فيما يشهد العالم اليوم تطورات متسارعة ومتلاحقة في مجال تقنية المعلومات تولي خطة التنمية التاسعة للمملكة التي تعكف وزارة الاقتصاد والتخطيط على الإعداد لها حالياً مزيداً من الاهتمام بهذا الموضوع وذلك في إطار الجهود الرامية لبناء مجتمع المعلومات الذي يستطيع إنتاج المعلومات والمعارف المتطورة والوصول إليها واستيعاب تدفقها ويعزز الاستفادة منها والتفاعل معها مما يسهم في رفع كفاءة الأداء وزيادة الإنتاجية وتحسين نوعية المخرجات من منتجات وخدمات.. وفي إطار الاهتمام المتزايد الذي توليه المملكة للدور الحيوي الذي تؤديه تقنية المعلومات في عالم اليوم الذي يشهد تطورات متسارعة ومتلاحقة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات تعمل وزارة الاقتصاد والتخطيط وبناء على توجيهات معالي الوزير الأستاذ خالد بن محمد القصيبي على دراسة وتبني مشروع إقامة قاعدة بيانات ومؤشرات تفاعلية متطورة تنظم انتقاء برامج التنمية ومتابعة تنفيذها وقياس أدائها ومدى تحقيق الأهداف المرجوة منها.. كما تعكف الوزارة على تطوير نظام معلوماتي يربطها مع كافة الجهات المنفذة للخطط التشغيلية لجمع بيانات التنفيذ وحساب مؤشرات الأداء ووضع تقارير المتابعة.. ومن المؤمل أن يكون لهذه الأنظمة انعكاسات إيجابية ملموسة على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة خاصة التنمية المتوازنة بين المناطق. وفي إطار الاهتمام العالمي المتزايد بدور تقنية المعلومات في تشكيل ملامح القرن الحادي والعشرين والذي أصبحت تشكل فيه القوة المؤثرة والمحرك الفعال في الاقتصاد العالمي أوضحت دراسة لوزارة الاقتصاد والتخطيط حول دور تقنية المعلومات في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن مواجهة التحديات التي نتجت من التطورات غير المسبوقة في تقنية المعلومات استوجب وضع سياسات من أجل توظيفها في إحداث التنمية الشاملة، وتحليل البيئة الخارجية لاستقراء الفرص المتاحة، وتحديد نواحي القوة للاستفادة منها، ونواحي الضعف لمعالجتها من خلال التنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وأشارت الدراسة إلى أنه انطلاقاً من أهمية تقنية المعلومات في تعزيز الأمن بمفهومه الشامل، تم عقد مؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني الذي نظمته رئاسة الاستخبارات العامة في شهر ذي القعدة المنصرم تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - قدمت خلاله العديد من الأوراق العلمية، التي تناولت مختلف جوانب الموضوع مثل: دور تقنية المعلومات في تعزيز الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ودورها في خدمة رجال الأمن والتطبيقات التقنية في مجال الأمن الوطني. وتركزت الدراسات والأبحاث المقدمة للمؤتمر حول تطبيقات تقنية المعلومات ودورها في رصد العديد من الظواهر ومنها آثار تقنية المعلومات على الأمن الاقتصادي وتوظيفها في رصد مظاهر الجرائم الاقتصادية والحد منها، وأنماط تقنية المعلومات المستخدمة في حماية المواقع المالية والاقتصادية، والأساليب الالكترونية في تداول النقود وسبل حمايتها، واستشراف المخاطر التي تهدد الاقتصاد الوطني.. اضافة إلى أنظمة حماية وأمن مراكز المعلومات وشبكات الانترنت وأنظمة الرقابة والتحكم والتتبع الالكتروني وأنظمة معالجة البيانات والاستخلاص والاستشراف المعرفي وغيرها من الموضوعات. وأكدت الدراسة على أن البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات