية تغطي الأخبار الاقتصادية، وفي كل صحيفة مركز معلومات وكادر صحفي وإداري مختص بشؤون الاقتصاد، وعدد كبير من «الخبراء» و»المختصين» الذين يكتبون لها في الشأن الاقتصادي. كل هذه الإمكانيات، ماذا قدمت؟ ومن يحاسب السلطة الرابعة التي تحاسب الجميع؟ كفانا ترديدا لما كتبه فلان وقوة نقد علان في مقالاته، وأعطونا معلومة مفيدة. Twitter | @alkelabi www.alkelabi.com