تعد بمثابة الشرط اللازم للانتقال إلى الاقتصاد المبني على المعرفة، موضحاً أن الخدمات الهاتفية وانتشار الحواسيب الشخصية ومدى انتشار الانترنت تشكل أهم عناصر هذه البنى التحتية.. مشيرة إلى أن هناك عدة سمات تميز اقتصاد المعرفة، مثل مدى الاهتمام بالبحث العلمي والتطوير التقني والابتكار والقدرة التنافسية في مجال إنتاج ونشر المعرفة واستثمارها، مشددة على أن العنصر الأساسي المميز للمجتمع هو إنتاج المعرفة واستثمارها واعتبارها إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الذي تحل فيه المعرفة محل العمل ورأس المال من حيث الأهمية، أي أن تقنية المعلومات والاتصال وغيرها من التقنيات المتقدمة هي التي تؤدي الدور الرئيس في اقتصاد المعرفة، وتساعد على قيامه وتعطيه خصائصه ومقوماته، وهي التي تغير في أسس التنظيم والإنتاج الصناعيين، بحيث يجري تقييم السلعة ليس بما يدخل في تكوينها من مواد خام أو ما يبذل في إنتاجها من مجهود أو ما ينفق عليها من رأس المال فحسب وإنما بمقدار المعرفة التي أدت إلى اختراعها وإنتاجها. وأضافت الدراسة بأن المعرفة هي أهم عامل في الإنتاج، ومن هذه الناحية فإنها تفوق رأس المال والجهد المبذول في العمل، وأن الذي يحدد قيمة السلعة أو الخدمة المعرفية في المقام الأول هو الابتكار والفكر الكامن وراء اختراعها، كما تتميز المعرفة بصعوبة قياس مساهمتها في عملية الإنتاج، وذلك بعكس الحال بالنسبة لعناصر الإنتاج الأخرى، كما تتميز بمقدرتها الكبيرة على الانتقال والانتشار إذا توفرت الوسائل والأدوات الملائمة، ومن هذا المنطلق تحاول الدول المنتجة للمعرفة إخضاع انتقال التقنية والشبكات الالكترونية للرقابة الصارمة، وإثارة قضية الملكية الفكرية في المحافل الدولية، وفرض شروط قاسية وأسعار عالية على بيع المعرفة التي تنتجها أو على السماح باستخدامها، مما يحد من فرص استفادة الدول النامية منها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وأوضحت الدراسة ان توفر البيانات والمعلومات هو الأساس الذي تقوم عليه تقنية المعلومات.. وذلك كونها من أهم مكونات الحياة المعاصرة، ولصلتها بكل المجالات والأنشطة، وهي المحدد الرئيسي لصنع القرار. وتعد من حيث الأهمية كالموارد الطبيعية في الإسهام في الدخل القومي، وهي كأي مورد طبيعي عرضة للضياع وسوء الاستغلال إذا افتقرت إلى التنظيم السليم. ومن هذا المنظور، تولي الدول المتقدمة قطاع المعلومات اهتماماً كبيراً، وتنفق عليه أموالاً طائلة، وأصبح إنتاج المعلومات والبيانات وتجهيزها وتوزيعها من الأنشطة الاقتصادية الرئيسية ومن القطاعات الهامة في توظيف الأيدي العاملة في كثير من الدول، وقد انعكس ذلك على نمو هذا القطاع بمعدلات تفوق معدل نمو الاقتصاد العالمي. وأضافت الدراسة بأن البيانات والمعلومات الإحصائية تعد من أهم المدخلات الضرورية لإعداد الخطط التنموية التي يعتمد نجاحها في تحقيق الأهداف بدرجة كبيرة على مدى توفر البيانات والمعلومات الدقيقة والكافية. كما أن توفرها للقطاع الخاص ضروري لترشيد قراراته المتصلة بالإنتاج والاستهلاك والاستثمار، ويؤدي عدم توفرها بالجودة المطلوبة في التوقيت المناسب إلى عجز الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستقبلية عن تحقيق أهدافها، كما تعزى أهميتها الى دورها في بناء المؤشرات التي تقيس مدى تحقيق الخطة لأهدافها، والتعرف على الوضع الراهن، وتسليط الضوء على المجالات التي تعاني من نقص في الموارد، فضلاً على أنها وسيلة فاعلة تمكن من متابعة تنفيذ الخطة وتقييم الآثار المترتبة على السياسات التنموية المختلفة. وأكدت الدراسة أن توفر البيانات والمعلومات اللازمة لإعداد الخطة في حد ذاته ليس كافياً، بل هناك حاجة لمعرفة نوعية (جودة) البيانات والمعلومات، وأسلوب جمعها وتحليلها، ودرجة التغطية التي تتسم بها، ومدى مناسبتها ومستوى مصداقيتها وما تتمتع به من شفافية، ومدى الانتظام في إصدارها، ومن هنا فإن الاهتمام بخصائص المعلومات والبيانات ودوريتها ودقتها وتعريفها وطرق جمعها من الأهمية بمكان مما يجعل توفرها من أهم الأولويات عند معالجة أي قضية مطروحة للبحث والدراسة. وأشارت الدراسة إلى أن المملكة أدركت أهمية البيانات والمعلومات وضرورة توفيرها للباحثين والمخططين وصناع القرار ومنفذي السياسات في كافة المستويات فأنشأت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ككيان مستقل يهدف إلى توفير البيانات والمعلومات والإحصاءات الدقيقة وتزويد الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد بما يحتاجون إليه من إحصاءات رسمية. وتشمل البيانات والمعلومات الإحصائية التي تنتجها المصلحة الإحصاءات السكانية والحيوية. والإحصاءات الاجتماعية، وإحصاءات الخدمات الحكومية، وإحصاءات الدخل القومي، وإحصاءات الأسعار والأرقام القياسية لتكاليف المعيشة وغيرها من الإحصاءات. وتستقي المصلحة البيانات والمعلومات من مصدرين أساسيين هما: أولاً: التعدادات والمسوح والأبحاث الإحصائية التي تجريها المصلحة. وثانياً: البيانات المأخوذة من السجلات والنشرات والتقارير الإحصائية التي تصدرها الإدارات الإحصائية ومراكز المعلومات في الأجهزة الحكومية. وتلتزم المصلحة في عملها بتطبيق التوصيات الدولية الصادرة من المنظمات الدولية وتستخدم أحدث التصنيفات العالمية. وأشارت الدراسة إلى ما أولته خطة التنمية الثامنة من اهتمام بالغ بالبيانات والمعلومات الإحصائية فأفردت فصلاً خاصاً بها باعتبارها أحد أهم العناصر الأساسية التي يستند عليها في تخطيط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واعتمدت الخطة دعم الجهود التي تبذل لتطوير المنتجات الإحصائية من حيث الشمولية والدقة والتوقيت، وتحقيق الرؤية المستقبلية في تطوير المنظومة الإحصائية الوطنية المتمثلة في رفع الوعي بأهمية البيانات والمعلومات الإحصائية في نجاح جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز البنية الأساسية للمؤسسات الاحصائية، وشملت أهدافها الرئيسة تحقيق الانسجام والتوافق بين المعلومات والإحصاءات السكانية والاجتماعية والاقتصادية، وإعطاء الأولوية لتعزيز إيجاد المعلومات الإحصائية الأساسية الدقيقة تمشياً مع متطلبات الإدارة الاقتصادية وأولويات التنمية، ونشر المعلومات في الوقت الملائم وبالجودة المطلوبة. وقد تبنت خطة التنمية الثامنة لتحقيق الأهداف المذكورة عدداً من السياسات، منها زيادة التنسيق في مجال البيانات والمعلومات الإحصائية بين مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ومختلف الإدارات الإحصائية ومراكز المعلومات في الأجهزة الحكومية، وتحقيق المزيد من التنسيق والتكامل في نشر المعلومات بما يعزز مصداقية البيانات والمعلومات المنشورة، والعناية بأساليب نقل البيانات والإحصاءات العملية، وتذليل معوقات إجراء المسوح والبحوث الإحصائية العملية.